nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=29008_30362_30351وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28قالوا إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29قالوا بل لم تكونوا مؤمنين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وما كان لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=32فأغويناكم إنا كنا غاوين عطف على " مستسلمون " أي استسلموا وعاد بعضهم على بعض باللائمة ، والمتسائلون : المتقاولون وهم زعماء أهل الشرك ودهماؤهم كما تبينه حكاية تحاورهم من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وما كان لنا عليكم من سلطان وقوله " فأغويناكم " إلخ .
[ ص: 104 ] وعبر عن إقبالهم بصيغة المضي وهو مما سيقع في القيامة ، تنبيها على تحقيق وقوعه ؛ لأن لذلك مزيد تأثير في تحذير زعمائهم من التغرير بهم ، وتحذير دهمائهم من الاعتزاز بتغريرهم ، مع أن قرينة الاستقبال ظاهرة من السياق من قوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=19فإذا هم ينظرون " الآية .
والإقبال : المجيء من جهة قبل الشيء ، أي من جهة وجهه وهو مجيء المتجاهر بمجيئه غير المتختل الخائف . واستعير هنا للقصد بالكلام والاهتمام به كأنه جاءه من مكان آخر .
فحاصل المعنى حكاية عتاب ولوم توجه به الذين اتبعوا على قادتهم وزعمائهم ، ودلالة التركيب عليه أن يكون الإتيان أطلق على الدعاية والخطابة فيهم لأن الإتيان يتضمن القصد دون إرادة مجيء ، كقول
النابغة :
أتاك امرؤ مستبطن لي بغضة
وقد تقدم استعماله واستعمال مرادفه وهو المجيء معا في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=63قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=64وأتيناك بالحق الآية في سورة الحجر .
أو أن يكون اليمين مرادا به جهة الخير لأن العرب تضيف الخير إلى جهة اليمين . وقد اشتقت من اليمن وهو البركة ، وهي مؤذنة بالفوز بالمطلوب عندهم . وعلى ذلك جرت عقائدهم في زجر الطير والوحش من التيمن بالسانح ، وهو الوارد من جهة يمين السائر ، والتشاؤم ، أي ترقب ورود الشر من جهة الشمال .
وكان حق فعل " تأتوننا " أن يعدى إلى جهة اليمين بحرف ( من ) ، فلما عدي بحرف ( عن ) الذي هو للمجازة تعين تضمين " تأتوننا " معنى " تصدوننا " ليلائم معنى المجاوزة ، أي تأتوننا صاديننا عن اليمين ، أي عن الخير . فهذا وجه تفسير الآية الذي اعتمده
ابن عطية nindex.php?page=showalam&ids=14423والزمخشري وقد اضطرب كثير في تفسيرها . قال
ابن عطية ما خلاصته : اضطرب المتأولون في معنى قولهم " عن اليمين " فعبر عنه
ابن زيد وغيره بطريق الجنة ، ونحو هذا من العبارات التي هي تفسير بالمعنى ولا تختص بنفس اللفظة ، وبعضهم أيضا نحا في تفسيره إلى ما يخص اللفظة فتحصل من ذلك معان منها : أن يريد باليمين القوة والشدة ( قلت : وهو عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء [ ص: 105 ] فكأنهم قالوا : إنكم كنتم تغروننا بقوة منكم ، ومن المعاني التي تحتملها الآية أن يريدوا : تأتوننا من الجهة التي يحسنها تمويهكم وإغواؤكم وتظهرون فيها أنها جهة الرشد ، وهو عن
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج والجبائي ، ومما تحتمله الآية أن يريدوا : إنكم كنتم تأتوننا ، أي تقطعون بنا عن أخبار الخير واليمن ، فعبروا عنها باليمين ، ومن المعاني أن يريدوا : أنكم تجيئون من جهة الشهوات وعدم النظر لأن جهة يمين الإنسان فيها كبده ، وجهة شماله فيها قلبه ، وأن نظر الإنسان في قلبه ، وقيل : تحلفون لنا . اهـ .
وجواب الزعماء بقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29بل لم تكونوا مؤمنين إضراب إبطال لزعم الأتباع أنهم الذين صدوهم عن طريق الخير ، أي بل هم لم يكونوا ممن يقبل الإيمان لأن تسليط النفي على فعل الكون دون أن يقال : بل لم تؤمنوا ، مشعر بأن الإيمان لم يكن من شأنهم ، أي بل كنتم أنتم الآبين قبول الإيمان .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وما كان لنا عليكم من سلطان أي من قهر وغلبة حتى نكرهكم على رفض الإيمان ، ولذلك أكدوا هذا المعنى بقولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30بل كنتم قوما طاغين ، أي كان الطغيان ، وهو التكبر عن قبول دعوة رجل منكم ، شأنكم وسجيتكم ، فلذلك أقحموا لفظ " قوما " بين " كان " وخبرها لأن استحضارهم بعنوان القومية في الطغيان يؤذن بأن الطغيان من مقومات قوميتهم ، كما قدمنا عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164لآيات لقوم يعقلون في سورة البقرة .
وفرعوا على كلامهم اعترافهم بأنهم جميعا استحقوا العذاب ، فقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فحق علينا قول ربنا إنا لذائقون ، تفريع الاعتراض ، أي كان أمر ربنا بإذاقتنا عذاب جهنم حقا . وفعل ( حق ) بمعنى ثبت .
وجملة "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31إنا لذائقون " بيان ل "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31قول ربنا " .
وحكي القول بالمعنى على طريقة الالتفات ، ولولا الالتفات لقال : " إنكم لذائقون " أو إنهم " لذائقون " .
ونكتة الالتفات زيادة التنصيص على المعني بذوق العذاب .
وحذف مفعول " ذائقون " لدلالة المقام عليه وهو الأمر بقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=23فاهدوهم إلى صراط الجحيم .
[ ص: 106 ] وفرعوا على مضمون ردهم عليهم من قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29بل لم تكونوا مؤمنين إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30قوما طاغين قولهم فأغويناكم ، أي ما أكرهناكم على الشرك ولكنا وجدناكم متمسكين به وراغبين فيه فأغويناكم ، أي فأيدناكم في غوايتكم إنا كنا غاوين ، فسولنا لكم ما اخترناه لأنفسنا ، فموقع جملة "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=32إنا كنا غاوين " موقع العلة .
و ( إن ) مغنية غناء لام التعليل وفاء التفريع كما ذكرناه غير مرة .
وزيادة " كنا " للدلالة على تمكين الغواية من نفوسهم ، وقد استبان لهم أن ما كانوا عليه غواية فأقروا بها ، وقد قدمنا عند قوله تعالى في سورة المؤمنين
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=101فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون أن تساؤلهم المنفي هنالك هو طلب بعضهم من بعض النجدة والنصرة ، وأن تساؤلهم هنا تساؤل عن أسباب ورطتهم فلا تعارض بين الآيتين .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=29008_30362_30351وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=32فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ عَطْفٌ عَلَى " مُسْتَسْلِمُونَ " أَيِ اسْتَسْلَمُوا وَعَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ بِاللَّائِمَةِ ، وَالْمُتَسَائِلُونَ : الْمُتَقَاوِلُونَ وَهُمْ زُعَمَاءُ أَهْلِ الشِّرْكِ وَدَهْمَاؤُهُمْ كَمَا تُبَيِّنُهُ حِكَايَةُ تَحَاوُرِهِمْ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ وَقَوْلِهِ " فَأَغْوَيْنَاكُمْ " إِلَخْ .
[ ص: 104 ] وَعَبَّرَ عَنْ إِقْبَالِهِمْ بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ وَهُوَ مِمَّا سَيَقَعُ فِي الْقِيَامَةِ ، تَنْبِيهًا عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ ؛ لِأَنَّ لِذَلِكَ مَزِيدَ تَأْثِيرٍ فِي تَحْذِيرِ زُعَمَائِهِمْ مِنَ التَّغْرِيرِ بِهِمْ ، وَتَحْذِيرِ دَهْمَائِهِمْ مِنَ الِاعْتِزَازِ بِتَغْرِيرِهِمْ ، مَعَ أَنَّ قَرِينَةَ الِاسْتِقْبَالِ ظَاهِرَةٌ مِنَ السِّيَاقِ مِنْ قَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=19فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ " الْآيَةَ .
وَالْإِقْبَالُ : الْمَجِيءُ مِنْ جِهَةٍ قِبَلَ الشَّيْءِ ، أَيْ مِنْ جِهَةِ وَجْهِهِ وَهُوَ مَجِيءُ الْمُتَجَاهِرِ بِمَجِيئِهِ غَيْرِ الْمُتَخَتِّلِ الْخَائِفِ . وَاسْتُعِيرَ هُنَا لِلْقَصْدِ بِالْكَلَامِ وَالِاهْتِمَامِ بِهِ كَأَنَّهُ جَاءَهُ مِنْ مَكَانٍ آخَرَ .
فَحَاصِلُ الْمَعْنَى حِكَايَةُ عِتَابٍ وَلَوْمٍ تَوَجَّهَ بِهِ الَّذِينَ اتَّبَعُوا عَلَى قَادَتِهِمْ وَزُعَمَائِهِمْ ، وَدَلَالَةُ التَّرْكِيبِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْإِتْيَانُ أُطْلِقُ عَلَى الدَّعَايَةِ وَالْخَطَابَةِ فِيهِمْ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ يَتَضَمَّنُ الْقَصْدَ دُونَ إِرَادَةِ مَجِيءٍ ، كَقَوْلِ
النَّابِغَةِ :
أتَاكَ امْرِؤٌ مُسْتَبْطِنٌ لِي بِغَضَّةٍ
وَقَدْ تَقَدَّمَ اسْتِعْمَالُهُ وَاسْتِعْمَالُ مُرَادِفِهِ وَهُوَ الْمَجِيءُ مَعًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=63قَالُوا بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُوا فِيهِ يَمْتَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=64وَأَتَيْنَاكَ بِالْحَقِّ الْآيَةُ فِي سُورَةِ الْحِجْرِ .
أَوْ أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ مُرَادًا بِهِ جِهَةَ الْخَيْرِ لِأَنَّ الْعَرَبَ تُضِيفُ الْخَيْرَ إِلَى جِهَةِ الْيَمِينِ . وَقَدِ اشْتُقَّتْ مِنَ الْيُمْنِ وَهُوَ الْبَرَكَةُ ، وَهِيَ مُؤْذِنَةٌ بِالْفَوْزِ بِالْمَطْلُوبِ عِنْدَهُمْ . وَعَلَى ذَلِكَ جَرَتْ عَقَائِدُهُمْ فِي زَجْرِ الطَّيْرِ وَالْوَحْشِ مِنَ التَّيَمُّنِ بِالسَّانِحِ ، وَهُوَ الْوَارِدُ مِنْ جِهَةِ يَمِينِ السَّائِرِ ، وَالتَّشَاؤُمِ ، أَيْ تَرَقُّبِ وُرُودِ الشَّرِّ مِنْ جِهَةِ الشِّمَالِ .
