nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=28987_30351_30440وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=87وألقوا إلى الله يومئذ السلم وضل عنهم ما كانوا يفترون
الذين أشركوا هم الذين ظلموا الذين يرون العذاب ، وهم الذين كفروا والذين لا يؤذن لهم ، وإجراء هذه الصلات الثلاث عليهم لزيادة التسجيل عليهم بأنواع إجرامهم الراجعة إلى تكذيب ما دعاهم الله إليه ، وهو نكتة
[ ص: 247 ] الإظهار في مقام الإضمار هنا ، كما تقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=85وإذا رأى الذين ظلموا العذاب .
فالإشراك المقصود هنا هو إشراكهم الأصنام في صفة الإلهية مع الله تعالى ، فيتعين أن يكون المراد بالشركاء الأصنام ، أي الشركاء لله حسب اعتقادهم ، وبهذا الاعتبار أضيف لفظ ( شركاء ) إلى ضمير الذين ظلموا في قوله تعالى ( شركاءهم ) ، كقول
خالد بن الصقعب النهدي لعمرو بن معد يكرب وقد تحدث
عمرو في مجلس قوم بأنه أغار على
بني نهد ، وقتل
خالدا ، وكان
خالد حاضرا في ذلك المجلس فناداه : مهلا
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبا ثور قتيلك يسمع ، أي قتيلك المزعوم . فالإضافة للتهكم . والمعنى : إذا رأى الذين أشركوا الشركاء عندهم ، أي في ظنهم .
ولك أن تجعل لفظ ( شركاء ) لقبا زال منه معنى الوصف بالشركة ، وصار لقبا للأصنام ، فتكون الإضافة على أصلها .
والمعنى : أنهم يرون الأصنام حين تقذف معهم في النار ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=24وقودها الناس والحجارة .
nindex.php?page=treesubj&link=28987_30440وقولهم nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=86ربنا هؤلاء شركاؤنا إما من قبيل الاعتراف عن غير إرادة ; فضحا لهم ، كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=24يوم تشهد عليهم ألسنتهم ، وإما من قبيل التنصل وإلقاء التبعة على المعبودات ، كأنهم يقولون هؤلاء أغرونا بعبادتهم من قبيل قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=167وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا .
والفاء في فألقوا للتعقيب للدلالة على المبادرة بتكذيب ما تضمنه مقالهم ، أنطق الله تلك الأصنام فكذبت ما تضمنه مقالهم من كون الأصنام شركاء لله ، أو من كون عبادتهم بإغراء منها تفضيحا لهم وحسرة عليهم .
والجمع في اسم الإشارة واسم الموصول جمع العقلاء ; جريا على اعتقادهم إلهية الأصنام .
[ ص: 248 ] ولما كان نطق الأصنام غير جار على المتعارف عبر عنه بالإلقاء المؤذن بكون القول أجراه الله على أفواه الأصنام من دون أن يكونوا ناطقين ، فكأنه سقط منها .
وإسناد الإلقاء إلى ضمير الشركاء مجاز عقلي ; لأنها مظهره .
وأجرى عليهم ضمير جمع العقلاء في فعل ألقوا مشاكلة لاسم الإشارة ، واسم الموصول للعقلاء .
ووصفهم بالكذب متعلق بما تضمنه كلامهم أن أولئك آلهة يدعون من دون الله على نحو ما وقع في الحديث : فيقال
للنصارى : ما كنتم تعبدون ، فيقولون : كنا نعبد
المسيح ابن الله ، فيقال لهم : كذبتم ما اتخذ الله من ولد . وأما صريح كلامهم وهو قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=86هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعو من دونك فهم صادقون فيه .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=86إنكم لكاذبون بدل من القول ، وأعيد فعل ألقوا في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=87وألقوا إلى الله يومئذ السلم ; لاختلاف فاعل الإلقاء ، فضمير القول الثاني عائد إلى الذين أشركوا .
