nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28974_28911هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات .
استئناف ثالث بإخبار عن شأن من شئون الله تعالى ، متعلق بالغرض المسوق له الكلام : وهو تحقيق إنزاله القرآن والكتابين من قبله ، فهذا الاستئناف مؤكد لمضمون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=3نزل عليك الكتاب بالحق وتمهيد لقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7منه آيات محكمات لأن الآيات نزلت في مجادلة وفد
نجران ، وصدرت بإبطال عقيدتهم في إلهية
المسيح : بالإشارة إلى أوصاف الإله الحقة . توجه الكلام هنا إلى إزالة شبهتهم في شأن زعمهم اعتراف نصوص القرآن بإلهية
المسيح ; إذ وصف فيها بأنه روح الله ; وأنه يحيي الموتى وأنه كلمة الله ، وغير ذلك فنودي عليهم بأن ما تعلقوا به تعلق اشتباه وسوء تأويل .
وفي قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هو الذي أنزل عليك الكتاب قصر صفة إنزال القرآن على الله تعالى : لتكون الجملة مع كونها تأكيدا وتمهيدا ، إبطالا أيضا لقول المشركين :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103إنما يعلمه بشر وقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا . وكقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=210وما تنزلت به الشياطين nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=211وما ينبغي لهم وما يستطيعون nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إنهم عن السمع لمعزولون وذلك أنهم قالوا : هو قول كاهن ، وقول شاعر ، واعتقدوا أن أقوال الكهان وأقوال الشعراء من إملاء الأرئياء ( جمع رئي ) .
[ ص: 154 ] ومن بدائع البلاغة أن ذكر في القصر فعل " أنزل " ، الذي هو مختص بالله تعالى ولو بدون صيغة القصر ، إذ الإنزال يرادف الوحي ولا يكون إلا من الله ، بخلاف ما لو قال : هو الذي آتاك الكتاب .
وضمير " منه " عائد إلى القرآن . و ( منه ) خبر مقدم و
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آيات محكمات مبتدأ .
والإحكام في الأصل المنع ; قال
جرير :
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم إني أخاف عليكم أن أغضبا
واستعمل الإحكام في الإتقان والتوثيق ; لأن ذلك يمنع تطرق ما يضاد المقصود ، ولذا سميت الحكمة حكمة ، وهو حقيقة أو مجاز مشهور .
وأطلق المحكم في هذه الآية على واضح الدلالة على سبيل الاستعارة ؛ لأن في وضوح الدلالة منعا لتطرق الاحتمالات الموجبة للتردد في المراد .
وأطلق المتشابه هنا على خفاء الدلالة على المعنى ، على طريقة الاستعارة ؛ لأن تطرق الاحتمال في معاني الكلام يفضي إلى عدم تعين أحد الاحتمالات ، وذلك مثل تشابه الذوات في عدم تمييز بعضها عن بعض .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7أم الكتاب أم الشيء : أصله وما ينضم إليه كثيره وتتفرع عنه فروعه ، ومنه سميت خريطة الرأس الجامعة له : أم الرأس وهي الدماغ ، وسميت الراية الأم ; لأن الجيش ينضوي إليها ، وسميت المدينة العظيمة
أم القرى ، وأصل ذلك أن الأم حقيقة في الوالدة ، وهي أصل للمولود وجامع للأولاد في الحضانة ، فباعتبار هذين المعنيين ، أطلق اسم الأم على ما ذكرنا ، على وجه التشبيه البليغ . ثم شاع ذلك الإطلاق حتى ساوى الحقيقة ، وتقدم ذلك في تسمية الفاتحة أم القرآن .
و " الكتاب " : القرآن لا محالة ; لأنه المتحدث عنه بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هو الذي أنزل عليك الكتاب فليس قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7أم الكتاب هنا بمثل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=39وعنده أم الكتاب .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وأخر متشابهات المتشابهات : المتماثلات ، والتماثل يكون في صفات كثيرة فيبين بما يدل على وجه التماثل ، وقد يترك بيانه إذا كان وجه التماثل ظاهرا ، كما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=70إن البقر تشابه علينا ولم يذكر في هذه الآية جهة التشابه .
[ ص: 155 ] وقد أشارت الآية : إلى أن آيات القرآن صنفان : محكمات وأضدادها ، التي سميت متشابهات ، ثم بين أن المحكمات هي أم الكتاب ، فعلمنا أن المتشابهات هي أضداد المحكمات ، ثم أعقب ذلك بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله أي تأويله الذي لا قبل لأمثالهم به ، فعلمنا أن المتشابهات هي التي لم يتضح المقصود من معانيها ، فعلمنا أن صفة المحكمات والمتشابهات راجعة إلى ألفاظ الآيات .
ووصف المحكمات بأنها أم الكتاب فاحتمل أن يكون المراد من الأم الأصل ، أو المرجع ، وهما متقاربان : أي هن أصل القرآن أو مرجعه ، وليس يناسب هذين المعنيين إلا دلالة القرآن ; إذ القرآن أنزل للإرشاد والهدى ، فالمحكمات هي أصول الاعتقاد والتشريع ، والآداب والمواعظ ، وكانت أصولا لذلك باتضاح دلالتها ، بحيث تدل على معان لا تحتمل غيرها أو تحتمله احتمالا ضعيفا غير معتد به ، وذلك كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=23لا يسأل عما يفعل nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185يريد الله بكم اليسر nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=205والله لا يحب الفساد nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=41فإن الجنة هي المأوى . وباتضاح معانيها بحيث تتناولها أفهام معظم المخاطبين بها وتتأهل لفهمها فهي أصل القرآن المرجوع إليه في حمل معاني غيرها عليها للبيان أو التفريع .
والمتشابهات مقابل المحكمات ، فهي التي دلت على معان تشابهت في أن يكون كل منها هو المراد . ومعنى تشابهها : أنها تشابهت في صحة القصد إليها ، أي لم يكن بعضها أرجح من بعض ، أو يكون معناها صادقا بصور كثيرة متناقضة أو غير مناسبة لأن تكون مرادا ، فلا يتبين الغرض منها ، فهذا وجه تفسير الآية فيما أرى .
وقد اختلف علماء الإسلام في تعيين المقصود من المحكمات والمتشابهات على أقوال : مرجعها إلى تعيين مقدار الوضوح والخفاء . فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن المحكم ما لا تختلف فيه الشرائع كتوحيد الله تعالى ، وتحريم الفواحش ، وذلك ما تضمنته الآيات الثلاث من أواخر سورة الأنعام
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم والآيات من سورة الإسراء
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه ، وأن المتشابه المجملات التي لم تبين كحروف أوائل السور .
[ ص: 156 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أيضا : أن المحكم ما لم ينسخ والمتشابه المنسوخ وهذا بعيد عن أن يكون مرادا هنا لعدم مناسبته للوصفين ولا لبقية الآية .
وعن
الأصم : المحكم ما اتضح دليله ، والمتشابه ما يحتاج إلى التدبر ، وذلك كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=11والذي نزل من السماء ماء بقدر فأنشرنا به بلدة ميتا كذلك تخرجون فأولها محكم وآخرها متشابه .
