nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=28999_31914وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون يدل الكلام على أن الذين انتشلوه جعلوه بين أيدي
فرعون وامرأته فرقت له امرأة
فرعون وصرفت
فرعون عن قتله بعد أن هم به ؛ لأنه علم أن الطفل ليس من أبناء القبط بلون جلوته وملامح وجهه ، وعلم أنه لم يكن حمله النيل من مكان بعيد لظهوره أنه لم يطل مكث تابوته في الماء ولا اضطرابه بكثرة التنقل ، فعلم أن وقعه في التابوت لقصد إنجائه من الذبح . وكان ذلك وقت انتشاله من الماء وإخراجه من التابوت .
nindex.php?page=treesubj&link=31914وكانت امرأة فرعون امرأة ملهمة للخير وقدر الله نجاة موسى بسببها . وقد قال تعالى في شأنها
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=11وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين [ ص: 78 ] وهي لم تر عداوة
موسى لآل
فرعون ولا حزنت منه ؛ لأنها انقرضت قبل بعثة
موسى .
وامرأة
فرعون سميت
آسية كما في الحديث المروي عن النبيء صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342295كمل من الرجال كثير ، nindex.php?page=treesubj&link=31914_31979ولم يكمل من النساء إلا مريم بنة عمران وآسية امرأة فرعون ويفيد قولها ذلك أن
فرعون حين رآه استحسنه ثم خالجه الخوف من عاقبة أمره ؛ فلذلك أنذرته امرأته بقولها
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قرة عين لي ولك لا تقتلوه .
وارتفع
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قرة عين على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هذا الطفل . وحذفه ؛ لأنه دل عليه حضوره بين أيديهم وهو على حذف مضاف ، أي هو سبب قرة عين لي ولك .
وقرة العين كناية عن السرور وهي كناية ناشئة عن ضدها وهو سخنة العين التي هي أثر البكاء اللازم للأسف والحزن ، فلما كني عن الحزن بسخنة العين في قولهم في الدعاء بالسوء : أسخن الله عينه . وقول الراجز :
أوه أديم عرضه وأسخن بعينه بعد هجوع الأعين
أتبعوا ذلك بأن كنوا عن السرور بضد هذه الكناية فقالوا : قرة عين ، وأقر الله عينه ، فحكى القرآن ما في لغة امرأة
فرعون من دلالة على معنى المسرة الحاصلة للنفس ببليغ ما كنى به العرب عن ذلك وهو
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قرة عين ، ومن لطائفه في الآية أن المسرة المعنية هي مسرة حاصلة من مرأى محاسن الطفل كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39وألقيت عليك محبة مني .
ويجوز أن يكون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قرة عين قسما كما يقال : أيمن الله . فإن العرب يقسمون بذلك ، أي أقسم بما تقر به عيني . وفي الحديث الصحيح أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق استضاف نفرا وتأخر عن وقت عشائهم ثم حضر ، وفيه قصة إلى أن قال الراوي : فجعلوا لا يأكلون لقمة إلا ربت من أسفلها أكثر منها . فقال
أبو بكر لامرأته : يا أخت
بني فراس ما هذا ؟ فقالت : وقرة عيني إنها الآن أكثر من قبل . فتكون امرأة
فرعون أقسمت على
فرعون بما فيه قرة عينها ، وقرة عينه أن لا يقتل
موسى ، ويكون رفع
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قرة عين على الابتداء وخبره محذوفا ، وهو حذف
[ ص: 79 ] كثير في نص اليمين مثل : لعمرك . وابتدأت بنفسها في
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قرة عين لي قبل ذكر
فرعون إدلالا عليه لمكانتها عنده أرادت أن تبتدره بذلك حتى لا يصدر عنه الأمر بقتل الطفل .
وضمير الجمع في قولها
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9لا تقتلوه يجوز أن يراد به
فرعون نزلته منزلة الجماعة على وجه التعظيم كما في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=99قال رب ارجعون . ويجوز أن يراد به خطاب
فرعون داخلا فيه أهل دولته هامان والكهنة الذين ألقوا في نفس
فرعون أن فتى من إسرائيل يفسد عليه مملكته . وهذا أحسن ؛ لأن فيه تمهيدا لإجابة سؤلها حين أسندت معظم القتل لأهل الدولة وجعلت
لفرعون منه حظ الواحد من الجماعة ، فكأنها تعرض بأن ذلك ينبغي أن لا يكون عن رأيه فتهون عليه عدوله في هذا الطفل ، عما تقرر من قتل الأطفال . وقيل
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9لا تقتلوه التفات عن خطاب
فرعون إلى خطاب الموكلين بقتل أطفال إسرائيل كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك .
فموقع جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قرة عين لي ولك موقع التمهيد والمقدمة للعرض . وموقع جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9لا تقتلوه موقع التفريع عن المقدمة ولذلك فصلت عنها .
وأما جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9عسى أن ينفعنا فهي في موقع العلة لمضمون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9لا تقتلوه فاتصالها بها كاتصال جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قرة عين لي ولك بها ، ولكن نظم الكلام قضى بهذا الترتيب البليغ بأن جعل الوازع الطبيعي عن القتل وهو وازع المحبة هو المقدمة ؛ لأنه أشد تعلقا بالنفس فهو يشبه المعلوم البديهي . وجعل الوازع العقلي بعد النهي علة لاحتياجه إلى الفكر ، فتكون مهلة التفكير بعد سماع النهي الممهد بالوازع الطبيعي فلا يخشى جماح السامع من النهي ورفضه إياه .
ويتضمن قولها
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا إزالة ما خامر نفس
فرعون من خشية فساد ملكه على يد فتى إسرائيلي بأن هذا الطفل لا يكون هو المخوف منه ؛ لأنه لما انضم في أهلهم وسيكون ربيهم فإنه يرجى منه نفعهم وأن يكون لهم كالولد . فأقنعت
فرعون بقياس على الأحوال المجربة في علاقة التربية والمعاشرة والتبني والإحسان ، وإن الخير لا يأتي بالشر . ولذلك وقع بعده الاعتراض بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=11وهم لا يشعرون أي
وفرعون وقومه لا يعلمون خفي إرادة الله من
[ ص: 80 ] الانتقام من أمة
القبط بسبب
موسى . ولعل الله حقق لامرأة
فرعون رجاءها فكان
موسى قرة عين لها ولزوجها ، فلما هلكا وجاء
فرعون آخر بعدهما كان ما قدره الله من نصر
بني إسرائيل .
واختير يشعرون هنا ؛ لأنه من العلم الخفي ، أي لا يعلمون هذا الأمر الخفي .
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=28999_31914وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ يَدُلُّ الْكَلَامُ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ انْتَشَلُوهُ جَعَلُوهُ بَيْنَ أَيْدِي
فِرْعَوْنَ وَامْرَأَتِهِ فَرَقَّتْ لَهُ امْرَأَةُ
فِرْعَوْنَ وَصَرَفَتْ
فِرْعَوْنَ عَنْ قَتْلِهِ بَعْدَ أَنْ هَمَّ بِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّ الطِّفْلَ لَيْسَ مِنْ أَبْنَاءِ الْقِبْطِ بِلَوْنِ جَلْوَتِهِ وَمَلَامِحِ وَجْهِهِ ، وَعَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَمَلَهُ النَّيْلُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ لِظُهُورِهِ أَنَّهُ لَمْ يَطُلْ مَكْثُ تَابُوتِهِ فِي الْمَاءِ وَلَا اضْطِرَابُهُ بِكَثْرَةِ التَّنَقُّلِ ، فَعَلِمَ أَنَّ وَقْعَهُ فِي التَّابُوتِ لِقَصْدِ إِنْجَائِهِ مِنَ الذَّبْحِ . وَكَانَ ذَلِكَ وَقْتَ انْتِشَالِهِ مِنَ الْمَاءِ وَإِخْرَاجِهِ مِنَ التَّابُوتِ .
