أأنزل عليه الذكر من بيننا يجوز أن يكون أأنزل عليه الذكر من بيننا من كلام عموم الكافرين المحكي بقوله وقال الكافرون هذا ساحر كذاب فيكون متصلا بقوله أجعل الآلهة إلها واحدا ، ويكون قوله أأنزل عليه الذكر بيانا لجملة " كذاب " ، لأن تقديره : هذا كذاب إذ هو خبر ثان ل " كان " ، ولكونه بيانا للذي قبله لم يعطف عليه ، ويكون ما بينهما من قوله وانطلق الملأ منهم إلى قوله إن هذا إلا اختلاق اعتراضا بين جملتي البيان .
ويجوز أن يكون من تمام كلام الملأ واستغني به عن بيان جملة " كذاب " لأن نطق الملأ به كاف في قول الآخرين بموجبه فاستغنوا عن بيان جملة " كذاب " .
والاستفهام إنكاري ، ومناط الإنكار هو الظرف " من بيننا " وهو في موضع حال من ضمير " عليه " ، فأنكروا أن يخص محمد صلى الله عليه وسلم بالإرسال وإنزال القرآن دون غيره منهم ، وهذا هو المحكي في قوله تعالى : وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أي من مكة أو الطائف ، ولم يريدوا بهذا الإنكار [ ص: 214 ] تجويز أصل الرسالة عن الله ، وإنما مرادهم استقصاء الاستبعاد ، فإنهم أنكروا أصل الرسالة كما اقتضاه قوله تعالى وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وغيره من الآيات ، وهذا الأصل الثاني من أصول كفرهم التي تقدم ذكرها عند قوله تعالى أجعل الآلهة إلها واحدا وهو أصل إنكار بعثة رسول منهم .