nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28974_28872_19007فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين .
تفريع على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=60الحق من ربك فلا تكن من الممترين لما فيه من إيماء إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=29392وفد نجران ممترون في هذا الذي بين الله لهم في هذه الآيات : أي فإن استمروا على محاجتهم إياك مكابرة في هذا الحق أو في شأن
عيسى فادعهم إلى المباهلة والملاعنة . ذلك أن تصميمهم على معتقدهم بعد هذا البيان مكابرة محضة بعد ما جاءك من العلم وبينت لهم ، فلم يبق أوضح مما حاججتهم به فعلمت أنهم إنما يحاجونك عن مكابرة ، وقلة يقين ، فادعهم إلى المباهلة بالملاعنة الموصوفة هنا .
و " تعالوا " اسم فعل لطلب القدوم ، وهو في الأصل أمر من تعالى يتعالى إذا قصد العلو ، فكأنهم أرادوا في الأصل أمرا بالصعود إلى مكان عال تشريفا للمدعو ، ثم شاع
[ ص: 265 ] حتى صار لمطلق الأمر بالقدوم أو الحضور ، وأجريت عليه أحوال اسم الفعل فهو مبني على فتح آخره ، وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=12126أبي فراس الحمداني :
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا تعالي أقاسمك الهموم تعالي
فقد لحنوه فيه .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ائتوا وادعوا أبناءكم ونحن ندعو أبناءنا إلى آخره ، والمقصود هو قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61ثم نبتهل إلى آخره .
و " ثم " هنا للتراخي الرتبي .
والابتهال مشتق من البهل وهو الدعاء باللعن ويطلق على الاجتهاد في الدعاء مطلقا لأن الداعي باللعن يجتهد في دعائه ، والمراد في الآية المعنى الأول .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فنجعل لعنة الله فندع بإيقاع اللعنة على الكاذبين . وهذا الدعاء إلى المباهلة إلجاء لهم إلى أن يعترفوا بالحق أو يكفوا . روى المفسرون وأهل السيرة أن وفد
نجران لما دعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الملاعنة قال لهم العاقب : لا نلاعنه ، فوالله لئن كان نبيئا فلاعننا لا نفلح أبدا ولا عقبنا من بعدنا . فلم يجيبوا إلى المباهلة وعدلوا إلى المصالحة كما سيأتي .
وهذه المباهلة لعلها من طرق التناصف عند
النصارى فدعاهم إليها النبيء - صلى الله عليه وسلم - لإقامة الحجة عليهم .
وإنما جمع في الملاعنة الأبناء والنساء : لأنه لما ظهرت مكابرتهم في الحق وحب الدنيا ، علم أن من هذه صفته يكون أهله ونساؤه أحب إليه من الحق كما قال
شعيب :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=92أرهطي أعز عليكم من الله وأنه يخشى سوء العيش وفقدان الأهل ، ولا يخشى عذاب الآخرة .
والظاهر أن المراد بضمير المتكلم المشارك أنه عائد إلى النبيء - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المسلمين ، والذين يحضرهم لذلك وأبناء أهل الوفد ونساؤهم اللائي كن معهم .
[ ص: 266 ] والنساء : الأزواج لا محالة ، وهو إطلاق معروف عند العرب إذا أضيف لفظ النساء إلى واحد أو جماعة دون ما إذا ورد غير مضاف ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32يا نساء النبيء لستن كأحد من النساء وقال : ونساء المؤمنين ، وقال
النابغة :
حذارا على أن لا تنال مقادتي ولا نسوتي حتى يمتن حرائرا
والأنفس أنفس المتكلمين وأنفس المخاطبين أي وإيانا وإياكم ، وأما الأبناء فيحتمل أن المراد شبانهم ، ويحتمل أنه يشمل الصبيان ، والمقصود أن تعود عليهم آثار الملاعنة .
والابتهال افتعال من البهل ، وهو اللعن ، يقال : بهله الله بمعنى لعنه واللعنة بهلة وبهلة بالضم والفتح ، ثم استعمل الابتهال مجازا مشهورا في مطلق الدعاء ، قال
الأعشى :
لا تقعدن وقد أكلتها حطبـا تعوذ من شرها يوما وتبتهل
وهو المراد هنا بدليل أنه فرع عليه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فنجعل لعنة الله على الكاذبين .