nindex.php?page=treesubj&link=31914وَكَانَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ امْرَأَةً مُلْهَمَةً لِلْخَيْرِ وَقَدَّرَ اللَّهُ نَجَاةَ مُوسَى بِسَبَبِهَا . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=11وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [ ص: 78 ] وَهِيَ لَمْ تَرَ عَدَاوَةَ
مُوسَى لِآلِ
فِرْعَوْنَ وَلَا حَزِنَتْ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهَا انْقَرَضَتْ قَبْلَ بَعْثَةِ
مُوسَى .
وَامْرَأَةُ
فِرْعَوْنَ سُمِّيَتْ
آسِيَةَ كَمَا فِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيِّ عَنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342295كَمُلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ ، nindex.php?page=treesubj&link=31914_31979وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بْنَةُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ وَيُفِيدُ قَوْلُهَا ذَلِكَ أَنَّ
فِرْعَوْنَ حِينَ رَآهُ اسْتَحْسَنَهُ ثُمَّ خَالَجَهُ الْخَوْفُ مِنْ عَاقِبَةِ أَمْرِهِ ؛ فَلِذَلِكَ أَنْذَرَتْهُ امْرَأَتُهُ بِقَوْلِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ .
وَارْتَفَعَ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قُرَّةُ عَيْنٍ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : هَذَا الطِّفْلُ . وَحَذَفَهُ ؛ لِأَنَّهُ دَلَّ عَلَيْهِ حُضُورُهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ هُوَ سَبَبُ قُرَّةِ عَيْنٍ لِي وَلَكَ .
وَقُرَّةُ الْعَيْنِ كِنَايَةٌ عَنِ السُّرُورِ وَهِيَ كِنَايَةٌ نَاشِئَةٌ عَنْ ضِدِّهَا وَهُوَ سُخْنَةُ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ أَثَرُ الْبُكَاءِ اللَّازِمِ لِلْأَسَفِ وَالْحُزْنِ ، فَلَمَّا كُنِّيَ عَنِ الْحُزْنِ بِسُخْنَةِ الْعَيْنِ فِي قَوْلِهِمْ فِي الدُّعَاءِ بِالسُّوءِ : أَسْخَنَ اللَّهُ عَيْنَهُ . وَقَوْلِ الرَّاجِزِ :
أَوْهِ أَدِيمَ عِرْضِهِ وَأَسْخِنِ بِعَيْنِهِ بَعْدَ هُجُوعِ الْأَعْيُنِ
أَتْبَعُوا ذَلِكَ بِأَنْ كَنَّوْا عَنِ السُّرُورِ بِضِدِّ هَذِهِ الْكِنَايَةِ فَقَالُوا : قُرَّةُ عَيْنٍ ، وَأَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ ، فَحَكَى الْقُرْآنُ مَا فِي لُغَةِ امْرَأَةِ
فِرْعَوْنَ مِنْ دَلَالَةٍ عَلَى مَعْنَى الْمَسَرَّةِ الْحَاصِلَةِ لِلنَّفْسِ بِبَلِيغِ مَا كَنَّى بِهِ الْعَرَبُ عَنْ ذَلِكَ وَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قُرَّةُ عَيْنٍ ، وَمِنْ لَطَائِفِهِ فِي الْآيَةِ أَنَّ الْمَسَرَّةَ الْمَعْنِيَّةَ هِيَ مَسَرَّةٌ حَاصِلَةٌ مِنْ مَرْأَى مَحَاسِنِ الطِّفْلِ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=39وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قُرَّةُ عَيْنٍ قَسَمًا كَمَا يُقَالُ : أَيْمُنُ اللَّهِ . فَإِنَّ الْعَرَبَ يُقْسِمُونَ بِذَلِكَ ، أَيْ أُقْسِمُ بِمَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنِي . وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ اسْتَضَافَ نَفَرًا وَتَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ عَشَائِهِمْ ثُمَّ حَضَرَ ، وَفِيهِ قِصَّةٌ إِلَى أَنْ قَالَ الرَّاوِي : فَجَعَلُوا لَا يَأْكُلُونَ لُقْمَةً إِلَّا رَبَتْ مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا . فَقَالَ
أَبُو بَكْرٍ لِامْرَأَتِهِ : يَا أُخْتَ
بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا ؟ فَقَالَتْ : وَقُرَّةِ عَيْنِي إِنَّهَا الْآنَ أَكْثَرُ مِنْ قَبْلُ . فَتَكُونُ امْرَأَةُ
فِرْعَوْنَ أَقْسَمْتَ عَلَى
فِرْعَوْنَ بِمَا فِيهِ قُرَّةُ عَيْنِهَا ، وَقُرَّةُ عَيْنِهِ أَنْ لَا يَقْتُلَ
مُوسَى ، وَيَكُونُ رَفْعُ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قُرَّةُ عَيْنٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفًا ، وَهُوَ حَذْفٌ
[ ص: 79 ] كَثِيرٌ فِي نَصِّ الْيَمِينِ مِثْلُ : لَعَمْرُكَ . وَابْتَدَأَتْ بِنَفْسِهَا فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قُرَّةُ عَيْنٍ لِي قَبْلَ ذِكْرِ
فِرْعَوْنَ إِدْلَالًا عَلَيْهِ لِمَكَانَتِهَا عِنْدَهُ أَرَادَتْ أَنْ تَبْتَدِرَهُ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يَصْدُرَ عَنْهُ الْأَمْرُ بِقَتْلِ الطِّفْلِ .
وَضَمِيرُ الْجَمْعِ فِي قَوْلِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9لَا تَقْتُلُوهُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ
فِرْعَوْنُ نَزَّلَتْهُ مَنْزِلَةَ الْجَمَاعَةِ عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ كَمَا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=99قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ خِطَابُ
فِرْعَوْنَ دَاخِلًا فِيهِ أَهْلُ دَوْلَتِهِ هَامَانُ وَالْكَهَنَةُ الَّذِينَ أَلْقَوْا فِي نَفْسِ
فِرْعَوْنَ أَنَّ فَتًى مِنْ إِسْرَائِيلَ يُفْسِدُ عَلَيْهِ مَمْلَكَتَهُ . وَهَذَا أَحْسَنُ ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمْهِيدًا لِإِجَابَةِ سُؤْلِهَا حِينَ أَسْنَدَتْ مُعْظَمَ الْقَتْلِ لِأَهْلِ الدَّوْلَةِ وَجَعَلَتْ
لِفِرْعَوْنَ مِنْهُ حَظَّ الْوَاحِدِ مِنَ الْجَمَاعَةِ ، فَكَأَنَّهَا تُعَرِّضُ بِأَنَّ ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ عَنْ رَأْيِهِ فَتُهَوِّنَ عَلَيْهِ عُدُولَهُ فِي هَذَا الطِّفْلِ ، عَمَّا تَقَرَّرَ مِنْ قَتْلِ الْأَطْفَالِ . وَقِيلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9لَا تَقْتُلُوهُ الْتِفَاتٌ عَنْ خِطَابِ
فِرْعَوْنَ إِلَى خِطَابِ الْمُوَكِّلِينَ بِقَتْلِ أَطْفَالِ إِسْرَائِيلَ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=29يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ .
فَمَوْقِعُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ مَوْقِعُ التَّمْهِيدِ وَالْمُقَدِّمَةِ لِلْعَرْضِ . وَمَوْقِعُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9لَا تَقْتُلُوهُ مَوْقِعُ التَّفْرِيعِ عَنِ الْمُقَدِّمَةِ وَلِذَلِكَ فُصِلَتْ عَنْهَا .
وَأَمَّا جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا فَهِيَ فِي مَوْقِعِ الْعِلَّةِ لِمَضْمُونِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9لَا تَقْتُلُوهُ فَاتِّصَالُهَا بِهَا كَاتِّصَالِ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قُرَّةُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ بِهَا ، وَلَكِنَّ نَظْمَ الْكَلَامِ قَضَى بِهَذَا التَّرْتِيبِ الْبَلِيغِ بِأَنْ جَعَلَ الْوَازِعَ الطَّبِيعِيَّ عَنِ الْقَتْلِ وَهُوَ وَازِعُ الْمَحَبَّةِ هُوَ الْمُقَدِّمَةَ ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّ تَعَلُّقًا بِالنَّفْسِ فَهُوَ يُشْبِهُ الْمَعْلُومَ الْبَدِيهِيَّ . وَجُعِلَ الْوَازِعُ الْعَقْلِيُّ بَعْدَ النَّهْيِ عِلَّةً لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى الْفِكْرِ ، فَتَكُونُ مُهْلَةُ التَّفْكِيرِ بَعْدَ سَمَاعِ النَّهْيِ الْمُمَهَّدِ بِالْوَازِعِ الطَّبِيعِيِّ فَلَا يُخْشَى جِمَاحُ السَّامِعِ مِنَ النَّهْيِ وَرَفْضُهُ إِيَّاهُ .
وَيَتَضَمَّنُ قَوْلُهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا إِزَالَةَ مَا خَامَرَ نَفْسَ
فِرْعَوْنَ مِنْ خَشْيَةِ فَسَادِ مُلْكِهِ عَلَى يَدِ فَتًى إِسْرَائِيلِيٍّ بِأَنَّ هَذَا الطِّفْلَ لَا يَكُونُ هُوَ الْمَخُوفَ مِنْهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا انْضَمَّ فِي أَهْلِهِمْ وَسَيَكُونُ رَبِيَّهُمْ فَإِنَّهُ يُرْجَى مِنْهُ نَفْعُهُمْ وَأَنْ يَكُونَ لَهُمْ كَالْوَلَدِ . فَأَقْنَعَتْ
فِرْعَوْنَ بِقِيَاسٍ عَلَى الْأَحْوَالِ الْمُجَرَّبَةِ فِي عَلَاقَةِ التَّرْبِيَةِ وَالْمُعَاشَرَةِ وَالتَّبَنِّي وَالْإِحْسَانِ ، وَإِنَّ الْخَيْرَ لَا يَأْتِي بِالشَّرِّ . وَلِذَلِكَ وَقَعَ بَعْدَهُ الِاعْتِرَاضُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=11وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ أَيْ
وَفِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ لَا يَعْلَمُونَ خَفِيَّ إِرَادَةِ اللَّهِ مِنْ
[ ص: 80 ] الِانْتِقَامِ مِنْ أُمَّةِ
الْقِبْطِ بِسَبَبِ
مُوسَى . وَلَعَلَّ اللَّهَ حَقَّقَ لِامْرَأَةِ
فِرْعَوْنَ رَجَاءَهَا فَكَانَ
مُوسَى قُرَّةَ عَيْنٍ لَهَا وَلِزَوْجِهَا ، فَلَمَّا هَلَكَا وَجَاءَ
فِرْعَوْنٌ آخَرُ بَعْدَهُمَا كَانَ مَا قَدَّرَهُ اللَّهُ مِنْ نَصْرِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ .
وَاخْتِيرَ يَشْعُرُونَ هُنَا ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْعِلْمِ الْخَفِيِّ ، أَيْ لَا يَعْلَمُونَ هَذَا الْأَمْرَ الْخَفِيَّ .