[ ص: 357 ] nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29010_28802قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=12وأمرت لأن أكون أول المسلمين بعد أن أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - بخطاب المسلمين بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك أن يقول قولا يتعين أنه مقول لغير المسلمين .
نقل
الفخر عن
مقاتل :
أن كفار قريش قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ما يحملك على هذا الدين الذي أتيتنا به ، ألا تنظر إلى ملة أبيك وجدك وسادات قومك يعبدون اللات والعزى ، فأنزل الله nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين .
وحقا فإن إخبار النبيء بذلك إذا حمل على صريحه إنما يناسب توجيهه إلى المشركين الذين يبتغون صرفه عن ذلك .
ويجوز أن يكون موجها إلى المسلمين الذين أذن الله لهم بالهجرة إلى
الحبشة على أنه توجيه لبقائه
بمكة لا يهاجر معهم لأن الإذن لهم بالهجرة للأمن على دينهم من الفتن ، فلعلهم ترقبوا أن يهاجر الرسول - صلى الله عليه وسلم - معهم إلى
الحبشة فآذنهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأن الله أمره أن يعبد الله مخلصا له الدين ، أي : أن يوحده في
مكة فتكون الآية ناظرة إلى قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين أي : أن الله أمره بأن يقيم على التبليغ بمكة فإنه لو هاجر إلى الحبشة لانقطعت الدعوة وإنما كانت هجرتهم إلى
الحبشة رخصة لهم إذ ضعفوا عن دفاع المشركين عن دينهم ولم يرخص ذلك للنبيء - صلى الله عليه وسلم - .
وقد جاء قريب من هذه الآية بعد ذكر أن حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومماته لله ، أي : فلا يفرق من الموت في سبيل الدين وذلك قوله تعالى في سورة الأنعام
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين .
[ ص: 358 ] فكان قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=12لأن أكون أول المسلمين علة لـ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11أعبد الله مخلصا له الدين فالتقدير : وأمرت بذلك لأن أكون أول المسلمين ، فمتعلق أمرت محذوف لدلالة قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11أن أعبد الله مخلصا له الدين عليه .
فـ " أول " هنا مستعمل في مجازه فقط إذ ليس المقصود من الأولية مجرد السبق في الزمان فإن ذلك حصل فلا جدوى في الإخبار به ، وإنما المقصود أنه مأمور بأن يكون أقوى المسلمين إسلاما بحيث أن ما يقوم به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من أمور الإسلام أعظم مما يقوم به كل مسلم كما قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002261إني لأتقاكم لله وأعلمكم به .
وعطف " وأمرت " الثاني على " أمرت " الأول للتنويه بهذا الأمر الثاني ولأنه غاير الأمر الأول بضميمة قيد التعليل فصار ذكر الأمر الأول لبيان المأمور ، وذكر الأمر الثاني لبيان المأمور لأجله ، ليشير إلى أنه أمر بأمرين عظيمين : أحدهما يشاركه فيه غيره وهو أن يعبد الله مخلصا له الدين ، والثاني يختص به وهو أن يعبده كذلك ليكون بعبادته أول المسلمين ، أي : أمره الله بأن يبلغ الغاية القصوى في عبادة الله مخلصا له الدين ، فجعل وجوده متمحضا للإخلاص على أي حال كان ؛ كما قال في الآية الأخرى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=163لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين .
واعلم أنه لما كان الإسلام هو دين الأنبياء في خاصتهم كما تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=132فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون في سورة البقرة ؛ ونظائرها كثيرة ، كانت في هذه الآية دلالة على
nindex.php?page=treesubj&link=28753أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - أفضل الرسل لشمول لفظ المسلمين للرسل السابقين .
[ ص: 357 ] nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29010_28802قُلْ إِنِّيَ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=12وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ بَعْدَ أَنْ أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخِطَابِ الْمُسْلِمِينَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا أَمَرَ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ قَوْلًا يَتَعَيَّنُ أَنَّهُ مَقُولٌ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ .
نَقَلَ
الْفَخْرُ عَنْ
مُقَاتِلٍ :
أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : مَا يَحْمِلُكَ عَلَى هَذَا الدِّينِ الَّذِي أَتَيْتَنَا بِهِ ، أَلَا تَنْظُرُ إِلَى مِلَّةِ أَبِيكَ وَجِدِّكَ وَسَادَاتِ قَوْمِكَ يَعْبُدُونَ اللَّاتَ وَالْعُزَّى ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ .
وَحَقًّا فَإِنَّ إِخْبَارَ النَّبِيءِ بِذَلِكَ إِذَا حُمِلَ عَلَى صَرِيحِهِ إِنَّمَا يُنَاسِبُ تَوْجِيهَهُ إِلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ يَبْتَغُونَ صَرْفَهُ عَنْ ذَلِكَ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُوَجَّهًا إِلَى الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ أَذِنَ اللَّهُ لَهُمْ بِالْهِجْرَةِ إِلَى
الْحَبَشَةِ عَلَى أَنَّهُ تَوْجِيهٌ لِبَقَائِهِ
بِمَكَّةَ لَا يُهَاجِرُ مَعَهُمْ لِأَنَّ الْإِذْنَ لَهُمْ بِالْهِجْرَةِ لِلْأَمْنِ عَلَى دِينِهِمْ مِنَ الْفِتَنِ ، فَلَعَلَّهُمْ تَرَقَّبُوا أَنْ يُهَاجِرَ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَهُمْ إِلَى
الْحَبَشَةِ فَآذَنَهُمُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ، أَيْ : أَنَّ يُوَحِّدُهُ فِي
مَكَّةَ فَتَكُونُ الْآيَةُ نَاظِرَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=94فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ وَأُعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ أَيْ : أَنَّ اللَّهَ أَمَرَهُ بِأَنْ يُقِيمَ عَلَى التَّبْلِيغِ بِمَكَّةَ فَإِنَّهُ لَوْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ لَانْقَطَعَتِ الدَّعْوَةُ وَإِنَّمَا كَانَتْ هِجْرَتُهُمْ إِلَى
الْحَبَشَةِ رُخْصَةً لَهُمْ إِذْ ضَعُفُوا عَنْ دِفَاعِ الْمُشْرِكِينَ عَنْ دِينِهِمْ وَلَمْ يُرَخَّصْ ذَلِكَ لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَقَدْ جَاءَ قَرِيبٌ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ بَعْدَ ذِكْرِ أَنَّ حَيَاةَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَمَاتَهُ لِلَّهِ ، أَيْ : فَلَا يَفْرَقَ مِنَ الْمَوْتِ فِي سَبِيلِ الدِّينِ وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ .
[ ص: 358 ] فَكَانَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=12لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ عِلَّةً لِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ فَالتَّقْدِيرُ : وَأُمِرْتُ بِذَلِكَ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ، فَمُتَعَلِّقُ أُمِرْتُ مَحْذُوفٌ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ عَلَيْهِ .
فَـ " أَوَّلَ " هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي مَجَازِهِ فَقَطْ إِذْ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْأَوَّلِيَّةِ مُجَرَّدُ السَّبْقِ فِي الزَّمَانِ فَإِنَّ ذَلِكَ حَصَلَ فَلَا جَدْوَى فِي الْإِخْبَارِ بِهِ ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَكُونَ أَقْوَى الْمُسْلِمِينَ إِسْلَامًا بِحَيْثُ أَنَّ مَا يَقُومُ بِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أُمُورِ الْإِسْلَامِ أَعْظَمُ مِمَّا يَقُومُ بِهِ كُلُّ مُسْلِمٍ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002261إِنِّي لِأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِهِ .
وَعَطْفُ " وَأُمِرْتُ " الثَّانِي عَلَى " أُمِرْتُ " الْأَوَّلِ لِلتَّنْوِيهِ بِهَذَا الْأَمْرِ الثَّانِي وَلِأَنَّهُ غَايَرَ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ بِضَمِيمَةِ قَيْدِ التَّعْلِيلِ فَصَارَ ذِكْرُ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ لِبَيَانِ الْمَأْمُورِ ، وَذِكْرُ الْأَمْرِ الثَّانِي لِبَيَانِ الْمَأْمُورِ لِأَجْلِهِ ، لِيُشِيرَ إِلَى أَنَّهُ أَمَرَ بِأَمْرَيْنِ عَظِيمَيْنِ : أَحَدُهُمَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ وَهُوَ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ، وَالثَّانِي يَخْتَصُّ بِهِ وَهُوَ أَنْ يَعْبُدَهُ كَذَلِكَ لِيَكُونَ بِعِبَادَتِهِ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ ، أَيْ : أَمَرَهُ اللَّهُ بِأَنْ يَبْلُغَ الْغَايَةَ الْقُصْوَى فِي عِبَادَةِ اللَّهِ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ، فَجَعَلَ وَجُودَهُ مُتَمَحَّضًا لِلْإِخْلَاصِ عَلَى أَيِّ حَالٍ كَانَ ؛ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=162قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=163لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ .
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ هُوَ دِينُ الْأَنْبِيَاءِ فِي خَاصَّتِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=132فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ ؛ وَنَظَائِرِهَا كَثِيرَةٌ ، كَانَتْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةً عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28753أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ الرُّسُلِ لِشُمُولِ لَفْظِ الْمُسْلِمِينَ لِلرُّسُلِ السَّابِقِينَ .