قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا   
فصلت جملة قال كذلك  لأنها جرت على طريقة المحاورة وهي جواب عن تعجبه . والمقصود منه إبطال التعجب الذي في قوله وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا    . فضمير قال عائد إلى الرب من قوله قال رب أنى يكون لي غلام    . والإشارة في قوله كذلك إلى قول زكرياء وكانت امرأتي عاقرا وقد بلغت من الكبر عتيا    . والجار والمجرور مفعول لفعل قال ربك  ،   [ ص: 72 ] أي كذلك الحال من كبرك وعقر امرأتك قدر ربك ، ففعل قال ربك  مراد به القول التكويني ، أي التقديري ، أي تعلق الإرادة والقدرة . والمقصود من تقريره التمهيد لإبطال التعجب الدال عليه قوله علي هين  ، فجملة هو علي هين  استئناف بياني جوابا لسؤال ناشئ عن قوله كذلك لأن تقرير منشأ التعجب يثير ترقب السامع أن يعرف ما يبطل ذلك التعجب المقرر ، وذلك كونه هينا في جانب قدرة الله تعالى العظيمة    . 
ويجوز أن يكون المشار إليه بقول كذلك هو القول المأخوذ من قال ربك  ، أي أن قول ربك هو علي هين  بلغ غاية الوضوح في بابه بحيث لا يبين بأكثر ما علمت ، فيكون جاريا على طريقة التشبيه كقوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا  ، وقد تقدم في سورة البقرة . وعلى هذا الاحتمال فجملة هو علي هين  تعليل لإبطال التعجب إبطالا مستفادا من قوله كذلك قال ربك  ، ويكون الانتقال من الغيبة في قوله قال ربك  إلى التكلم في قوله هو علي هين    - التفاتا . ومقتضى الظاهر : هو عليه هين . والهين بتشديد الياء : السهل حصوله . 
وجملة وقد خلقتك من قبل  على الاحتمالين هي في موضع الحال من ضمير الغيبة الذي في قوله هو علي هين  ، أي إيجاد الغلام لك هين علي في حال كوني قد خلقتك من قبل هذا الغلام ولم تكن موجودا ، أي في حال كونه مماثلا لخلقي إياك ، فكما لا عجب من خلق الولد في الأحوال المألوفة كذلك لا عجب من خلق الولد في الأحوال النادرة  إذ هما إيجاد بعد عدم . ومعنى ولم تك شيئا    : لم تكن موجودا . 
 [ ص: 73 ] وقرأ الجمهور وقد خلقتك  بتاء المتكلم . 
وقرأه حمزة  ،  والكسائي  ، وخلف ( وقد خلقناك ) بنون العظمة . 
				
						
						
