حقا على المتقين وللمطلقات متاع بالمعروف
عطف على جملة والذين يتوفون منكم جعل استيفاء لأحكام ، بعد أن تقدم حكم متعة المطلقات قبل المسيس وقبل الفرض ، فعمم بهذه الآية طلب المتعة للمطلقات كلهن . فاللام في قوله المتعة للمطلقات وللمطلقات متاع لام الاستحقاق .
والتعريف في المطلقات يفيد الاستغراق . فكانت هذه الآية قد زادت أحكاما على الآية التي سبقتها . وعن قال : لما نزل قوله تعالى جابر بن زيد ومتعوهن على الموسع قدره إلى قوله حقا على المحسنين قال رجل : إن أحسنت فعلت وإن لم أرد ذلك لم أفعل ، فنزل قوله تعالى وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين فجعلها بيانا للآية السابقة ، إذ عوض وصف المحسنين بوصف المتقين .
والوجه أن اختلاف الوصفين في الآيتين لا يقتضي اختلاف جنس الحكم باختلاف أحوال المطلقات ، وأن جميع المتعة من شأن المحسنين والمتقين . وأن دلالة صيغة الطلب في الآيتين سواء : إن كان استحبابا ، أو كان إيجابا . فالذين حملوا الطلب في الآية السابقة على الاستحباب ، حملوه في هذه الآية على الاستحباب بالأولى ، ومعولهم في محمل الطلب في كلتا الآيتين ليس إلا على استنباط : وهي جبر خاطر المطلقة استبقاء للمودة ، ولذلك لم يستثن علة مشروعية المتعة مالك من مشمولات هذه الآية إلا [ ص: 475 ] المختلعة ; لأنها هي التي دعت إلى الفرقة دون المطلق .
والذين حملوا الطلب في الآية المتقدمة على الوجوب ، اختلفوا في محمل الطلب في هذه الآية فمنهم من طرد قوله بوجوب المتعة لجميع المطلقات ، ومن هؤلاء عطاء ، ، وجابر بن زيد ، وسعيد بن جبير ، وابن شهاب ، والقاسم بن محمد ، ومنهم من حمل الطلب في هذه الآية على الاستحباب ، وهو قول وأبو ثور ، ومرجعه إلى تأويل ظاهر قوله الشافعي وللمطلقات بما دل عليه مفهوم قوله في الآية الأخرى ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة .