يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون
لما ذكر النشأة الآخرة أتبع ذكرها بذكر أهم ما تشتمل عليه وما أوجدت لأجله وهو الثواب والعقاب .
[ ص: 232 ] وابتدئ بذكر العقاب ؛ لأن الخطاب جار مع منكري البعث الذين حظهم فيه هو التعذيب . ومفعولا فعلي المشيئة محذوفان جريا على غالب الاستعمال فيهما ، والتقدير : من يشاء تعذيبه ومن يشاء رحمته . والفريقان معلومان من آيات الوعد والوعيد ؛ فأصحاب الوعد شاء الله رحمتهم ، وأصحاب الوعيد شاء تعذيبهم ، فمن الذين شاء تعذيبهم المشركون ، ومن الذين شاء رحمتهم المؤمنون ، والمقصود هنا هم الفريقان معا كما دل عليه الخطاب العام في قوله : وإليه تقلبون .
والقلب : الرجوع ، أي وإليه ترجعون .
وتقديم المجرور على عامله للاهتمام والتأكيد ؛ إذ ليس المقام للحصر ؛ إذ ليس ثمة اعتقاد مردود . وفي هذا إعادة إثبات وقوع البعث وتعريض بالوعيد .