ولك أن تجعل فعل ( ألقوا ) الثاني مماثلا لفعل ألقوا السابق ، ولك أن تجعل الإلقاء تمثيلا لحالهم بحال المحارب إذا غلب إذ يلقي سلاحه بين يدي غالبه ، ففي قوله ألقوا مكنية تمثيلية مع ما في لفظ ألقوا من المشاكلة ، والسلم بفتح اللام : الاستسلام ، أي الطاعة وترك العناد .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=87وضل عنهم ما كانوا يفترون أي غاب عنهم وزايلهم ما كانوا يفترونه في الدنيا من الاختلافات للأصنام من أنها تسمع لهم ونحو ذلك .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=86nindex.php?page=treesubj&link=28987_30351_30440وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا شُرَكَاءَهُمْ قَالُوا رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=87وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ
الَّذِينَ أَشْرَكُوا هُمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا الَّذِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ ، وَهُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَالَّذِينَ لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ ، وَإِجْرَاءُ هَذِهِ الصِّلَاتِ الثَّلَاثِ عَلَيْهِمْ لِزِيَادَةِ التَّسْجِيلِ عَلَيْهِمْ بِأَنْوَاعِ إِجْرَامِهِمُ الرَّاجِعَةِ إِلَى تَكْذِيبِ مَا دَعَاهُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ نُكْتَةُ
[ ص: 247 ] الْإِظْهَارِ فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ هُنَا ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=85وَإِذَا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذَابَ .
فَالْإِشْرَاكُ الْمَقْصُودُ هُنَا هُوَ إِشْرَاكُهُمُ الْأَصْنَامَ فِي صِفَةِ الْإِلَهِيَّةِ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالشُّرَكَاءِ الْأَصْنَامَ ، أَيِ الشُّرَكَاءَ لِلَّهِ حَسَبَ اعْتِقَادِهِمْ ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ أُضِيفَ لَفْظُ ( شُرَكَاءَ ) إِلَى ضَمِيرِ الَّذِينَ ظَلَمُوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ( شُرَكَاءَهُمْ ) ، كَقَوْلِ
خَالِدِ بْنِ الصَّقْعَبِ النَّهْدِيِّ لِعَمْرِو بْنِ مَعْدِ يَكْرِبَ وَقَدْ تَحَدَّثَ
عَمْرٌو فِي مَجْلِسِ قَوْمٍ بِأَنَّهُ أَغَارَ عَلَى
بَنِي نَهْدٍ ، وَقَتَلَ
خَالِدًا ، وَكَانَ
خَالِدٌ حَاضِرًا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَنَادَاهُ : مَهْلًا
nindex.php?page=showalam&ids=11956أَبَا ثَوْرٍ قَتِيلُكُ يَسْمَعُ ، أَيْ قَتِيلُكُ الْمَزْعُومُ . فَالْإِضَافَةُ لِلتَّهَكُّمِ . وَالْمَعْنَى : إِذَا رَأَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا الشُّرَكَاءَ عِنْدَهُمْ ، أَيْ فِي ظَنِّهِمْ .
وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ لَفْظَ ( شُرَكَاءَ ) لَقَبًا زَالَ مِنْهُ مَعْنَى الْوَصْفِ بِالشَّرِكَةِ ، وَصَارَ لَقَبًا لِلْأَصْنَامِ ، فَتَكُونُ الْإِضَافَةُ عَلَى أَصْلِهَا .
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ يَرَوْنَ الْأَصْنَامَ حِينَ تُقْذَفُ مَعَهُمْ فِي النَّارِ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=24وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ .
nindex.php?page=treesubj&link=28987_30440وَقَوْلُهُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=86رَبَّنَا هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا إِمَّا مِنْ قَبِيلِ الِاعْتِرَافِ عَنْ غَيْرِ إِرَادَةٍ ; فَضْحًا لَهُمْ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=24يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمُ أَلْسِنَتُهُمْ ، وَإِمَّا مِنْ قَبِيلِ التَّنَصُّلِ وَإِلْقَاءِ التَّبِعَةِ عَلَى الْمَعْبُودَاتِ ، كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ هَؤُلَاءِ أَغْرَوْنَا بِعِبَادَتِهِمْ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=167وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا .
وَالْفَاءُ فِي فَأَلْقَوْا لِلتَّعْقِيبِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمُبَادَرَةِ بِتَكْذِيبِ مَا تَضَمَّنَهُ مَقَالُهُمْ ، أَنْطَقَ اللَّهُ تِلْكَ الْأَصْنَامَ فَكَذَّبَتْ مَا تَضَمَّنَهُ مَقَالُهُمْ مِنْ كَوْنِ الْأَصْنَامِ شُرَكَاءَ لِلَّهِ ، أَوْ مِنْ كَوْنِ عِبَادَتِهِمْ بِإِغْرَاءٍ مِنْهَا تَفْضِيحًا لَهُمْ وَحَسْرَةً عَلَيْهِمْ .
وَالْجَمْعُ فِي اسْمِ الْإِشَارَةِ وَاسْمِ الْمَوْصُولِ جَمْعُ الْعُقَلَاءِ ; جَرْيًا عَلَى اعْتِقَادِهِمْ إِلَهِيَّةَ الْأَصْنَامِ .
[ ص: 248 ] وَلَمَّا كَانَ نُطْقُ الْأَصْنَامِ غَيْرَ جَارٍ عَلَى الْمُتَعَارَفِ عَبَّرَ عَنْهُ بِالْإِلْقَاءِ الْمُؤْذِنِ بِكَوْنِ الْقَوْلِ أَجْرَاهُ اللَّهُ عَلَى أَفْوَاهِ الْأَصْنَامِ مِنْ دُونِ أَنْ يَكُونُوا نَاطِقِينَ ، فَكَأَنَّهُ سَقَطَ مِنْهَا .
وَإِسْنَادُ الْإِلْقَاءِ إِلَى ضَمِيرِ الشُّرَكَاءِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ ; لِأَنَّهَا مَظْهَرُهُ .
وَأَجْرَى عَلَيْهِمْ ضَمِيرَ جَمْعِ الْعُقَلَاءِ فِي فِعْلِ أَلْقَوْا مُشَاكَلَةً لِاسْمِ الْإِشَارَةِ ، وَاسْمِ الْمَوْصُولِ لِلْعُقَلَاءِ .
وَوَصْفُهُمْ بِالْكَذِبِ مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَضَمَّنَهُ كَلَامُهُمْ أَنَّ أُولَئِكَ آلِهَةٌ يُدْعَوْنَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عَلَى نَحْوِ مَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ : فَيُقَالُ
لِلنَّصَارَى : مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ، فَيَقُولُونَ : كُنَّا نَعْبُدُ
الْمَسِيحَ ابْنَ اللَّهِ ، فَيُقَالُ لَهُمْ : كَذَبْتُمْ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ . وَأَمَّا صَرِيحُ كَلَامِهِمْ وَهُوَ قَوْلُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=86هَؤُلَاءِ شُرَكَاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُو مِنْ دُونِكَ فَهُمْ صَادِقُونَ فِيهِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=86إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ بَدَلٌ مِنَ الْقَوْلِ ، وَأُعِيدَ فِعْلُ أَلْقَوْا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=87وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ; لِاخْتِلَافِ فَاعِلِ الْإِلْقَاءِ ، فَضَمِيرُ الْقَوْلِ الثَّانِي عَائِدٌ إِلَى الَّذِينَ أَشْرَكُوا .
وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ فِعْلَ ( أَلْقَوُا ) الثَّانِيَ مُمَاثِلًا لِفِعْلِ أَلْقَوُا السَّابِقِ ، وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْإِلْقَاءَ تَمْثِيلًا لِحَالِهِمْ بِحَالِ الْمُحَارِبِ إِذَا غُلِبَ إِذْ يُلْقِي سِلَاحَهُ بَيْنَ يَدَيْ غَالِبِهِ ، فَفِي قَوْلِهِ أَلْقَوْا مَكْنِيَّةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ مَعَ مَا فِي لَفْظِ أَلْقَوْا مِنَ الْمُشَاكَلَةِ ، وَالسَّلْمُ بِفَتْحِ اللَّامِ : الِاسْتِسْلَامُ ، أَيِ الطَّاعَةُ وَتَرْكُ الْعِنَادِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=87وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ أَيْ غَابَ عَنْهُمْ وَزَايَلَهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَهُ فِي الدُّنْيَا مِنَ الِاخْتِلَافَاتِ لِلْأَصْنَامِ مِنْ أَنَّهَا تَسْمَعُ لَهُمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ .