إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون   لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون  لهذه الجملة موقعان : أحدهما إتمام التفصيل لما أجمله الوعيد الذي في قوله تعالى فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم  عقب تفصيل بعضه بقوله هل ينظرون إلا الساعة  إلخ . وبقوله الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو  حيث قطع إتمام تفصيله بالاعتناء بذكر وعد المؤمنين المتقين فهي في هذا الموقع بيان لجملة الوعيد وتفصيل لإجمالها . 
الموقع الثاني : أنها كالاستئناف البياني يثيره ما يسمع من وصف أحوال المؤمنين المتقين من التساؤل : كيف يكون حال أضدادهم المشركين الظالمين . 
والموقعان سواء في كون الجملة لا محل لها من الإعراب . 
وافتتاح الخبر بـ ( إن ) للاهتمام به ، أو لتنزيل السائل المتلهف للخبر منزلة المتردد في مضمونه لشدة شوقه إليه ، أو نظرا إلى ما في الخبر من التعريض بإسماعه المشركين وهم ينكرون مضمونه فكأنه قيل : إنكم أيها المجرمون في عذاب جهنم خالدون . 
والمجرمون : الذين يفعلون الإجرام ، وهو الذنب العظيم . والمراد بهم هنا : المشركون المكذبون للنبيء - صلى الله عليه وسلم - لأن السياق لهم ، ولأن الجملة بيان لإجمال وعيدهم في قوله فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم  ، ولأن جواب الملائكة نداؤهم   [ ص: 258 ] بقولهم لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون  لا ينطبق على غير المكذبين ، أي كارهون للإسلام والقرآن ، فذكر المجرمين إظهار في مقام الإضمار للتنبيه على أن شركهم إجرام . 
وجملة " لا يفتر عنهم    " في موضع الحال من " عذاب جهنم " . و " يفتر " مضاعف فتر ، إذا سكن ، وهو بالتضعيف يتعدى إلى مفعول . والمعنى : لا يفتره أحد . 
وجملة وهم فيه مبلسون  عطف على جملة إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون    . 
والإيلاس : اليأس والذل ، وتقدم في سورة الأنعام : وزاد  الزمخشري  في معنى الإيلاس قيد السكوت ولم يذكره غيره ، والحق أن السكوت من لوازم معنى الإيلاس وليس قيدا في المعنى . 
				
						
						
