[ ص: 41 ] الحق من ربك فلا تكونن من الممترين
تذييل لجملة وإن فريقا منهم ليكتمون الحق ، على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره : هذا الحق ، وحذف المسند إليه في مثل هذا مما جرى على متابعة الاستعمال في حذف المسند إليه بعد جريان ما يدل عليه مثل قولهم بعد ذكر الديار " ربع قواء " وبعد ذكر الممدوح " فتى " ونحو ذلك كما نبه عليه صاحب المفتاح . وقوله فلا تكونن من الممترين نهى عن أن يكون من الشاكين في ذلك والمقصود من هذا . والتعريف في الحق تعريف الجنس كما في قوله الحمد لله وقولهم : الكرم في العرب ، هذا التعريف لجزئي الجملة الظاهر والمقدر يفيد قصر الحقيقة على الذي يكتمونه وهو قصر قلب ; أي لا ما يظهرونه من التكذيب ، وإظهار أن ذلك مخالف للحق .
والامتراء : افتعال من المراء وهو الشك ، والافتعال فيه ليس للمطاوعة ومصدر المرية لا يعرف له فعل مجرد بل هو دائما بصيغة الافتعال ، والمقصود من خطاب النبيء صلى الله عليه وسلم في قوله ولئن اتبعت وقوله فلا تكونن من الممترين تحذير الأمة وهذه عادة القرآن في كل تحذير مهم ليكون خطاب النبيء بمثل ذلك وهو أقرب الخلق إلى الله تعالى وأولاهم بكرامته دليلا على أن من وقع في مثل ذلك من الأمة قد حقت عليه كلمة العذاب ، وليس له من النجاة باب ، ويجوز أن يكون الخطاب في قوله من ربك وقوله فلا تكونن خطابا لغير معين من كل من يصلح لهذا الخطاب .