فالقول هذا قالوه على وجه الاستهزاء وحكي عنهم هنا إظهارا لرقاعتهم وتصلبهم في الكفر .
وهذا الأصل الثالث من أصول كفرهم المتقدم ذكرها وهو إنكار البعث والجزاء فهو عطف على وقال الكافرون هذا ساحر كذاب فذكر قولهم أجعل الآلهة إلها واحدا ، ثم ذكر قولهم أأنزل عليه الذكر من بيننا وما عقبه من عواقب مثل ذلك القول ، أفضى القول إلى أصلهم الثالث . قيل : قائل ذلك النضر بن الحارث ، وقيل : أبو جهل والقوم حاضرون راضون فأسند القول إلى الجميع .
والقط : هو القسط من الشيء ، ويطلق على قطعة من الورق أو الرق أو الثوب التي يكتب فيها العطاء لأحد ولذلك يفسر بالصك ، وقد قال المتلمس في صحيفة عمرو بن هند التي أعطاه إياها إلى عامله بالبحرين يوهمه أنه أمر بالعطاء وإنما هي أمر بقتله ، وعرف المتلمس ما تحتوي عليه فألقاها في النهر وقال في صحيفته المضروب بها المثل :
وألقيتها بالثني من جنب كافر كذلك يلقى كل قط مضلل
فالقط يطلق على ما يكتب فيه عطاء أو عقاب ، والأكثر أنه ورقة العطاء ، قال الأعشى :ولا الملك النعمان يوما لقيته بأمته يعطي القطوط ويأفق
وعلى تسليم اختصاص القط بصك العطاء لا يكون ذلك مانعا من قصدهم [ ص: 226 ] تعجيل العقاب بأن يكونوا سموا الحظ من العقاب قطا على طريق التهكم ، كما قال عمرو بن كلثوم إذ جعل القتال قرى :
قريناكم فعجلنا قراكم قبيل الصبح مرداة طحونا
وتسميتهم " يوم الحساب " أيضا من التهكم لأنهم لا يؤمنون بالحساب .