وللجمهور مذهبان : أولهما أن المحكم ما اتضحت دلالته ، والمتشابه ما استأثر الله بعلمه ، ونسب هذا القول
لمالك ، في رواية
أشهب ، من جامع العتبية ، ونسبه
الخفاجي إلى الحنفية وإليه مال
الشاطبي في الموافقات .
وثانيهما أن المحكم الواضح الدلالة ، والمتشابه الخفيها ، وإليه مال
الفخر : فالنص والظاهر هما المحكم ، لاتضاح دلالتهما ، وإن كان أحدهما أي الظاهر يتطرقه احتمال ضعيف ، والمجمل والمؤول هما المتشابه ، لاشتراكهما في خفاء الدلالة وإن كان أحدهما - أي المؤول - دالا على معنى مرجوح ، يقابله معنى راجح ، والمجمل دالا على معنى مرجوح يقابله مرجوح آخر ، ونسبت هذه الطريقة إلى الشافعية .
قال
الشاطبي : فالتشابه : حقيقي ، وإضافي ، فالحقيقي : ما لا سبيل إلى فهم معناه ، وهو المراد من الآية ، والإضافي : ما اشتبه معناه ، لاحتياجه إلى مراعاة دليل آخر . فإذا تقصى المجتهد أدلة الشريعة وجد فيها ما يبين معناه ، والتشابه بالمعنى الحقيقي قليل جدا في الشريعة وبالمعنى الإضافي كثير .
وقد دلت هذه الآية على أن من القرآن محكما ومتشابها ، ودلت آيات أخر على أن القرآن كله محكم ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كتاب أحكمت آياته وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=1تلك آيات الكتاب الحكيم والمراد أنه أحكم وأتقن في بلاغته ، كما دلت آيات على أن القرآن كله متشابه ، قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها والمعنى أنه تشابه في الحسن والبلاغة والحقية ، وهو معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=82ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فلا تعارض بين هذه الآيات : لاختلاف المراد بالإحكام والتشابه في مواضعها ، بحسب ما تقتضيه المقامات .
[ ص: 157 ] وسبب وقوع المتشابهات في القرآن : هو كونه دعوة وموعظة وتعليما وتشريعا باقيا ، ومعجزة ، وخوطب به قوم لم يسبق لهم عهد بالتعليم والتشريع ، فجاء على أسلوب مناسب لجمع هذه الأمور ، بحسب حال المخاطبين الذين لم يعتادوا الأساليب التدريسية ، أو الأمالي العلمية ، وإنما كانت هجيراهم الخطابة والمقاولة ، فأسلوب المواعظ والدعوة قريب من أسلوب الخطابة ، وهو لذلك لا يأتي على أساليب الكتب المؤلفة للعلم ، أو القوانين الموضوعة للتشريع ، فأودعت العلوم المقصودة منه في تضاعيف الموعظة والدعوة ، وكذلك أودع فيه التشريع ، فلا تجد أحكام نوع من المعاملات ، كالبيع ، متصلا بعضها ببعض ، بل تلفيه موزعا على حسب ما اقتضته مقامات الموعظة والدعوة ، ليخف تلقيه على السامعين ، ويعتادوا علم ما لم يألفوه في أسلوب قد ألفوه فكانت متفرقة يضم بعضها إلى بعض بالتدبر . ثم إن إلقاء تلك الأحكام كان في زمن طويل ، يزيد على عشرين سنة ، ألقي إليهم فيها من الأحكام بمقدار ما دعت إليه حاجتهم ، وتحملته مقدرتهم ، على أن بعض تشريعه أصول لا تتغير ، وبعضه فروع تختلف باختلاف أحوالهم ، فلذلك تجد بعضها عاما ، أو مطلقا ، أو مجملا ، وبعضها خاصا ، أو مقيدا ، أو مبينا ، فإذا كان بعض المجتهدين يرى تخصيص عموم بعض عموماته بخصوص بعض الخصوصيات مثلا ، فلعل بعضا منهم لا يتمسك إلا بعمومه حينئذ ، كالذي يرى الخاص الوارد بعد العام ناسخا ، فيحتاج إلى تعيين التاريخ ، ثم إن العلوم التي تعرض لها القرآن هي من العلوم العليا : وهي علوم فيما بعد الطبيعة ، وعلوم مراتب النفوس ، وعلوم النظام العمراني ، والحكمة ، وعلوم الحقوق .
وفي ضيق اللغة الموضوعة عن الإيفاء بغايات المرادات في هاته العلوم ، وقصور حالة استعداد أفهام عموم المخاطبين لها ، ما أوجب تشابها في مدلولات الآيات الدالة عليها . وإعجاز القرآن : منه إعجاز نظمي ومنه إعجاز علمي ، وهو فن جليل من الإعجاز بينته في المقدمة العاشرة من مقدمات هذا التفسير . فلما تعرض القرآن إلى بعض دلائل الأكوان وخصائصها ، فيما تعرض إليه ، جاء به محكيا بعبارة تصلح لحكاية حالته على ما هو في نفس الأمر ، وربما كان إدراك كنه حالته في نفس الأمر مجهولا لأقوام ، فيعدون تلك الآي الدالة عليه من المتشابه فإذا جاء من بعدهم علموا أن ما عده الذين قبلهم متشابها ما هو إلا محكم .
[ ص: 158 ] على أن من مقاصد القرآن أمرين آخرين : أحدهما كونه شريعة دائمة ، وذلك يقتضي فتح أبواب عباراته لمختلف استنباط المستنبطين ، حتى تؤخذ منه أحكام الأولين والآخرين ، وثانيهما تعويد حملة هذه الشريعة ، وعلماء هذه الأمة ، بالتنقيب ، والبحث ، واستخراج المقاصد من عويصات الأدلة ، حتى تكون طبقات علماء الأمة صالحة - في كل زمان - لفهم تشريع الشارع ومقصده من التشريع ، فيكونوا قادرين على استنباط الأحكام التشريعية ، ولو صيغ لهم التشريع في أسلوب سهل التناول لاعتادوا العكوف على ما بين أنظارهم في المطالعة الواحدة . من أجل هذا كانت صلوحية عباراته لاختلاف منازع المجتهدين قائمة مقام تلاحق المؤلفين في تدوين كتب العلوم ، تبعا لاختلاف مراتب العصور .
فإذا علمت هذا علمت أصل السبب في وجود ما يسمى بالمتشابه في القرآن . وبقي أن نذكر لك
nindex.php?page=treesubj&link=28911_28899مراتب التشابه وتفاوت أسبابها . وأنها فيما انتهى إليه استقراؤنا الآن عشر مراتب : أولاها : معان قصد إيداعها في القرآن ، وقصد إجمالها : إما لعدم قابلية البشر لفهمها ، ولو في الجملة ، إن قلنا بوجود المجمل ، الذي استأثر الله بعلمه ، على ما سيأتي ، ونحن لا نختاره ، وإما لعدم قابليتهم لكنه فهمها ، فألقيت إليهم على وجه الجملة . أو لعدم قابلية بعضهم في عصر أو جهة ، لفهمها بالكنه . ومن هذا : أحوال القيامة ، وبعض شئون الربوبية ؛ كالإتيان في ظلل من الغمام ، والرؤية ، والكلام ، ونحو ذلك .