وَكَانَ حَقُّ فِعْلِ " تَأْتُونَنَا " أَنْ يُعَدَّى إِلَى جِهَةِ الْيَمِينِ بِحَرْفِ ( مِنْ ) ، فَلَمَّا عُدِّيَ بِحَرْفِ ( عَنِ ) الَّذِي هُوَ لِلْمُجَازَةِ تَعَيَّنَ تَضْمِينُ " تَأْتُونَنَا " مَعْنَى " تَصُدُّونَنَا " لِيُلَائِمَ مَعْنَى الْمُجَاوَزَةِ ، أَيْ تَأْتُونَنَا صَادِّينَنَا عَنِ الْيَمِينِ ، أَيْ عَنِ الْخَيْرِ . فَهَذَا وَجْهُ تَفْسِيرِ الْآيَةِ الَّذِي اعْتَمَدَهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ nindex.php?page=showalam&ids=14423وَالزَّمَخْشَرِيُّ وَقَدِ اضْطَرَبَ كَثِيرٌ فِي تَفْسِيرِهَا . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ مَا خُلَاصَتُهُ : اضْطَرَبَ الْمُتَأَوِّلُونَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِمْ " عَنِ الْيَمِينِ " فَعَبَّرَ عَنْهُ
ابْنُ زَيْدٍ وَغَيْرُهُ بِطَرِيقِ الْجَنَّةِ ، وَنَحْوَ هَذَا مِنَ الْعِبَارَاتِ الَّتِي هِيَ تَفْسِيرٌ بِالْمَعْنَى وَلَا تَخْتَصُّ بِنَفْسِ اللَّفْظَةِ ، وَبَعْضُهُمْ أَيْضًا نَحَا فِي تَفْسِيرِهِ إِلَى مَا يَخُصُّ اللَّفْظَةَ فَتَحَصَّلَ مِنْ ذَلِكَ مَعَانٍ مِنْهَا : أَنْ يُرِيدَ بِالْيَمِينِ الْقُوَّةَ وَالشِّدَّةَ ( قُلْتُ : وَهُوَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءِ [ ص: 105 ] فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تُغْرُونَنَا بِقُوَّةٍ مِنْكُمْ ، وَمِنَ الْمَعَانِي الَّتِي تَحْتَمِلُهَا الْآيَةُ أَنْ يُرِيدُوا : تَأْتُونَنَا مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي يُحْسِنُهَا تَمْوِيهُكُمْ وَإِغْوَاؤُكُمْ وَتُظْهِرُونَ فِيهَا أَنَّهَا جِهَةُ الرُّشْدِ ، وَهُوَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجِ وَالْجُبَّائِيِّ ، وَمِمَّا تَحْتَمِلُهُ الْآيَةُ أَنْ يُرِيدُوا : إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا ، أَيْ تَقْطَعُونَ بِنَا عَنْ أَخْبَارِ الْخَيْرِ وَالْيُمْنِ ، فَعَبَّرُوا عَنْهَا بِالْيَمِينِ ، وَمِنَ الْمَعَانِي أَنْ يُرِيدُوا : أَنَّكُمْ تَجِيئُونَ مِنْ جِهَةِ الشَّهَوَاتِ وَعَدَمِ النَّظَرِ لِأَنَّ جِهَةَ يَمِينِ الْإِنْسَانِ فِيهَا كَبِدُهُ ، وَجِهَةَ شَمَالِهِ فِيهَا قَلْبُهُ ، وَأَنَّ نَظَرَ الْإِنْسَانِ فِي قَلْبِهِ ، وَقِيلَ : تَحْلِفُونَ لَنَا . اهـ .
