nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29006_30340والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور
لما قدم في أول السورة الاستدلال بأن الله فطر السماوات والأرض وما في السماوات من أهلها ، وذلك أعظم دليل على تفرده بالإلهية ثنى هنا بالاستدلال بتصريف الأحوال بين السماء والأرض وذلك بإرسال الرياح وتكوين السحاب وإنزال المطر ، فهذا عطف على قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1فاطر السماوات والأرض .
وإظهار اسم الجلالة في مقام إضمار دون أن يقول : وهو الذي أرسل الرياح . فيعود الضمير إلى اسم الله من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=8إن الله عليم بما يصنعون .
واختير من دلائل الوحدانية دلالة تجمع أسباب المطر ليفضي من ذلك إلى تنظير إحياء الأموات بعد أحوال الفناء بآثار ذلك الصنع العجيب وأن الذي خلق وسائل إحياء الأرض قادر على خلق وسائل إحياء الذين ضمنتهم الأرض على سبيل الإدماج .
[ ص: 268 ] وإذ قد كان القصد من الاستدلال هو وقوع الإحياء وتقرر وقوعه جيء بفعل المضي في قوله " أرسل " ، وأما تغييره إلى المضارع في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9فتثير سحابا فلحكاية الحال العجيبة التي تقع فيها إثارة الرياح السحاب وهي طريقة للبلغاء في الفعل الذي في خصوصيته بحال تستغرب وتهم السامع . وهو نظير قول
تأبط شرا .
بأني قد لقيت الغول تهوي بسهب كالصحيفة صحصحان فأضربها بلا دهش فخرت
صريعا لليدين وللجران
فابتدأ بـ " لقيت " لإفادة وقوع ذلك ثم ثنى بـ " أضربها " لاستحضار تلك الصورة العجيبة من إقدامه وثباته حتى كأنهم يبصرونه في تلك الحالة . ولم يؤت بفعل الإرسال في هذه الآية بصيغة المضارع بخلاف قوله في سورة الروم الله الذي يرسل الرياح الآية لأن القصد هنا استدلال بما هو واقع إظهارا لإمكان نظيره وأما آية سورة الروم فالمقصود منها الاستدلال على تجديد صنع الله ونعمه .
والقول في الرياح والسحاب تقدم غير مرة أولها في سورة البقرة .
وفي قوله " فسقناه " بعد قوله والله الذي أرسل الرياح التفات من الغيبة إلى التكلم .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9كذلك النشور سبيله سبيل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=5يا أيها الناس إن وعد الله حق الآيات من إثبات البعث مع تصديق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما أخبر به عنه ، إلا أن ما قبله كان مأخوذا من فحوى الدلالة لما ظهرت في برهان صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما أخبر به من توحيد أخذ من طريق دلالة التقريب لوقوع البعث إذ عثر على عقولهم تصديق إمكان الإعادة بعد الفناء ليحصل من بارقة صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبارقة الإمكان ما يسوق أذهانهم إلى استقامة التصديق بوقوع البعث .
والإشارة في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9كذلك النشور إلى المذكور من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9فأحيينا به الأرض ، والأظهر أن تكون الإشارة إلى مجموع الحالة المصورة أي مثل ذلك الصنع المحكم المتقن نصنع صنعا يكون به النشور بأن يهيئ الله حوادث سماوية
[ ص: 269 ] أو أرضية أو مجموعة منها حتى إذا استقامت آثارها وتهيأت أجسام لقبول أرواحها أمر الله بالنفخة الأولى والثانية فإذا الأجساد قائمة ماثلة نظير أمر الله بنفخ الأرواح في الأجنة عند استكمال تهيئتها لقبول الأرواح .
وقد روي عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - تقريب ذلك بمثل هذا مما رواه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة وقريب منه في صحيح
مسلم عن
عروة بن مسعود عن النبيء - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342466قيل لرسول الله : كيف يحيي الله الموتى وما آية ذلك في خلقه ؟ فقال : هل مررت بواد أهلك ممحلا ، ثم مررت به يهتز خضرا ؟ قيل نعم : فكذلك يحي الله الموتى وتلك آيته في خلقه ، وفي بعض الروايات عن
ابن رزين العقيلي أن السائل
رزين .
وقرأ الجمهور الرياح بصيغة الجمع . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " الريح " بالإفراد ، والمعروف بلام الجنس يستوي فيه المفرد والجمع .
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29006_30340وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ
لَمَّا قُدِّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ الِاسْتِدْلَالُ بِأَنَّ اللَّهَ فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا فِي السَّمَاوَاتِ مِنْ أَهْلِهَا ، وَذَلِكَ أَعْظَمُ دَلِيلٍ عَلَى تَفَرُّدِهِ بِالْإِلَهِيَّةِ ثَنَّى هُنَا بِالِاسْتِدْلَالِ بِتَصْرِيفِ الْأَحْوَالِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَذَلِكَ بِإِرْسَالِ الرِّيَاحِ وَتَكْوِينِ السَّحَابِ وَإِنْزَالِ الْمَطَرِ ، فَهَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=1فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .
وَإِظْهَارُ اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي مَقَامِ إِضْمَارٍ دُونَ أَنْ يَقُولَ : وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ . فَيَعُودُ الضَّمِيرُ إِلَى اسْمِ اللَّهِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=8إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ .
وَاخْتِيرَ مِنْ دَلَائِلِ الْوَحْدَانِيَّةِ دَلَالَةُ تَجَمُّعِ أَسْبَابِ الْمَطَرِ لِيُفْضِيَ مِنْ ذَلِكَ إِلَى تَنْظِيرِ إِحْيَاءِ الْأَمْوَاتِ بَعْدَ أَحْوَالِ الْفَنَاءِ بِآثَارِ ذَلِكَ الصُّنْعِ الْعَجِيبِ وَأَنَّ الَّذِي خَلَقَ وَسَائِلَ إِحْيَاءِ الْأَرْضِ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ وَسَائِلِ إِحْيَاءِ الَّذِينَ ضَمِنَتْهُمُ الْأَرْضُ عَلَى سَبِيلِ الْإِدْمَاجِ .
[ ص: 268 ] وَإِذْ قَدْ كَانَ الْقَصْدُ مِنَ الِاسْتِدْلَالِ هُوَ وُقُوعُ الْإِحْيَاءِ وَتَقَرُّرُ وُقُوعِهِ جِيءَ بِفِعْلِ الْمُضِيِّ فِي قَوْلِهِ " أَرْسَلَ " ، وَأَمَّا تَغْيِيرُهُ إِلَى الْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9فَتُثِيرُ سَحَابًا فَلِحِكَايَةِ الْحَالِ الْعَجِيبَةِ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا إِثَارَةُ الرِّيَاحِ السَّحَابَ وَهِيَ طَرِيقَةٌ لِلْبُلَغَاءِ فِي الْفِعْلِ الَّذِي فِي خُصُوصِيَّتِهِ بِحَالٍ تُسْتَغْرَبُ وَتَهُمُّ السَّامِعَ . وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ
تَأَبَّطَ شَرًّا .
بِأَنِّي قَدْ لَقِيتُ الْغُولَ تَهْوِي بِسَهْبٍ كَالصَّحِيفَةِ صَحْصَحَانِ فَأَضْرِبُهَا بِلَا دَهَشٍ فَخَرَّتْ
صَرِيعًا لِلْيَدَيْنِ وَلِلْجِرَانِ
فَابْتَدَأَ بِـ " لَقِيتُ " لِإِفَادَةِ وُقُوعِ ذَلِكَ ثُمَّ ثَنَّى بِـ " أَضْرِبُهَا " لِاسْتِحْضَارِ تِلْكَ الصُّورَةِ الْعَجِيبَةِ مِنْ إِقْدَامِهِ وَثَبَاتِهِ حَتَّى كَأَنَّهُمْ يُبْصِرُونَهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ . وَلَمْ يُؤْتَ بِفِعْلِ الْإِرْسَالِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الرُّومِ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ الْآيَةَ لِأَنَّ الْقَصْدَ هُنَا اسْتِدْلَالٌ بِمَا هُوَ وَاقِعٌ إِظْهَارًا لِإِمْكَانِ نَظِيرِهِ وَأَمَّا آيَةُ سُورَةِ الرُّومِ فَالْمَقْصُودُ مِنْهَا الِاسْتِدْلَالُ عَلَى تَجْدِيدِ صُنْعِ اللَّهِ وَنِعَمِهِ .
وَالْقَوْلُ فِي الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَوَّلُهَا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَفِي قَوْلِهِ " فَسُقْنَاهُ " بَعْدَ قَوْلِهِ وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ الْتِفَاتٌ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى التَّكَلُّمِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9كَذَلِكَ النُّشُورُ سَبِيلُهُ سَبِيلُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=5يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ الْآيَاتِ مِنْ إِثْبَاتِ الْبَعْثِ مَعَ تَصْدِيقِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْهُ ، إِلَّا أَنَّ مَا قَبْلَهُ كَانَ مَأْخُوذًا مِنْ فَحْوَى الدَّلَالَةِ لَمَّا ظَهَرَتْ فِي بُرْهَانِ صِدْقِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ مِنْ تَوْحِيدٍ أُخِذَ مِنْ طَرِيقِ دَلَالَةِ التَّقْرِيبِ لِوُقُوعِ الْبَعْثِ إِذْ عَثُرَ عَلَى عُقُولِهِمْ تَصْدِيقُ إِمْكَانِ الْإِعَادَةِ بَعْدَ الْفَنَاءِ لِيَحْصُلَ مِنْ بَارِقَةِ صِدْقِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَارِقَةِ الْإِمْكَانِ مَا يَسُوقُ أَذْهَانَهُمْ إِلَى اسْتِقَامَةِ التَّصْدِيقِ بِوُقُوعِ الْبَعْثِ .
وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9كَذَلِكَ النُّشُورُ إِلَى الْمَذْكُورِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=9فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ ، وَالْأَظْهَرُ أَنْ تَكُونَ الْإِشَارَةُ إِلَى مَجْمُوعِ الْحَالَةِ الْمُصَوَّرَةِ أَيْ مِثْلَ ذَلِكَ الصُّنْعِ الْمُحْكَمِ الْمُتْقَنِ نَصْنَعُ صُنْعًا يَكُونُ بِهِ النُّشُورُ بِأَنْ يُهَيِّئَ اللَّهُ حَوَادِثَ سَمَاوِيَّةً
[ ص: 269 ] أَوْ أَرْضِيَّةً أَوْ مَجْمُوعَةً مِنْهَا حَتَّى إِذَا اسْتَقَامَتْ آثَارُهَا وَتَهَيَّأَتْ أَجْسَامٌ لِقَبُولِ أَرْوَاحِهَا أَمَرَ اللَّهُ بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ فَإِذَا الْأَجْسَادُ قَائِمَةٌ مَاثِلَةٌ نَظِيرَ أَمْرِ اللَّهِ بِنَفْخِ الْأَرْوَاحِ فِي الْأَجِنَّةِ عِنْدَ اسْتِكْمَالِ تَهْيِئَتِهَا لِقَبُولِ الْأَرْوَاحِ .
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَقْرِيبُ ذَلِكَ بِمِثْلِ هَذَا مِمَّا رَوَاهُ
أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=12508وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَقَرِيبٌ مِنْهُ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْ
عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10342466قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ : كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَمَا آيَةُ ذَلِكَ فِي خَلْقِهِ ؟ فَقَالَ : هَلْ مَرَرْتَ بِوَادٍ أُهْلِكَ مُمَحَّلًا ، ثُمَّ مَرَرْتَ بِهِ يَهْتَزُّ خَضِرًا ؟ قِيلَ نَعَمْ : فَكَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَتِلْكَ آيَتُهُ فِي خَلْقِهِ ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ عَنِ
ابْنِ رَزِينٍ الْعُقَيْلِيِّ أَنَّ السَّائِلَ
رَزِينٌ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ الرِّيَاحَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ " الرِّيحَ " بِالْإِفْرَادِ ، وَالْمَعْرُوفُ بِلَامِ الْجِنْسِ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُفْرَدُ وَالْجَمْعُ .