وثانيتها : معان قصد إشعار المسلمين بها ، وتعين إجمالها ، مع إمكان حملها على معان معلومة ، لكن بتأويلات : كحروف أوائل السور ، ونحو
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=5الرحمن على العرش استوى nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29ثم استوى إلى السماء .
ثالثتها : معان عالية ضاقت عن إيفاء كنهها اللغة الموضوعة لأقصى ما هو متعارف أهلها ، فعبر عن تلك المعاني بأقصى ما يقرب معانيها إلى الأفهام ، وهذا مثل أكثر صفات الله نحو الرحمن ، الرءوف ، المتكبر ، نور السماوات والأرض .
[ ص: 159 ] رابعتها : معان قصرت عنها الأفهام في بعض أحوال العصور ، وأودعت في القرآن ليكون وجودها معجزة قرآنية عند أهل العلم في عصور قد يضعف فيها إدراك الإعجاز النظمي ، نحو قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38والشمس تجري لمستقر لها nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=22وأرسلنا الرياح لواقح nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يكور الليل على النهار nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تنبت بالدهن nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35زيتونة لا شرقية ولا غربية nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=7وكان عرشه على الماء nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=11ثم استوى إلى السماء وهي دخان وذكر سد يأجوج ومأجوج .
خامستها : مجازات وكنايات مستعملة في لغة العرب ، إلا أن ظاهرها أوهم معاني لا يليق الحمل عليها في جانب الله تعالى لإشعارها بصفات تخالف كمال الإلهية ، وتوقف فريق في محملها تنزيها ، نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=48فإنك بأعيننا nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=47والسماء بنيناها بأيد nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ويبقى وجه ربك .
وسادستها : ألفاظ من لغات العرب لم تعرف لدى الذين نزل القرآن بينهم : قريش والأنصار ، مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=31وفاكهة وأبا ومثل
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=47أو يأخذهم على تخوف nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=114إن إبراهيم لأواه حليم nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=36ولا طعام إلا من غسلين .
سابعتها : مصطلحات شرعية لم يكن للعرب علم بخصوصها ، فما اشتهر منها بين المسلمين معناه ، صار حقيقة عرفية : كالتيمم ، والزكاة ، وما لم يشتهر بقي فيه إجمال : كالربا قال
عمر نزلت آيات الربا في آخر ما أنزل فتوفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يبينها وقد تقدم في سورة البقرة .
ثامنتها : أساليب عربية خفيت على أقوام فظنوا الكلام بها متشابها ، وهذا مثل زيادة الكاف في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء ومثل المشاكلة في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142يخادعون الله وهو خادعهم [ ص: 160 ] فيعلم السامع أن إسناد " خادع " إلى ضمير الجلالة إسناد بمعنى مجازي اقتضته المشاكلة .
وتاسعتها : آيات جاءت على عادات العرب ، ففهمها المخاطبون ، وجاء من بعدهم فلم يفهموها ، فظنوها من المتشابه ، مثل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ، في الموطأ قال
ابن الزبير ( قلت
لعائشة - وكنت يومئذ حدثا لم أتفقه - لا أرى بأسا على أحد ألا يطوف
بالصفا والمروة ) فقالت له : ( ليس كما قلت إنما كان
الأنصار يهلون لمناة الطاغية ) إلخ .
ومنه
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=93ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا الآية . فإن المراد فيما شربوا من الخمر قبل تحريمها .
عاشرتها : أفهام ضعيفة عدت كثيرا من المتشابه وما هو منه ، وذلك أفهام الباطنية ، وأفهام المشبهة ، كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يوم يكشف عن ساق .
وليس من المتشابه ما صرح فيه بأنا لا نصل إلى علمه كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85قل الروح من أمر ربي ولا ما صرح فيه بجهل وقته كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187لا تأتيكم إلا بغتة .
وليس من المتشابه ما دل على معنى يعارض الحمل عليه دليل آخر منفصل عنه ; لأن ذلك يرجع إلى قاعدة الجمع بين الدليلين المتعارضين ، أو ترجيح أحدهما على الآخر ، مثل قوله تعالى خطابا لإبليس :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64واستفزز من استطعت منهم بصوتك الآية في سورة الإسراء مع ما في الآيات المقتضية
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=205والله لا يحب الفساد .
وقد علمتم من هذا أن ملاك التشابه هو عدم التواطؤ بين المعاني واللغة : إما لضيقها عن المعاني ، وإما لضيق الأفهام عن استعمال اللغة في المعنى ، وإما لتناسي بعض اللغة ، فيتبين لك أن الإحكام والتشابه : صفتان للألفاظ ، باعتبار فهم المعاني .
وإنما أخبر عن ضمير آيات محكمات ، وهو ضمير جمع ، باسم مفرد ليس دالا على أجزاء وهو " أم " لأن المراد أن صنف الآيات المحكمات يتنزل من الكتاب منزلة أمه أي أصله ومرجعه الذي يرجع إليه في فهم الكتاب ومقاصده . والمعنى : هن
[ ص: 161 ] كأم للكتاب . ويعلم منه أن كل آية من المحكمات أم للكتاب في ما تتضمنه من المعنى . وهذا كقول
النابغة يذكر
بني أسد :
فهم درعي التي استلأمت فيها
أي مجموعهم كالدرع لي ، ويعلم منه أن كل أحد من
بني أسد بمنزلة حلقة من حلق الدرع . ومن هذا المعنى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74واجعلنا للمتقين إماما .
والكلام على أخر تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فعدة من أيام أخر .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=28974_28911هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ .
اسْتِئْنَافٌ ثَالِثٌ بِإِخْبَارٍ عَنْ شَأْنٍ مِنْ شُئُونِ اللَّهِ تَعَالَى ، مُتَعَلِّقٌ بِالْغَرَضِ الْمَسُوقِ لَهُ الْكَلَامُ : وَهُوَ تَحْقِيقُ إِنْزَالِهِ الْقُرْآنَ وَالْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِهِ ، فَهَذَا الِاسْتِئْنَافُ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=3نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَتَمْهِيدٌ لِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ لِأَنَّ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي مُجَادَلَةِ وَفْدِ
نَجْرَانَ ، وَصُدِّرَتْ بِإِبْطَالِ عَقِيدَتِهِمْ فِي إِلَهِيَّةِ
الْمَسِيحِ : بِالْإِشَارَةِ إِلَى أَوْصَافِ الْإِلَهِ الْحَقَّةِ . تَوَجَّهَ الْكَلَامُ هُنَا إِلَى إِزَالَةِ شُبْهَتِهِمْ فِي شَأْنِ زَعْمِهِمُ اعْتِرَافَ نُصُوصِ الْقُرْآنِ بِإِلَهِيَّةِ
الْمَسِيحِ ; إِذْ وُصِفَ فِيهَا بِأَنَّهُ رُوحُ اللَّهِ ; وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ كَلِمَةُ اللَّهِ ، وَغَيْرُ ذَلِكَ فَنُودِيَ عَلَيْهِمْ بِأَنَّ مَا تَعَلَّقُوا بِهِ تَعَلُّقَ اشْتِبَاهٍ وَسُوءِ تَأْوِيلٍ .
وَفِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ قَصْرُ صِفَةِ إِنْزَالِ الْقُرْآنِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى : لِتَكُونَ الْجُمْلَةُ مَعَ كَوْنِهَا تَأْكِيدًا وَتَمْهِيدًا ، إِبْطَالًا أَيْضًا لِقَوْلِ الْمُشْرِكِينَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ وَقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا . وَكَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=210وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=211وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=212إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا : هُوَ قَوْلُ كَاهِنٍ ، وَقَوْلُ شَاعِرٍ ، وَاعْتَقَدُوا أَنَّ أَقْوَالَ الْكُهَّانِ وَأَقْوَالَ الشُّعَرَاءِ مِنْ إِمْلَاءِ الْأَرْئِيَاءِ ( جَمْعِ رَئِيٍّ ) .
[ ص: 154 ] وَمِنْ بَدَائِعِ الْبَلَاغَةِ أَنْ ذَكَرَ فِي الْقَصْرِ فِعْلَ " أَنْزَلَ " ، الَّذِي هُوَ مُخْتَصٌّ بِاللَّهِ تَعَالَى وَلَوْ بِدُونِ صِيغَةِ الْقَصْرِ ، إِذِ الْإِنْزَالُ يُرَادِفُ الْوَحْيَ وَلَا يَكُونُ إِلَّا مِنَ اللَّهِ ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ : هُوَ الَّذِي آتَاكَ الْكِتَابَ .
وَضَمِيرُ " مِنْهُ " عَائِدٌ إِلَى الْقُرْآنِ . وَ ( مِنْهُ ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ مُبْتَدَأٌ .
وَالْإِحْكَامُ فِي الْأَصْلِ الْمَنْعُ ; قَالَ
جَرِيرٌ :
أَبَنِي حَنِيفَةَ أَحْكِمُوا سُفَهَاءَكُمْ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمُ أَنْ أَغْضَبَا
وَاسْتُعْمِلَ الْإِحْكَامُ فِي الْإِتْقَانِ وَالتَّوْثِيقِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ تَطَرُّقَ مَا يُضَادُّ الْمَقْصُودَ ، وَلِذَا سُمِّيَتِ الْحِكْمَةُ حِكْمَةً ، وَهُوَ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ مَشْهُورٌ .
وَأُطْلِقَ الْمُحْكَمُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى وَاضِحِ الدَّلَالَةِ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ ؛ لِأَنَّ فِي وُضُوحِ الدَّلَالَةِ مَنْعًا لِتَطَرُّقِ الِاحْتِمَالَاتِ الْمُوجِبَةِ لِلتَّرَدُّدِ فِي الْمُرَادِ .
وَأُطْلِقَ الْمُتَشَابِهَ هُنَا عَلَى خَفَاءِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعْنَى ، عَلَى طَرِيقَةِ الِاسْتِعَارَةِ ؛ لِأَنَّ تَطَرُّقَ الِاحْتِمَالِ فِي مَعَانِي الْكَلَامِ يُفْضِي إِلَى عَدَمِ تَعَيُّنِ أَحَدِ الِاحْتِمَالَاتِ ، وَذَلِكَ مِثْلُ تَشَابُهِ الذَّوَاتِ فِي عَدَمِ تَمْيِيزِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7أُمُّ الْكِتَابِ أُمُّ الشَّيْءِ : أَصْلُهُ وَمَا يَنْضَمُّ إِلَيْهِ كَثِيرُهُ وَتَتَفَرَّعُ عَنْهُ فُرُوعُهُ ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ خَرِيطَةُ الرَّأْسِ الْجَامِعَةُ لَهُ : أُمَّ الرَّأْسِ وَهِيَ الدِّمَاغُ ، وَسُمِّيَتِ الرَّايَةُ الْأُمَّ ; لِأَنَّ الْجَيْشَ يَنْضَوِي إِلَيْهَا ، وَسُمِّيَتِ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ
أُمَّ الْقُرَى ، وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنَّ الْأُمَّ حَقِيقَةً فِي الْوَالِدَةِ ، وَهِيَ أَصْلٌ لِلْمَوْلُودِ وَجَامِعٌ لِلْأَوْلَادِ فِي الْحَضَانَةِ ، فَبِاعْتِبَارِ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ ، أُطْلِقَ اسْمُ الْأُمِّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، عَلَى وَجْهِ التَّشْبِيهِ الْبَلِيغِ . ثُمَّ شَاعَ ذَلِكَ الْإِطْلَاقُ حَتَّى سَاوَى الْحَقِيقَةَ ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي تَسْمِيَةِ الْفَاتِحَةِ أُمَّ الْقُرْآنِ .
وَ " الْكِتَابُ " : الْقُرْآنُ لَا مَحَالَةَ ; لِأَنَّهُ الْمُتَحَدَّثُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ فَلَيْسَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7أُمُّ الْكِتَابِ هُنَا بِمِثْلِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=39وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ الْمُتَشَابِهَاتُ : الْمُتَمَاثِلَاتُ ، وَالتَّمَاثُلُ يَكُونُ فِي صِفَاتٍ كَثِيرَةٍ فَيُبَيَّنُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى وَجْهِ التَّمَاثُلِ ، وَقَدْ يُتْرَكُ بَيَانُهُ إِذَا كَانَ وَجْهُ التَّمَاثُلِ ظَاهِرًا ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=70إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ جِهَةَ التَّشَابُهِ .
[ ص: 155 ] وَقَدْ أَشَارَتِ الْآيَةُ : إِلَى أَنَّ آيَاتِ الْقُرْآنِ صِنْفَانِ : مُحْكَمَاتٌ وَأَضْدَادُهَا ، الَّتِي سُمِّيَتْ مُتَشَابِهَاتٍ ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْمُحْكَمَاتِ هِيَ أُمُّ الْكِتَابِ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُتَشَابِهَاتِ هِيَ أَضْدَادُ الْمُحْكَمَاتِ ، ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بُقُولِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ أَيْ تَأْوِيلِهِ الَّذِي لَا قِبَلَ لِأَمْثَالِهِمْ بِهِ ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمُتَشَابِهَاتِ هِيَ الَّتِي لَمْ يَتَّضِحِ الْمَقْصُودُ مِنْ مَعَانِيهَا ، فَعَلِمْنَا أَنَّ صِفَةَ الْمُحْكَمَاتِ وَالْمُتَشَابِهَاتِ رَاجِعَةٌ إِلَى أَلْفَاظِ الْآيَاتِ .
وَوَصَفَ الْمُحْكَمَاتِ بِأَنَّهَا أُمُّ الْكِتَابِ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنَ الْأُمِّ الْأَصْلَ ، أَوِ الْمَرْجِعَ ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ : أَيْ هُنَّ أَصْلُ الْقُرْآنِ أَوْ مَرْجِعُهُ ، وَلَيْسَ يُنَاسِبُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ إِلَّا دَلَالَةُ الْقُرْآنِ ; إِذِ الْقُرْآنُ أُنْزِلَ لِلْإِرْشَادِ وَالْهُدَى ، فَالْمُحْكَمَاتُ هِيَ أُصُولُ الِاعْتِقَادِ وَالتَّشْرِيعِ ، وَالْآدَابِ وَالْمَوَاعِظِ ، وَكَانَتْ أُصُولًا لِذَلِكَ بِاتِّضَاحِ دَلَالَتِهَا ، بِحَيْثُ تَدُلُّ عَلَى مَعَانٍ لَا تَحْتَمِلُ غَيْرَهَا أَوْ تَحْتَمِلُهُ احْتِمَالًا ضَعِيفًا غَيْرَ مُعْتَدٍّ بِهِ ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=23لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=205وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=40وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=41فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى . وَبِاتِّضَاحِ مَعَانِيهَا بِحَيْثُ تَتَنَاوَلُهَا أَفْهَامُ مُعْظَمِ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا وَتَتَأَهَّلُ لِفَهْمِهَا فَهِيَ أَصْلُ الْقُرْآنِ الْمَرْجُوعُ إِلَيْهِ فِي حَمْلِ مَعَانِي غَيْرِهَا عَلَيْهَا لِلْبَيَانِ أَوِ التَّفْرِيعِ .
وَالْمُتَشَابِهَاتُ مُقَابِلُ الْمُحْكَمَاتِ ، فَهِيَ الَّتِي دَلَّتْ عَلَى مَعَانٍ تَشَابَهَتْ فِي أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهَا هُوَ الْمُرَادَ . وَمَعْنَى تَشَابُهِهَا : أَنَّهَا تَشَابَهَتْ فِي صِحَّةِ الْقَصْدِ إِلَيْهَا ، أَيْ لَمْ يَكُنْ بَعْضُهَا أَرْجَحَ مِنْ بَعْضٍ ، أَوْ يَكُونُ مَعْنَاهَا صَادِقًا بِصُوَرٍ كَثِيرَةٍ مُتَنَاقِضَةٍ أَوْ غَيْرِ مُنَاسِبَةٍ لِأَنْ تَكُونَ مُرَادًا ، فَلَا يَتَبَيَّنُ الْغَرَضُ مِنْهَا ، فَهَذَا وَجْهُ تَفْسِيرِ الْآيَةِ فِيمَا أَرَى .
وَقَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ فِي تَعْيِينِ الْمَقْصُودِ مِنَ الْمُحْكَمَاتِ وَالْمُتَشَابِهَاتِ عَلَى أَقْوَالٍ : مَرْجِعُهَا إِلَى تَعْيِينِ مِقْدَارِ الْوُضُوحِ وَالْخَفَاءِ . فَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ الْمُحْكَمَ مَا لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الشَّرَائِعُ كَتَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَتَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ ، وَذَلِكَ مَا تَضَمَّنَتْهُ الْآيَاتُ الثَّلَاثُ مِنْ أَوَاخِرِ سُورَةِ الْأَنْعَامِ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=151قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ وَالْآيَاتُ مِنْ سُورَةِ الْإِسْرَاءِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ، وَأَنَّ الْمُتَشَابِهَ الْمُجْمَلَاتُ الَّتِي لَمْ تُبَيَّنْ كَحُرُوفِ أَوَائِلِ السُّورِ .
[ ص: 156 ] وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا : أَنَّ الْمُحْكَمَ مَا لَمْ يُنْسَخْ وَالْمُتَشَابِهَ الْمَنْسُوخُ وَهَذَا بَعِيدٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا هُنَا لِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ لِلْوَصْفَيْنِ وَلَا لِبَقِيَّةِ الْآيَةِ .
وَعَنِ
الْأَصَمِّ : الْمُحْكَمُ مَا اتَّضَحَ دَلِيلُهُ ، وَالْمُتَشَابِهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّدَبُّرِ ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=11وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنْشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ تُخْرَجُونَ فَأَوَّلُهَا مُحْكَمٌ وَآخِرُهَا مُتَشَابِهٌ .
وَلِلْجُمْهُورِ مَذْهَبَانِ : أَوَّلُهُمَا أَنَّ الْمُحْكَمَ مَا اتَّضَحَتْ دَلَالَتُهُ ، وَالْمُتَشَابِهَ مَا اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ ، وَنُسِبَ هَذَا الْقَوْلُ
لِمَالِكٍ ، فِي رِوَايَةِ
أَشْهَبَ ، مِنْ جَامِعِ الْعُتْبِيَّةِ ، وَنَسَبَهُ
الْخَفَاجِيُّ إِلَى الْحَنَفِيَّةِ وَإِلَيْهِ مَالَ
الشَّاطِبِيُّ فِي الْمُوَافَقَاتِ .
وَثَانِيهِمَا أَنَّ الْمُحْكَمَ الْوَاضِحُ الدَّلَالَةِ ، وَالْمُتَشَابِهَ الْخَفِيُّهَا ، وَإِلَيْهِ مَالَ
الْفَخْرُ : فَالنَّصُّ وَالظَّاهِرُ هُمَا الْمُحْكَمُ ، لِاتِّضَاحِ دَلَالَتِهِمَا ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَيِ الظَّاهِرُ يَتَطَرَّقُهُ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ ، وَالْمُجْمَلُ وَالْمُؤَوَّلُ هُمَا الْمُتَشَابِهُ ، لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي خَفَاءِ الدَّلَالَةِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا - أَيِ الْمُؤَوَّلُ - دَالًّا عَلَى مَعْنًى مَرْجُوحٍ ، يُقَابِلُهُ مَعْنًى رَاجِحٌ ، وَالْمُجْمَلُ دَالًّا عَلَى مَعْنًى مَرْجُوحٍ يُقَابِلُهُ مَرْجُوحٌ آخَرُ ، وَنُسِبَتْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ إِلَى الشَّافِعِيَّةِ .
قَالَ
الشَّاطِبِيُّ : فَالتَّشَابُهُ : حَقِيقِيٌّ ، وَإِضَافِيٌّ ، فَالْحَقِيقِيُّ : مَا لَا سَبِيلَ إِلَى فَهْمِ مَعْنَاهُ ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ ، وَالْإِضَافِيُّ : مَا اشْتَبَهُ مَعْنَاهُ ، لِاحْتِيَاجِهِ إِلَى مُرَاعَاةِ دَلِيلٍ آخَرَ . فَإِذَا تَقَصَّى الْمُجْتَهِدُ أَدِلَّةَ الشَّرِيعَةِ وَجَدَ فِيهَا مَا يُبَيِّنُ مَعْنَاهُ ، وَالتَّشَابُهُ بِالْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ قَلِيلٌ جِدًّا فِي الشَّرِيعَةِ وَبِالْمَعْنَى الْإِضَافِيِّ كَثِيرٌ .
وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى أَنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مُحْكَمًا وَمُتَشَابِهًا ، وَدَلَّتْ آيَاتٌ أُخَرُ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ مُحْكَمٌ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=1كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=1تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ أُحْكِمَ وَأُتْقِنَ فِي بَلَاغَتِهِ ، كَمَا دَلَّتْ آيَاتٌ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ مُتَشَابِهٌ ، قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=23اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا وَالْمَعْنَى أَنَّهُ تَشَابَهَ فِي الْحُسْنِ وَالْبَلَاغَةِ وَالْحَقِّيَّةِ ، وَهُوَ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=82وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا فَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ هَذِهِ الْآيَاتِ : لِاخْتِلَافِ الْمُرَادِ بِالْإِحْكَامِ وَالتَّشَابُهِ فِي مَوَاضِعِهَا ، بِحَسَبِ مَا تَقْتَضِيهِ الْمَقَامَاتُ .
[ ص: 157 ] وَسَبَبُ وُقُوعِ الْمُتَشَابِهَاتِ فِي الْقُرْآنِ : هُوَ كَوْنُهُ دَعْوَةً وَمَوْعِظَةً وَتَعْلِيمًا وَتَشْرِيعًا بَاقِيًا ، وَمُعْجِزَةً ، وَخُوطِبَ بِهِ قَوْمٌ لَمْ يَسْبِقْ لَهُمْ عَهْدٌ بِالتَّعْلِيمِ وَالتَّشْرِيعِ ، فَجَاءَ عَلَى أُسْلُوبٍ مُنَاسِبٍ لِجَمْعِ هَذِهِ الْأُمُورِ ، بِحَسَبِ حَالِ الْمُخَاطَبِينَ الَّذِينَ لَمْ يَعْتَادُوا الْأَسَالِيبَ التَّدْرِيسِيَّةَ ، أَوِ الْأَمَالِيَ الْعِلْمِيَّةَ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ هِجِّيرَاهُمُ الْخَطَابَةَ وَالْمُقَاوَلَةَ ، فَأُسْلُوبُ الْمَوَاعِظِ وَالدَّعْوَةِ قَرِيبٌ مِنْ أُسْلُوبِ الْخَطَابَةِ ، وَهُوَ لِذَلِكَ لَا يَأْتِي عَلَى أَسَالِيبِ الْكُتُبِ الْمُؤَلَّفَةِ لِلْعِلْمِ ، أَوِ الْقَوَانِينِ الْمَوْضُوعَةِ لِلتَّشْرِيعِ ، فَأُودِعَتِ الْعُلُومُ الْمَقْصُودَةُ مِنْهُ فِي تَضَاعِيفِ الْمَوْعِظَةِ وَالدَّعْوَةِ ، وَكَذَلِكَ أُودِعَ فِيهِ التَّشْرِيعُ ، فَلَا تَجِدُ أَحْكَامَ نَوْعٍ مِنَ الْمُعَامَلَاتِ ، كَالْبَيْعِ ، مُتَّصِلًا بَعْضُهَا بِبَعْضٍ ، بَلْ تَلْفِيهِ مُوَزَّعًا عَلَى حَسَبِ مَا اقْتَضَتْهُ مَقَامَاتُ الْمَوْعِظَةِ وَالدَّعْوَةِ ، لِيَخِفَّ تَلَقِّيهِ عَلَى السَّامِعِينَ ، وَيَعْتَادُوا عِلْمَ مَا لَمْ يَأْلَفُوهُ فِي أُسْلُوبٍ قَدْ أَلِفُوهُ فَكَانَتْ مُتَفَرِّقَةً يُضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ بِالتَّدَبُّرِ . ثُمَّ إِنَّ إِلْقَاءَ تِلْكَ الْأَحْكَامِ كَانَ فِي زَمَنٍ طَوِيلٍ ، يَزِيدُ عَلَى عِشْرِينَ سَنَةً ، أُلْقِيَ إِلَيْهِمْ فِيهَا مِنَ الْأَحْكَامِ بِمِقْدَارِ مَا دَعَتْ إِلَيْهِ حَاجَتُهُمْ ، وَتَحَمَّلَتْهُ مَقْدِرَتُهُمْ ، عَلَى أَنَّ بَعْضَ تَشْرِيعِهِ أُصُولٌ لَا تَتَغَيَّرُ ، وَبَعْضَهُ فُرُوعٌ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ ، فَلِذَلِكَ تَجِدُ بَعْضَهَا عَامًّا ، أَوْ مُطْلَقًا ، أَوْ مُجْمَلًا ، وَبَعْضَهَا خَاصًّا ، أَوْ مُقَيَّدًا ، أَوْ مُبَيِّنًا ، فَإِذَا كَانَ بَعْضُ الْمُجْتَهِدِينَ يَرَى تَخْصِيصَ عُمُومِ بَعْضِ عُمُومَاتِهِ بِخُصُوصِ بَعْضِ الْخُصُوصِيَّاتِ مَثَلًا ، فَلَعَلَّ بَعْضًا مِنْهُمْ لَا يَتَمَسَّكُ إِلَّا بِعُمُومِهِ حِينَئِذٍ ، كَالَّذِي يَرَى الْخَاصَّ الْوَارِدَ بَعْدَ الْعَامِّ نَاسِخًا ، فَيَحْتَاجُ إِلَى تَعْيِينِ التَّارِيخِ ، ثُمَّ إِنَّ الْعُلُومَ الَّتِي تَعَرَّضَ لَهَا الْقُرْآنُ هِيَ مِنَ الْعُلُومِ الْعُلْيَا : وَهِيَ عُلُومٌ فِيمَا بَعْدَ الطَّبِيعَةِ ، وَعُلُومُ مَرَاتِبِ النُّفُوسِ ، وَعُلُومُ النِّظَامِ الْعُمْرَانِيِّ ، وَالْحِكْمَةِ ، وَعُلُومُ الْحُقُوقِ .
وَفِي ضِيقِ اللُّغَةِ الْمَوْضُوعَةِ عَنِ الْإِيفَاءِ بِغَايَاتِ الْمُرَادَاتِ فِي هَاتِهِ الْعُلُومِ ، وَقُصُورِ حَالَةِ اسْتِعْدَادِ أَفْهَامِ عُمُومِ الْمُخَاطَبِينَ لَهَا ، مَا أَوْجَبَ تَشَابُهًا فِي مَدْلُولَاتِ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا . وَإِعْجَازُ الْقُرْآنِ : مِنْهُ إِعْجَازٌ نَظْمِيٌّ وَمِنْهُ إِعْجَازٌ عِلْمِيٌّ ، وَهُوَ فَنٌّ جَلِيلٌ مِنَ الْإِعْجَازِ بَيَّنْتُهُ فِي الْمُقَدَّمَةِ الْعَاشِرَةِ مِنْ مُقَدَّمَاتِ هَذَا التَّفْسِيرِ . فَلَمَّا تَعَرَّضَ الْقُرْآنُ إِلَى بَعْضِ دَلَائِلِ الْأَكْوَانِ وَخَصَائِصِهَا ، فِيمَا تَعَرَّضَ إِلَيْهِ ، جَاءَ بِهِ مَحْكِيًّا بِعِبَارَةٍ تَصْلُحُ لِحِكَايَةِ حَالَتِهِ عَلَى مَا هُوَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، وَرُبَّمَا كَانَ إِدْرَاكُ كُنْهِ حَالَتِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مَجْهُولًا لِأَقْوَامٍ ، فَيَعُدُّونَ تِلْكَ الْآيَ الدَّالَّةَ عَلَيْهِ مِنَ الْمُتَشَابِهِ فَإِذَا جَاءَ مَنْ بَعْدَهُمْ عَلِمُوا أَنَّ مَا عَدَّهُ الَّذِينَ قَبْلَهُمْ مُتَشَابِهًا مَا هُوَ إِلَّا مُحْكَمٌ .
[ ص: 158 ] عَلَى أَنَّ مِنْ مَقَاصِدِ الْقُرْآنِ أَمْرَيْنِ آخَرَيْنِ : أَحَدُهُمَا كَوْنُهُ شَرِيعَةً دَائِمَةً ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي فَتْحَ أَبْوَابِ عِبَارَاتِهِ لِمُخْتَلِفِ اسْتِنْبَاطِ الْمُسْتَنْبِطِينَ ، حَتَّى تُؤْخَذَ مِنْهُ أَحْكَامُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ ، وَثَانِيهِمَا تَعْوِيدُ حَمَلَةِ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ ، وَعُلَمَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، بِالتَّنْقِيبِ ، وَالْبَحْثِ ، وَاسْتِخْرَاجِ الْمَقَاصِدِ مِنْ عَوِيصَاتِ الْأَدِلَّةِ ، حَتَّى تَكُونَ طَبَقَاتُ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ صَالِحَةً - فِي كُلِّ زَمَانٍ - لِفَهْمِ تَشْرِيعِ الشَّارِعِ وَمَقْصِدِهِ مِنَ التَّشْرِيعِ ، فَيَكُونُوا قَادِرِينَ عَلَى اسْتِنْبَاطِ الْأَحْكَامِ التَّشْرِيعِيَّةِ ، وَلَوْ صِيغَ لَهُمُ التَّشْرِيعُ فِي أُسْلُوبٍ سَهْلِ التَّنَاوُلِ لَاعْتَادُوا الْعُكُوفَ عَلَى مَا بَيْنَ أَنْظَارِهِمْ فِي الْمُطَالَعَةِ الْوَاحِدَةِ . مِنْ أَجْلِ هَذَا كَانَتْ صَلُوحِيَّةُ عِبَارَاتِهِ لِاخْتِلَافِ مَنَازِعِ الْمُجْتَهِدِينَ قَائِمَةً مَقَامَ تَلَاحُقِ الْمُؤَلِّفِينَ فِي تَدْوِينِ كُتُبِ الْعُلُومِ ، تَبَعًا لِاخْتِلَافِ مَرَاتِبِ الْعُصُورِ .
فَإِذَا عَلِمْتَ هَذَا عَلِمْتَ أَصْلَ السَّبَبِ فِي وُجُودِ مَا يُسَمَّى بِالْمُتَشَابِهِ فِي الْقُرْآنِ . وَبَقِيَ أَنْ نَذْكُرَ لَكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28911_28899مَرَاتِبَ التَّشَابُهِ وَتَفَاوُتَ أَسْبَابِهَا . وَأَنَّهَا فِيمَا انْتَهَى إِلَيْهِ اسْتِقْرَاؤُنَا الْآنَ عَشْرُ مَرَاتِبَ : أُولَاهَا : مَعَانٍ قُصِدَ إِيدَاعُهَا فِي الْقُرْآنِ ، وَقُصِدَ إِجْمَالُهَا : إِمَّا لِعَدَمِ قَابِلِيَّةِ الْبَشَرِ لِفَهْمِهَا ، وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ ، إِنْ قُلْنَا بِوُجُودِ الْمُجْمَلِ ، الَّذِي اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِعِلْمِهِ ، عَلَى مَا سَيَأْتِي ، وَنَحْنُ لَا نَخْتَارُهُ ، وَإِمَّا لِعَدَمِ قَابِلِيَّتِهِمْ لِكُنْهِ فَهْمِهَا ، فَأُلْقِيَتْ إِلَيْهِمْ عَلَى وَجْهِ الْجُمْلَةِ . أَوْ لِعَدَمِ قَابِلِيَّةِ بَعْضِهِمْ فِي عَصْرٍ أَوْ جِهَةٍ ، لِفَهْمِهَا بِالْكُنْهِ . وَمِنْ هَذَا : أَحْوَالُ الْقِيَامَةِ ، وَبَعْضُ شُئُونِ الرُّبُوبِيَّةِ ؛ كَالْإِتْيَانِ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ ، وَالرُّؤْيَةِ ، وَالْكَلَامِ ، وَنَحْوِ ذَلِكَ .
وَثَانِيَتُهَا : مَعَانٍ قُصِدَ إِشْعَارُ الْمُسْلِمِينَ بِهَا ، وَتَعَيَّنَ إِجْمَالُهَا ، مَعَ إِمْكَانِ حَمْلِهَا عَلَى مَعَانٍ مَعْلُومَةٍ ، لَكِنْ بِتَأْوِيلَاتٍ : كَحُرُوفِ أَوَائِلِ السُّوَرِ ، وَنَحْوِ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=5الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=29ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ .
ثَالِثَتُهَا : مَعَانٍ عَالِيَةٌ ضَاقَتْ عَنْ إِيفَاءِ كُنْهِهَا اللُّغَةُ الْمَوْضُوعَةُ لِأَقْصَى مَا هُوَ مُتَعَارَفُ أَهْلِهَا ، فَعُبِّرَ عَنْ تِلْكَ الْمَعَانِي بِأَقْصَى مَا يُقَرِّبُ مَعَانِيَهَا إِلَى الْأَفْهَامِ ، وَهَذَا مِثْلُ أَكْثَرِ صِفَاتِ اللَّهِ نَحْوَ الرَّحِمَنِ ، الرَّءُوفِ ، الْمُتَكَبِّرِ ، نُورِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ .
[ ص: 159 ] رَابِعَتُهَا : مَعَانٍ قَصُرَتْ عَنْهَا الْأَفْهَامُ فِي بَعْضِ أَحْوَالِ الْعُصُورِ ، وَأُودِعَتْ فِي الْقُرْآنِ لِيَكُونَ وُجُودُهَا مُعْجِزَةً قُرْآنِيَّةً عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي عُصُورٍ قَدْ يَضْعُفُ فِيهَا إِدْرَاكُ الْإِعْجَازِ النَّظْمِيِّ ، نَحْوَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=38وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=22وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=5يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=88وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=20تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=35زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=7وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=11ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ وَذِكْرُ سَدِّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ .
خَامِسَتُهَا : مَجَازَاتٌ وَكِنَايَاتٌ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ ، إِلَّا أَنَّ ظَاهِرَهَا أَوْهَمَ مَعَانِيَ لَا يَلِيقُ الْحَمْلُ عَلَيْهَا فِي جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى لِإِشْعَارِهَا بِصِفَاتٍ تُخَالِفُ كَمَالَ الْإِلَهِيَّةِ ، وَتَوَقَّفَ فَرِيقٌ فِي مَحْمَلِهَا تَنْزِيهًا ، نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=48فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=47وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ .
وَسَادِسَتُهَا : أَلْفَاظٌ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ لَمْ تُعْرَفْ لَدَى الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بَيْنَهُمْ : قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ ، مِثْلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=31وَفَاكِهَةً وَأَبًّا وَمِثْلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=47أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلَى تَخَوُّفٍ nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=114إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=36وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ .
سَابِعَتُهَا : مُصْطَلَحَاتٌ شَرْعِيَّةٌ لَمْ يَكُنْ لِلْعَرَبِ عِلْمٌ بِخُصُوصِهَا ، فَمَا اشْتَهَرَ مِنْهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مَعْنَاهُ ، صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً : كَالتَّيَمُّمِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَمَا لَمْ يَشْتَهِرْ بَقِيَ فِيهِ إِجْمَالٌ : كَالرِّبَا قَالَ
عُمَرُ نَزَلَتْ آيَاتُ الرِّبَا فِي آخِرِ مَا أُنْزِلَ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُبَيِّنْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
ثَامِنَتُهَا : أَسَالِيبُ عَرَبِيَّةٌ خَفِيَتْ عَلَى أَقْوَامٍ فَظَنُّوا الْكَلَامَ بِهَا مُتَشَابِهًا ، وَهَذَا مِثْلَ زِيَادَةِ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَمِثْلَ الْمُشَاكَلَةِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=142يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ [ ص: 160 ] فَيَعْلَمُ السَّامِعُ أَنَّ إِسْنَادَ " خَادِعُ " إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ إِسْنَادٌ بِمَعْنًى مَجَازِيٍّ اقْتَضَتْهُ الْمُشَاكَلَةُ .
وَتَاسِعَتُهَا : آيَاتٌ جَاءَتْ عَلَى عَادَاتِ الْعَرَبِ ، فَفَهِمَهَا الْمُخَاطَبُونَ ، وَجَاءَ مَنْ بَعْدَهُمْ فَلَمْ يَفْهَمُوهَا ، فَظَنُّوهَا مِنَ الْمُتَشَابِهِ ، مِثْلَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=158فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا ، فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ
ابْنُ الزُّبَيْرِ ( قُلْتُ
لِعَائِشَةَ - وَكُنْتُ يَوْمَئِذٍ حَدَثًا لَمْ أَتَفَقَّهْ - لَا أَرَى بَأْسًا عَلَى أَحَدٍ أَلَّا يَطَّوَّفَ
بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ) فَقَالَتْ لَهُ : ( لَيْسَ كَمَا قُلْتَ إِنَّمَا كَانَ
الْأَنْصَارُ يُهِلُّونَ لِمَنَاةَ الطَّاغِيَةِ ) إِلَخْ .
وَمِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=93لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا الْآيَةَ . فَإِنَّ الْمُرَادَ فِيمَا شَرِبُوا مِنَ الْخَمْرِ قَبْلَ تَحْرِيمِهَا .
عَاشِرَتُهَا : أَفْهَامٌ ضَعِيفَةٌ عَدَّتْ كَثِيرًا مِنَ الْمُتَشَابِهِ وَمَا هُوَ مِنْهُ ، وَذَلِكَ أَفْهَامُ الْبَاطِنِيَّةِ ، وَأَفْهَامُ الْمُشَبِّهَةِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=42يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ .
وَلَيْسَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ مَا صُرِّحَ فِيهِ بِأَنَّا لَا نَصِلُ إِلَى عِلْمِهِ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=85قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَلَا مَا صُرِّحَ فِيهِ بِجَهْلِ وَقْتِهِ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=187لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً .
وَلَيْسَ مِنَ الْمُتَشَابِهِ مَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى يُعَارِضُ الْحَمْلَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ آخَرُ مُنْفَصِلٌ عَنْهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى قَاعِدَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ ، أَوْ تَرْجِيحِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى خِطَابًا لِإِبْلِيسَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=64وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ الْآيَةَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ مَعَ مَا فِي الْآيَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=205وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ .
وَقَدْ عَلِمْتُمْ مِنْ هَذَا أَنَّ مِلَاكَ التَّشَابُهِ هُوَ عَدَمُ التَّوَاطُؤِ بَيْنَ الْمَعَانِي وَاللُّغَةِ : إِمَّا لِضِيقِهَا عَنِ الْمَعَانِي ، وَإِمَّا لِضِيقِ الْأَفْهَامِ عَنِ اسْتِعْمَالِ اللُّغَةِ فِي الْمَعْنَى ، وَإِمَّا لِتَنَاسِي بَعْضِ اللُّغَةِ ، فَيَتَبَيَّنُ لَكَ أَنَّ الْإِحْكَامَ وَالتَّشَابُهَ : صِفَتَانِ لِلْأَلْفَاظِ ، بِاعْتِبَارِ فَهْمِ الْمَعَانِي .
وَإِنَّمَا أَخْبَرَ عَنْ ضَمِيرِ آيَاتٍ مُحْكَمَاتٍ ، وَهُوَ ضَمِيرُ جَمْعٍ ، بَاسِمٍ مُفْرَدٍ لَيْسَ دَالًّا عَلَى أَجْزَاءٍ وَهُوَ " أُمُّ " لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ صِنْفَ الْآيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ يَتَنَزَّلُ مِنَ الْكِتَابِ مَنْزِلَةَ أُمِّهِ أَيْ أَصْلِهِ وَمَرْجِعِهِ الَّذِي يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي فَهْمِ الْكِتَابِ وَمَقَاصِدِهِ . وَالْمَعْنَى : هُنَّ
[ ص: 161 ] كَأُمٍّ لِلْكِتَابِ . وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ آيَةٍ مِنَ الْمُحْكَمَاتِ أُمٌّ لِلْكِتَابِ فِي مَا تَتَضَمَّنُهُ مِنَ الْمَعْنَى . وَهَذَا كَقَوْلِ
النَّابِغَةِ يَذْكُرُ
بَنِي أَسَدٍ :
فَهُمْ دِرْعِي الَّتِي اسْتَلْأَمْتُ فِيهَا
أَيْ مَجْمُوعُهُمْ كَالدِّرْعِ لِي ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ
بَنِي أَسَدٍ بِمَنْزِلَةِ حَلْقَةٍ مِنْ حِلَقِ الدِّرْعِ . وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا .
وَالْكَلَامُ عَلَى أُخَرُ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ .