nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116nindex.php?page=treesubj&link=28987_29706ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=117متاع قليل ولهم عذاب أليم
عاد الخطاب إلى المشركين بقرينة قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116لما تصف ألسنتكم الكذب ، فالجملة معطوفة على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=112وضرب الله مثلا قرية الآية .
وفيه تعريض بتحذير المسلمين ; لأنهم كانوا قريبي عهد بجاهلية ، فربما بقيت في نفوس بعضهم كراهية أكل ما كانوا يتعففون عن أكله في الجاهلية .
[ ص: 311 ] وعلق النهي بقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116هذا حلال وهذا حرام ، ولم يعلق بالأمر بأكل ما عدا ما حرم ; لأن المقصود النهي عن جعل الحلال حراما ، والحرام حلالا ، لا أكل جميع الحلال ، وترك جميع الحرام حتى في حال الاضطرار ; لأن إمساك المرء عن أكل شيء لكراهية أو عيف هو عمل قاصر على ذاته ، وأما قول
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116وهذا حرام فهو يفضي إلى التحجير على غيره ممن يشتهي أن يتناوله .
واللام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116لما تصف هي إحدى اللامين اللتين يتعدى بهما فعل القول ، وهي التي بمعنى ( عن ) الداخلة على المتحدث عنه فهي كاللام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=168الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا ، أي قالوا عن إخوانهم ، وليست هي لام التقوية الداخلة على المخاطب بالقول .
و ( تصف ) معناه تذكر وصفا وحالا ، كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=62وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى ، وقد تقدم ذلك في هذه السورة ، أي لا تقولوا ذلك وصفا كذبا ; لأنه تقول لم يقله الذي له التحليل والتحريم ، وهو الله تعالى .
وانتصب الكذب على المفعول المطلق لـ ( تصف ) ، أي وصفا كذبا ; لأنه مخالف للواقع ; لأن الذي له التحليل والتحريم لم ينبئهم بما قالوا ولا نصب لهم دليلا عليه .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116هذا حلال وهذا حرام هي مقول تقولوا ، واسم الإشارة حكاية بالمعنى لأوصافهم أشياء بالحل ، وأشياء بالتحريم .
و ( لتفتروا ) علة لـ ( تقولوا ) باعتبار كون الافتراء حاصلا لا باعتبار كونه مقصودا للقائلين ، فهي لام العاقبة ، وليست لام العلة ، وقد تقدم قريبا أن المقصد منها تنزيل الحاصل المحقق حصوله بعد الفعل منزلة الغرض المقصود من الفعل .
وافتراء الكذب تقدم آنفا ، والذين يفترون هم المشركون الذين حرموا أشياء .
[ ص: 312 ] وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=117متاع قليل استئناف بياني في صورة جواب عما يجيش بخاطر سائل يسأل عن عدم فلاحهم مع مشاهدة كثير منهم في حالة من الفلاح ، فأجيب بأن ذلك متاع ، أي نفع مؤقت زائل ، ولهم بعده عذاب أليم .
والآية تحذر المسلمين من أن يتقولوا على الله ما لم يقله بنص صريح ، أو بإيجاد معان وأوصاف للأفعال قد جعل لأمثالها أحكاما ، فمن أثبت حلالا وحراما بدليل من معان ترجع إلى مماثلة أفعال تشتمل على تلك المعاني فقد قال بما نصب الله عليه دليلا ، وقدم لهم للاهتمام زيادة في التحذير ، وجيء بلام الاستحقاق للتنبيه على أن العذاب حقهم لأجل افترائهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116nindex.php?page=treesubj&link=28987_29706وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يَفْلَحُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=117مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
عَادَ الْخِطَابُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ ، فَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=112وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً الْآيَةَ .
وَفِيهِ تَعْرِيضٌ بِتَحْذِيرِ الْمُسْلِمِينَ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا قَرِيبِي عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ، فَرُبَّمَا بَقِيَتْ فِي نُفُوسِ بَعْضِهِمْ كَرَاهِيَةُ أَكْلِ مَا كَانُوا يَتَعَفَّفُونَ عَنْ أَكْلِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ .
[ ص: 311 ] وَعَلَّقَ النَّهْيَ بِقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ ، وَلَمْ يُعَلِّقْ بِالْأَمْرِ بِأَكْلِ مَا عَدَا مَا حَرَّمَ ; لِأَنَّ الْمَقْصُودَ النَّهْيُ عَنْ جَعْلِ الْحَلَالِ حَرَامًا ، وَالْحَرَامِ حَلَالًا ، لَا أَكْلُ جَمِيعِ الْحَلَالِ ، وَتَرْكُ جَمِيعِ الْحَرَامِ حَتَّى فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ ; لِأَنَّ إِمْسَاكَ الْمَرْءِ عَنْ أَكْلِ شَيْءٍ لِكَرَاهِيَةٍ أَوْ عَيْفٍ هُوَ عَمَلٌ قَاصِرٌ عَلَى ذَاتِهِ ، وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116وَهَذَا حَرَامٌ فَهُوَ يُفْضِي إِلَى التَّحْجِيرِ عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ يَشْتَهِي أَنْ يَتَنَاوَلَهُ .
وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116لِمَا تَصِفُ هِيَ إِحْدَى اللَّامَيْنِ اللَّتَيْنِ يَتَعَدَّى بِهِمَا فِعْلُ الْقَوْلِ ، وَهِيَ الَّتِي بِمَعْنَى ( عَنْ ) الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمُتَحَدَّثِ عَنْهُ فَهِيَ كَاللَّامِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=168الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا ، أَيْ قَالُوا عَنْ إِخْوَانِهِمْ ، وَلَيْسَتْ هِيَ لَامُ التَّقْوِيَةِ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْمُخَاطَبِ بِالْقَوْلِ .
وَ ( تَصِفُ ) مَعْنَاهُ تَذْكُرُ وَصْفًا وَحَالًا ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=62وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى ، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ ، أَيْ لَا تَقُولُوا ذَلِكَ وَصْفًا كَذِبًا ; لِأَنَّهُ تَقَوُّلٌ لَمْ يَقُلْهُ الَّذِي لَهُ التَّحْلِيلُ وَالتَّحْرِيمُ ، وَهُوَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَانْتَصَبَ الْكَذِبُ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ لِـ ( تَصِفُ ) ، أَيْ وَصْفًا كَذِبًا ; لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْوَاقِعِ ; لِأَنَّ الَّذِي لَهُ التَّحْلِيلُ وَالتَّحْرِيمُ لَمْ يُنَبِّئْهُمْ بِمَا قَالُوا وَلَا نَصَبَ لَهُمْ دَلِيلًا عَلَيْهِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=116هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ هِيَ مَقُولُ تَقُولُوا ، وَاسْمُ الْإِشَارَةِ حِكَايَةٌ بِالْمَعْنَى لِأَوْصَافِهِمْ أَشْيَاءَ بِالْحِلِّ ، وَأَشْيَاءَ بِالتَّحْرِيمِ .
وَ ( لِتَفْتَرُوا ) عِلَّةٌ لِـ ( تَقُولُوا ) بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الِافْتِرَاءِ حَاصِلًا لَا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَقْصُودًا لِلْقَائِلِينَ ، فَهِيَ لَامُ الْعَاقِبَةِ ، وَلَيْسَتْ لَامَ الْعِلَّةِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا أَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْهَا تَنْزِيلُ الْحَاصِلِ الْمُحَقَّقِ حُصُولُهُ بَعْدَ الْفِعْلِ مَنْزِلَةَ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْفِعْلِ .
وَافْتِرَاءُ الْكَذِبِ تَقَدَّمَ آنِفًا ، وَالَّذِينَ يَفْتَرُونَ هُمُ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ حَرَّمُوا أَشْيَاءَ .
[ ص: 312 ] وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=117مَتَاعٌ قَلِيلٌ اسْتِئْنَافٌ بَيَانِيٌّ فِي صُورَةِ جَوَابٍ عَمَّا يَجِيشُ بِخَاطِرِ سَائِلٍ يَسْأَلُ عَنْ عَدَمِ فَلَاحِهِمْ مَعَ مُشَاهَدَةِ كَثِيرٍ مِنْهُمْ فِي حَالَةٍ مِنَ الْفَلَاحِ ، فَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ مَتَاعٌ ، أَيْ نَفْعٌ مُؤَقَّتٌ زَائِلٌ ، وَلَهُمْ بَعْدَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ .
وَالْآيَةُ تُحَذِّرُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنْ يَتَقَوَّلُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَمْ يَقُلْهُ بِنَصٍّ صَرِيحٍ ، أَوْ بِإِيجَادِ مَعَانٍ وَأَوْصَافٍ لِلْأَفْعَالِ قَدْ جَعَلَ لِأَمْثَالِهَا أَحْكَامًا ، فَمَنْ أَثْبَتَ حَلَالًا وَحَرَامًا بِدَلِيلٍ مِنْ مَعَانٍ تَرْجِعُ إِلَى مُمَاثَلَةِ أَفْعَالٍ تَشْتَمِلُ عَلَى تِلْكَ الْمَعَانِي فَقَدْ قَالَ بِمَا نَصَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ دَلِيلًا ، وَقَدَّمَ لَهُمْ لِلِاهْتِمَامِ زِيَادَةً فِي التَّحْذِيرِ ، وَجِيءَ بِلَامِ الِاسْتِحْقَاقِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْعَذَابَ حَقُّهُمْ لِأَجْلِ افْتِرَائِهِمْ .