وَجَوَابُ الزُّعَمَاءِ بِقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ إِضْرَابُ إِبْطَالٍ لِزَعْمِ الْأَتْبَاعِ أَنَّهُمُ الَّذِينَ صَدُّوهُمْ عَنْ طَرِيقِ الْخَيْرِ ، أَيْ بَلْ هُمْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَقْبَلُ الْإِيمَانَ لِأَنَّ تَسْلِيطَ النَّفْيِ عَلَى فِعْلِ الْكَوْنِ دُونَ أَنْ يُقَالَ : بَلْ لَمْ تُؤْمِنُوا ، مُشْعِرٌ بِأَنَّ الْإِيمَانَ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِمْ ، أَيْ بَلْ كُنْتُمْ أَنْتُمُ الْآبِينَ قَبُولَ الْإِيمَانِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ أَيْ مِنْ قَهْرٍ وَغَلَبَةٍ حَتَّى نُكْرِهَكُمْ عَلَى رَفْضِ الْإِيمَانِ ، وَلِذَلِكَ أَكَّدُوا هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ ، أَيْ كَانَ الطُّغْيَانُ ، وَهُوَ التَّكَبُّرُ عَنْ قَبُولِ دَعْوَةِ رَجُلٍ مِنْكُمْ ، شَأْنَكُمْ وَسَجِيَّتَكُمْ ، فَلِذَلِكَ أَقْحَمُوا لَفْظَ " قَوْمًا " بَيْنَ " كَانَ " وَخَبَرِهَا لِأَنَّ اسْتِحْضَارَهُمْ بِعُنْوَانِ الْقَوْمِيَّةِ فِي الطُّغْيَانِ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الطُّغْيَانَ مِنْ مُقَوِّمَاتِ قَوْمِيَّتِهِمْ ، كَمَا قَدَّمْنَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=164لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَفَرَّعُوا عَلَى كَلَامِهِمُ اعْتِرَافَهَمْ بِأَنَّهُمْ جَمِيعًا اسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ ، فَقَوْلُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ ، تَفْرِيعُ الِاعْتِرَاضِ ، أَيْ كَانَ أَمْرُ رَبِّنَا بِإِذَاقَتِنَا عَذَابَ جَهَنَّمَ حَقًّا . وَفِعْلُ ( حَقَّ ) بِمَعْنَى ثَبَتَ .
وَجُمْلَةُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31إِنَّا لَذَائِقُونَ " بَيَانٌ لِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=31قَوْلُ رَبِّنَا " .
وَحُكِيَ الْقَوْلُ بِالْمَعْنَى عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ ، وَلَوْلَا الِالْتِفَاتُ لَقَالَ : " إِنَّكُمْ لَذَائِقُونَ " أَوْ إِنَّهُمْ " لَذَائِقُونَ " .
وَنُكْتَةُ الِالْتِفَاتِ زِيَادَةُ التَّنْصِيصِ عَلَى الْمَعْنِيِّ بِذَوْقِ الْعَذَابِ .
وَحُذِفَ مَفْعُولُ " ذَائِقُونَ " لِدَلَالَةِ الْمَقَامِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَمْرُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=23فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ .
[ ص: 106 ] وَفَرَّعُوا عَلَى مَضْمُونِ رَدِّهِمْ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=29بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=30قَوْمًا طَاغِينَ قَوْلَهُمْ فَأَغْوَيْنَاكُمْ ، أَيْ مَا أَكْرَهْنَاكُمْ عَلَى الشِّرْكِ وَلَكِنَّا وَجَدْنَاكُمْ مُتَمَسِّكِينَ بِهِ وَرَاغِبِينَ فِيهِ فَأَغْوَيْنَاكُمْ ، أَيْ فَأَيَّدْنَاكُمْ فِي غَوَايَتِكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ ، فَسَوَّلْنَا لَكُمْ مَا اخْتَرْنَاهُ لِأَنْفُسِنَا ، فَمَوْقِعُ جُمْلَةِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=32إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ " مَوْقِعُ الْعِلَّةِ .
وَ ( إِنَّ ) مُغْنِيَةٌ غَنَاءَ لَامِ التَّعْلِيلِ وَفَاءِ التَّفْرِيعِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ .
وَزِيَادَةُ " كُنَّا " لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَمْكِينِ الْغَوَايَةِ مِنْ نُفُوسِهِمْ ، وَقَدِ اسْتَبَانَ لَهُمْ أَنَّ مَا كَانُوا عَلَيْهِ غَوَايَةٌ فَأَقَرُّوا بِهَا ، وَقَدْ قَدَّمْنَا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=101فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ أَنَّ تَسَاؤُلَهُمُ الْمَنْفِيَّ هُنَالِكَ هُوَ طَلَبُ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ النَّجْدَةَ وَالنُّصْرَةَ ، وَأَنَّ تَسَاؤُلَهُمْ هُنَا تَسَاؤُلٌ عَنْ أَسْبَابِ وَرْطَتِهِمْ فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْآيَتَيْنِ .