قل ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم .
أطلع الله رسوله على نجواهم ، فلم يتم لهم ما أرادوا من الإسرار بها ، فبعد أن حكى ما تناجوا به أمره أن يخبرهم بأن الله الذي علم نجواهم يعلم كل قول في السماء والأرض من جهر أو سر ، فالتعريف في " القول " للاستغراق ، وبذلك كان هذا تذييلا ، وأعلمهم بأنه المتصف بتمام العلم للمسموعات وغيرها بقوله : وهو السميع العليم .
[ ص: 15 ] وقرأ الجمهور " قل " بصيغة الأمر . وقرأ حمزة والكسائي ، وحفص ، وخلف " قال " بصيغة الماضي ، وكذلك هي مرسومة في المصحف الكوفي ، قاله أبو شامة ، أي : قال الرسول لهم ، حكى الله ما قاله الرسول لهم ، وإنما قاله عن وحي ، فكان في معنى قراءة الجمهور ( قل ربي يعلم القول ) ؛ لأنه إذا أمر بأن يقوله : فقد قاله .
وإنما لم يقل يعلم السر لمراعاة العلم بأن الذي قالوه من قبيل السر وأن إثبات علمه بكل قول يقتضي إثبات علمه بالسر وغيره ؛ بناء على متعارف الناس . وأما قوله : في سورة الفرقان : قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض فلم يتقدم قبله ذكر للإسرار ، وكان قول الذين كفروا : إن هذا إلا إفك افتراه صادرا منهم تارة جهرا وتارة سرا ، فأعلمهم الله باطلاعه على سرهم . ويعلم منه أنه مطلع على جهرهم بطريقة الفحوى .