وترى الظالمين لما رأوا العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل عطف على جملة ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده ، وهذا تفصيل وبيان لما أجمل في الآيتين المعطوف عليهما وهما قوله : ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص وقوله : ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده .
والمعنى : أنهم لا يجدون محيصا ولا وليا ، فلا يجدون إلا الندامة على ما فات فيقولوا هل إلى مرد من سبيل .
[ ص: 125 ] والاستفهام بحرف ( هل ) إنكاري في معنى النفي ، فلذلك أدخلت ( من ) الزائدة على ( سبيل ) لأنه نكرة في سياق النفي .
والمرد : مصدر ميمي للرد ، والمراد بالرد : الرجوع ، يقال : رده : إذا أرجعه .
ويجوز أن يكون ( مرد ) بمعنى الدفع ، أي هل إلى رد العذاب عنا الذي يبدو لنا سبيل حتى لا نقع فيه ، فهو في معنى إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع في سورة الطور .
والخطاب في ( ترى ) لغير معين ، أي تناهت حالهم في الظهور فلا يختص به مخاطب ، أو الخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم تسلية له على ما لاقاه منهم من التكذيب .
والمقصود : الإخبار بحالهم أولا ، والتعجيب منه ثانيا ، فلم يقل : والظالمون لما رأوا العذاب يقولون ، وإنما قيل : وترى الظالمين للاعتبار بحالهم .
ومجيء فعل رأوا العذاب بصيغة الماضي للتنبيه على تحقيق وقوعه ، فالمضي مستعار للاستقبال تشبيها للمستقبل بالماضي في التحقق ، والقرينة فعل ( ترى ) الذي هو مستقبل ؛ إذ ليست الرؤية المذكورة بحاصلة في الحال فكأنه قيل : لما يرون العذاب .
وجملة ( يقولون ) حال من الظالمين ؛ أي تراهم قائلين ، فالرؤية مقيدة بكونها في حال قولهم ذلك ، أي في حال سماع الرائي قولهم .