[ ص: 117 ] nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35nindex.php?page=treesubj&link=28999_31954_31910قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون
استجاب الله له دعوتيه وزاده تفضلا بما لم يسأله ، فاستجابة الدعوة الثانية بقوله سنشد عضدك بأخيك ، واستجابة الأولى بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فلا يصلون إليكما ، والتفضل بقوله ونجعل لكما سلطانا ، فأعطى
موسى ما يماثل ما
لهارون من المقدرة على إقامة الحجة إذ قال ونجعل لكما سلطانا . وقد دل على ذلك ما تكلم به
موسى عليه السلام من حجج في مجادلة
فرعون كما في سورة الشعراء وهنا ، وما خاطب به
بني إسرائيل مما حكي في سورة الأعراف . ولم يحك في القرآن أن
هارون تكلم بدعوة
فرعون على أن
موسى سأل الله تعالى أن يحلل عقدة من لسانه كما في سورة طه ، ولا شك أن الله استجاب له .
والشد : الربط ، وشأن العامل بعضو إذا أراد أن يعمل به عملا متعبا للعضو أن يربط عليه لئلا يتفكك أو يعتريه كسر ، وفي ضد ذلك قال تعالى ولما سقط في أيديهم وقولهم : فت في عضده ، وجعل الأخ هنا بمنزلة الرباط الذي يشد به . والمراد : أنه يؤيده بفصاحته ، فتعليقه بالشد ملحق بباب المجاز العقلي . وهذا كله تمثيل لحال إيضاح حجته بحال تقوية من يريد عملا عظيما أن يشد على يده وهو التأييد الذي شاع في معنى الإعانة والإمداد ، وإلا فالتأييد أيضا مشتق من اليد . فأصل معنى أيد جعل يدا ، فهو استعارة لإيجاد الإعانة .
والسلطان هنا مصدر بمعنى التسلط على القلوب والنفوس ، أي مهابة في قلوب الأعداء ورعبا منكما كما ألقى على
موسى محبة حين التقطه
آل فرعون . وتقدم معنى السلطان حقيقة في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33فقد جعلنا لوليه سلطانا في سورة الإسراء .
وفرع على جعل السلطان
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فلا يصلون إليكما أي لا يؤذونكما بسوء وهو القتل ونحوه . فالوصول مستعمل مجازا في الإصابة . والمراد : الإصابة بسوء ، بقرينة المقام .
وقوله بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون يجوز أن يكون بآياتنا متعلقا
[ ص: 118 ] بمحذوف دل عليه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=103إلى فرعون وملئه تقديره : إذهبا بآياتنا على نحو ما قدر في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=12في تسع آيات إلى فرعون وقوله في سورة النمل بعد قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=12وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات أي اذهبا في تسع آيات . وقد صرح بذلك في قوله في سورة الشعراء
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=15قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون .
ويجوز أن يتعلق بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35نجعل لكما سلطانا ، أي سلطانا عليهم بآياتنا حتى تكون رهبتهم منكما آية من آياتنا ، ويجوز أن يتعلق بـ "
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فلا يصلون إليكما " أي يصرفون عن أذاكم بآيات منا كقول النبيء صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342302نصرت بالرعب . ويجوز أن يكون متعلقا بقوله " الغالبون " أي تغلبونهم وتقهرونهم بآياتنا التي نؤيدكما بها . وتقديم المجرور على متعلقه في هذا الوجه للاهتمام بعظمة الآيات التي نؤيدكما بها . وتقديم المجرور على متعلقه في هذا الوجه للاهتمام بعظمة الآيات التي سيعطيانها . ويجوز أن تكون الباء حرف قسم تأكيدا لهما بأنهما الغالبون وتثبيتا لقلوبهما .
وعلى الوجوه كلها فالآيات تشمل خوارق العادات المشاهدة مثل الآيات التسع ، وتشمل المعجزات الخفية كصرف قوم
فرعون عن الإقدام على أذاهما مع ما لديهم من القوة وما هم عليه من العداوة بحيث لولا الصرفة من الله لأهلكوا
موسى وأخاه .
ومحل العبرة من هذا الجزء من القصة التنبيه إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=30173الرسالة فيض من الله على من اصطفاه من عباده وأن رسالة
محمد صلى الله عليه وسلم كرسالة
موسى جاءته بغتة فنودي
محمد في غار
جبل حراء ، كما نودي
موسى في جانب
جبل الطور ، وأنه اعتراه من الخوف مثل ما اعترى
موسى ، وأن الله ثبته كما ثبت
موسى ، وأن الله يكفيه أعداءه كما كفى
موسى أعداءه .
[ ص: 117 ] nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35nindex.php?page=treesubj&link=28999_31954_31910قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ
اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ دَعْوَتَيْهِ وَزَادَهُ تَفَضُّلًا بِمَا لَمْ يَسْأَلْهُ ، فَاسْتِجَابَةُ الدَّعْوَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ ، وَاسْتِجَابَةُ الْأُولَى بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ، وَالتَّفَضُّلُ بِقَوْلِهِ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا ، فَأَعْطَى
مُوسَى مَا يُمَاثِلُ مَا
لِهَارُونَ مِنَ الْمَقْدِرَةِ عَلَى إِقَامَةِ الْحُجَّةِ إِذْ قَالَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا . وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ حُجَجٍ فِي مُجَادَلَةِ
فِرْعَوْنَ كَمَا فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ وَهُنَا ، وَمَا خَاطَبَ بِهِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ مِمَّا حُكِيَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ . وَلَمْ يُحْكَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ
هَارُونَ تَكَلَّمَ بِدَعْوَةِ
فِرْعَوْنَ عَلَى أَنَّ
مُوسَى سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَحْلُلَ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِهِ كَمَا فِي سُورَةِ طه ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ اسْتَجَابَ لَهُ .
وَالشَّدُّ : الرَّبْطُ ، وَشَأْنُ الْعَامِلِ بِعُضْوٍ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ عَمَلًا مُتْعِبًا لِلْعُضْوِ أَنْ يَرْبِطَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَفَكَّكَ أَوْ يَعْتَرِيَهُ كَسْرٌ ، وَفِي ضِدِّ ذَلِكَ قَالَ تَعَالَى وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَقَوْلُهُمْ : فَتَّ فِي عَضُدِهِ ، وَجُعِلَ الْأَخُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الرِّبَاطِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ . وَالْمُرَادُ : أَنَّهُ يُؤَيِّدُهُ بِفَصَاحَتِهِ ، فَتَعْلِيقُهُ بِالشَّدِّ مُلْحَقٌ بِبَابِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ . وَهَذَا كُلُّهُ تَمْثِيلٌ لِحَالِ إِيضَاحِ حُجَّتِهِ بِحَالِ تَقْوِيَةِ مَنْ يُرِيدُ عَمَلًا عَظِيمًا أَنْ يُشَدَّ عَلَى يَدِهِ وَهُوَ التَّأْيِيدُ الَّذِي شَاعَ فِي مَعْنَى الْإِعَانَةِ وَالْإِمْدَادِ ، وَإِلَّا فَالتَّأْيِيدُ أَيْضًا مُشْتَقٌّ مِنَ الْيَدِ . فَأَصْلُ مَعْنَى أَيَّدَ جَعَلَ يَدًا ، فَهُوَ اسْتِعَارَةٌ لِإِيجَادِ الْإِعَانَةِ .
وَالسُّلْطَانُ هُنَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّسَلُّطِ عَلَى الْقُلُوبِ وَالنُّفُوسِ ، أَيْ مَهَابَةً فِي قُلُوبِ الْأَعْدَاءِ وَرُعْبًا مِنْكُمَا كَمَا أَلْقَى عَلَى
مُوسَى مُحِبَّةً حِينَ الْتَقَطَهُ
آلُ فِرْعَوْنَ . وَتَقَدَّمَ مَعْنَى السُّلْطَانِ حَقِيقَةً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=33فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ .
وَفَرَّعَ عَلَى جَعْلِ السُّلْطَانِ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا أَيْ لَا يُؤْذُونَكُمَا بِسُوءٍ وَهُوَ الْقَتْلُ وَنَحْوُهُ . فَالْوُصُولُ مُسْتَعْمَلٌ مَجَازًا فِي الْإِصَابَةِ . وَالْمُرَادُ : الْإِصَابَةُ بِسُوءٍ ، بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ .
وَقَوْلُهُ بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِآيَاتِنَا مُتَعَلِّقًا
[ ص: 118 ] بِمَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=103إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ تَقْدِيرُهُ : إذْهَبَا بِآيَاتِنَا عَلَى نَحْوِ مَا قُدِّرَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=12فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْلِهِ فِي سُورَةِ النَّمْلِ بَعْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=12وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ أَيِ اذْهَبَا فِي تِسْعِ آيَاتٍ . وَقَدْ صُرِّحَ بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=15قَالَ كَلَّا فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35نَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا ، أَيْ سُلْطَانًا عَلَيْهِمْ بِآيَاتِنَا حَتَّى تَكُونَ رَهْبَتُهُمْ مِنْكُمَا آيَةً مِنْ آيَاتِنَا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِـ "
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=35فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا " أَيْ يُصْرَفُونَ عَنْ أَذَاكُمْ بِآيَاتٍ مِنَّا كَقَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342302نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ " الْغَالِبُونَ " أَيْ تَغْلِبُونَهُمْ وَتَقْهَرُونَهُمْ بِآيَاتِنَا الَّتِي نُؤَيِّدُكُمَا بِهَا . وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ فِي هَذَا الْوَجْهِ لِلِاهْتِمَامِ بِعَظَمَةِ الْآيَاتِ الَّتِي نُؤَيِّدُكُمَا بِهَا . وَتَقْدِيمُ الْمَجْرُورِ عَلَى مُتَعَلِّقِهِ فِي هَذَا الْوَجْهِ لِلِاهْتِمَامِ بِعَظَمَةِ الْآيَاتِ الَّتِي سَيُعْطَيَانِهَا . وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ حَرْفَ قَسَمٍ تَأْكِيدًا لَهُمَا بِأَنَّهُمَا الْغَالِبُونَ وَتَثْبِيتًا لِقُلُوبِهِمَا .
وَعَلَى الْوُجُوهِ كُلِّهَا فَالْآيَاتُ تَشْمَلُ خَوَارِقَ الْعَادَاتِ الْمُشَاهَدَةَ مِثْلَ الْآيَاتِ التِّسْعِ ، وَتَشْمَلُ الْمُعْجِزَاتِ الْخَفِيَّةَ كَصَرْفِ قَوْمِ
فِرْعَوْنَ عَنِ الْإِقْدَامِ عَلَى أَذَاهُمَا مَعَ مَا لَدَيْهِمْ مِنَ الْقُوَّةِ وَمَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْعَدَاوَةِ بِحَيْثُ لَوْلَا الصَّرَفَةُ مِنَ اللَّهِ لَأَهْلَكُوا
مُوسَى وَأَخَاهُ .
وَمَحَلُّ الْعِبْرَةِ مِنْ هَذَا الْجُزْءِ مِنَ الْقِصَّةِ التَّنْبِيهُ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30173الرِّسَالَةَ فَيْضٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى مَنِ اصْطَفَاهُ مِنْ عِبَادِهِ وَأَنَّ رِسَالَةَ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِسَالَةِ
مُوسَى جَاءَتْهُ بَغْتَةً فَنُودِيَ
مُحَمَّدٌ فِي غَارِ
جَبَلِ حِرَاءٍ ، كَمَا نُودِيَ
مُوسَى فِي جَانِبِ
جَبَلِ الطُّورِ ، وَأَنَّهُ اعْتَرَاهُ مِنَ الْخَوْفِ مِثْلَ مَا اعْتَرَى
مُوسَى ، وَأَنَّ اللَّهَ ثَبَّتَهُ كَمَا ثَبَّتَ
مُوسَى ، وَأَنَّ اللَّهَ يَكْفِيهِ أَعْدَاءَهُ كَمَا كَفَى
مُوسَى أَعْدَاءَهُ .