وهذه دعوة إنصاف لا يدعو لها إلا واثق بأنه على الحق . وهذه المباهلة لم تقع لأن نصارى
نجران لم يستجيبوا إليها . وقد روى
أبو نعيم في الدلائل أن النبيء هيأ
عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ليصحبهم معه للمباهلة . ولم يذكروا فيه إحضار نسائه ولا إحضار بعض المسلمين .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61nindex.php?page=treesubj&link=28974_28872_19007فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ .
تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=60الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيمَاءٍ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29392وَفْدَ نَجْرَانَ مُمْتَرُونَ فِي هَذَا الَّذِي بَيَّنَ اللَّهُ لَهُمْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ : أَيْ فَإِنِ اسْتَمَرُّوا عَلَى مُحَاجَّتِهِمْ إِيَّاكَ مُكَابَرَةً فِي هَذَا الْحَقِّ أَوْ فِي شَأْنِ
عِيسَى فَادْعُهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ وَالْمُلَاعَنَةِ . ذَلِكَ أَنَّ تَصْمِيمَهُمْ عَلَى مُعْتَقَدِهِمْ بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ مُكَابَرَةٌ مَحْضَةٌ بَعْدَ مَا جَاءَكَ مِنِ الْعِلْمِ وَبَيَّنْتَ لَهُمْ ، فَلَمْ يَبْقَ أَوْضَحُ مِمَّا حَاجَجْتَهُمْ بِهِ فَعَلِمْتَ أَنَّهُمْ إِنَّمَا يُحَاجُّونَكَ عَنْ مُكَابَرَةٍ ، وَقِلَّةِ يَقِينٍ ، فَادْعُهُمْ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ بِالْمُلَاعَنَةِ الْمَوْصُوفَةِ هُنَا .
وَ " تَعَالَوْا " اسْمُ فِعْلٍ لِطَلَبِ الْقُدُومِ ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ أَمْرٌ مِنْ تَعَالَى يَتَعَالَى إِذَا قَصَدَ الْعُلُوَّ ، فَكَأَنَّهُمْ أَرَادُوا فِي الْأَصْلِ أَمْرًا بِالصُّعُودِ إِلَى مَكَانٍ عَالٍ تَشْرِيفًا لِلْمَدْعُوِّ ، ثُمَّ شَاعَ
[ ص: 265 ] حَتَّى صَارَ لِمُطْلَقِ الْأَمْرِ بِالْقُدُومِ أَوِ الْحُضُورِ ، وَأُجْرِيَتْ عَلَيْهِ أَحْوَالُ اسْمِ الْفِعْلِ فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى فَتْحِ آخِرِهِ ، وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12126أَبِي فِرَاسٍ الْحَمْدَانِيِّ :
أَيَا جَارَتَا مَا أَنْصَفَ الدَّهْرُ بَيْنَنَا تَعَالَيْ أُقَاسِمْكِ الْهُمُومَ تَعَالِي
فَقَدْ لَحَّنُوهُ فِيهِ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ ائْتُوا وَادْعُوا أَبْنَاءَكُمْ وَنَحْنُ نَدْعُو أَبْنَاءَنَا إِلَى آخِرِهِ ، وَالْمَقْصُودُ هُوَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61ثُمَّ نَبْتَهِلْ إِلَى آخِرِهِ .
وَ " ثُمَّ " هُنَا لِلتَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ .
وَالِابْتِهَالُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْبَهْلِ وَهُوَ الدُّعَاءُ بِاللَّعْنِ وَيُطْلَقُ عَلَى الِاجْتِهَادِ فِي الدُّعَاءِ مُطْلَقًا لِأَنَّ الدَّاعِيَ بِاللَّعْنِ يَجْتَهِدُ فِي دُعَائِهِ ، وَالْمُرَادُ فِي الْآيَةِ الْمَعْنَى الْأَوَّلُ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ فَنَدْعُ بِإِيقَاعِ اللَّعْنَةِ عَلَى الْكَاذِبِينَ . وَهَذَا الدُّعَاءُ إِلَى الْمُبَاهَلَةِ إِلْجَاءٌ لَهُمْ إِلَى أَنْ يَعْتَرِفُوا بِالْحَقِّ أَوْ يَكُفُّوا . رَوَى الْمُفَسِّرُونَ وَأَهْلُ السِّيرَةِ أَنَّ وَفْدَ
نَجْرَانَ لَمَّا دَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمُلَاعَنَةِ قَالَ لَهُمُ الْعَاقِبُ : لَا نُلَاعِنُهُ ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيئًا فَلَاعَنَنَا لَا نُفْلِحُ أَبَدًا وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا . فَلَمْ يُجِيبُوا إِلَى الْمُبَاهَلَةِ وَعَدَلُوا إِلَى الْمُصَالَحَةِ كَمَا سَيَأْتِي .
وَهَذِهِ الْمُبَاهَلَةُ لَعَلَّهَا مِنْ طُرُقِ التَّنَاصُفِ عِنْدَ
النَّصَارَى فَدَعَاهُمْ إِلَيْهَا النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ .
وَإِنَّمَا جَمَعَ فِي الْمُلَاعَنَةِ الْأَبْنَاءَ وَالنِّسَاءَ : لِأَنَّهُ لَمَّا ظَهَرَتْ مُكَابَرَتُهُمْ فِي الْحَقِّ وَحُبُّ الدُّنْيَا ، عُلِمَ أَنَّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ يَكُونُ أَهْلُهُ وَنِسَاؤُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ كَمَا قَالَ
شُعَيْبٌ :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=92أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَأَنَّهُ يَخْشَى سُوءَ الْعَيْشِ وَفُقْدَانَ الْأَهْلِ ، وَلَا يَخْشَى عَذَابَ الْآخِرَةِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ الْمُشَارَكِ أَنَّهُ عَائِدٌ إِلَى النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَالَّذِينَ يَحْضُرُهُمْ لِذَلِكَ وَأَبْنَاءُ أَهْلِ الْوَفْدِ وَنِسَاؤُهُمُ اللَّائِي كُنَّ مَعَهُمْ .
[ ص: 266 ] وَالنِّسَاءُ : الْأَزْوَاجُ لَا مَحَالَةَ ، وَهُوَ إِطْلَاقٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَرَبِ إِذَا أُضِيفَ لَفْظُ النِّسَاءِ إِلَى وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ دُونَ مَا إِذَا وَرَدَ غَيْرَ مُضَافٍ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=32يَا نِسَاءَ النَّبِيءِ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ وَقَالَ : وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَقَالَ
النَّابِغَةُ :
حِذَارًا عَلَى أَنْ لَا تُنَالَ مَقَادَتِي وَلَا نِسْوَتِي حَتَّى يَمُتْنَ حَرَائِرَا
وَالْأَنْفُسُ أَنْفُسُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَنْفُسُ الْمُخَاطَبِينَ أَيْ وَإِيَّانَا وَإِيَّاكُمْ ، وَأَمَّا الْأَبْنَاءُ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ شُبَّانُهُمْ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَشْمَلُ الصِّبْيَانَ ، وَالْمَقْصُودُ أَنْ تَعُودَ عَلَيْهِمْ آثَارُ الْمُلَاعَنَةِ .
وَالِابْتِهَالُ افْتِعَالٌ مِنَ الْبَهْلِ ، وَهُوَ اللَّعْنُ ، يُقَالُ : بَهَلَهُ اللَّهُ بِمَعْنَى لَعَنَهُ وَاللَّعْنَةُ بَهْلَةٌ وَبُهْلَةٌ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ ، ثُمَّ اسْتُعْمِلَ الِابْتِهَالُ مَجَازًا مَشْهُورًا فِي مُطْلَقِ الدُّعَاءِ ، قَالَ
الْأَعْشَى :
لَا تَقْعُدَنَّ وَقَدْ أَكَّلْتَهَا حَطَبًـا تَعُوذُ مِنْ شَرِّهَا يَوْمًا وَتَبْتَهِلُ
وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ فَرَّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=61فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ .
وَهَذِهِ دَعْوَةُ إِنْصَافٍ لَا يَدْعُو لَهَا إِلَّا وَاثِقٌ بِأَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ . وَهَذِهِ الْمُبَاهَلَةُ لَمْ تَقَعْ لِأَنَّ نَصَارَى
نَجْرَانَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا إِلَيْهَا . وَقَدْ رَوَى
أَبُو نُعَيْمٍ فِي الدَّلَائِلِ أَنَّ النَّبِيءَ هَيَّأَ
عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا لِيَصْحَبَهُمْ مَعَهُ لِلْمُبَاهَلَةِ . وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ إِحْضَارَ نِسَائِهِ وَلَا إِحْضَارَ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ .