nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81nindex.php?page=treesubj&link=28974_31802وإذ أخذ الله ميثاق النبيئين لما آتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون .
عطف
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وإذ أخذ الله على
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=80ولا يامركم أن تتخذوا الملائكة أي ما أمركم الأنبياء بشيء مما تقولتم عليهم وقد أمروكم بغير ذلك فأضعتموه حين أخذ الله ميثاقهم ليبلغوه إليكم ، فالمعطوف هو ظرف إذ وما تعلق به .
[ ص: 298 ] ويجوز أن يتعلق إذ بقوله أأقررتم مقدما عليه ، ويصح أن تجعل إذ بمعنى زمان غير ظرف والتقدير : واذكر إذ
nindex.php?page=treesubj&link=31802أخذ الله ميثاق النبيئين ، فالمقصود الحكاية عن ذلك الزمان وما معه فيكون قال أأقررتم معطوفا بحذف العاطف . كما هو الشأن في جمل المحاورة وكذلك قوله قالوا أقررنا .
ويصح أن تكون جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81قال أأقررتم وما بعدها بيانا لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81أخذ الله ميثاق النبيئين باعتبار ما يقتضيه فعل
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81أخذ الله ميثاق النبيئين : من أن النبيين أعطوا ميثاقا لله فقال : أأقررتم قالوا : أقررنا إلخ . ويكون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81لما آتيناكم إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81ولتنصرنه هو صيغة الميثاق .
وهذا الميثاق أخذه الله على جميع الأنبياء ، يؤذونهم فيه بأن رسولا يجيء مصدقا لما معهم ، ويأمرهم بالإيمان به وبنصره ، والمقصود من ذلك إعلام أممهم بذلك ليكون الميثاق محفوظا لدى سائر الأجيال ، بدليل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فمن تولى بعد ذلك إلخ إذ لا يجوز على الأنبياء التولي والفسق ولكن المقصود أممهم كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65لئن أشركت ليحبطن عملك . وبدليل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81قال فاشهدوا أي على أممكم . وإلى هذا يرجع ما ورد في القرآن من دعوة
إبراهيم عليه السلام
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=129ربنا وابعث فيهم رسولا منهم ، وقد جاء في سفر التثنية قول
موسى عليه السلام قال لي الرب : أقيم لهم نبيا من وسط إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فمه فيكلمهم بكل ما أوصيه به . وإخوة بني إسرائيل هم
بنو إسماعيل ، ولو كان المراد نبيئا إسرائيليا لقال أقيم لهم نبيئا منهم على ما في ترجمة التوراة من غموض ولعل النص الأصلي أصلح من هذا المترجم .
والبشارات في كتب أنبياء بني إسرائيل وفي الإنجيل كثيرة ففي
متى قول
المسيح وتقوم أنبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين ولكن الذي يصبر أي يبقى أخيرا إلى المنتهى فهذا يخلص ويكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة لجميع الأمم ثم يأتي المنتهى ، وفي إنجيل
يوحنا قول
المسيح " وأنا أطلب من الأب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الرب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم ومتى جاء المعزى روح الحق الذي من عند الأب ينبثق فهو يشهد " لي إلى غير ذلك .
[ ص: 299 ] وفي أخذ العهد على الأنبياء زيادة تنويه برسالة
محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وهذا المعنى هو ظاهر الآية ، وبه فسر محققو المفسرين من السلف منهم
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، والسدي .
ومن العلماء من استبعد أن يكون أخذ العهد على الأنبياء حقيقة نظرا إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون توهموه متعينا لأن يكون المراد بمن تولى من النبيين المخاطبين ، وستعلم أنه ليس كذلك ، فتأولوا الآية بأن المراد من أخذ العهد على أممهم ، وسلكوا مسالك مختلفة من التأويل فمنهم من جعل إضافة الميثاق للنبيين إضافة تشبه إضافة المصدر إلى فاعله أي أخذ الله على الأمم ميثاق أنبيائهم منهم ، ومنهم من قدر حذف المضاف أي أمم النبيين أو أولاد النبيين وإليه مال قول
مجاهد والربيع ، واحتجوا بقراءة
أبي ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، هذه الآية : وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لما آتيناكم من كتاب ، ولم يقرأ : ميثاق النبيئين ، وزاد
مجاهد فقال : إن قراءة
أبي هي القرآن ، وإن لفظ النبيئين غلط من الكتاب ، ورده
ابن عطية وغيره بإجماع الصحابة والأمة على مصحف
عثمان .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81لما آتيناكم قرأ الجمهور لما بفتح اللام وتخفيف الميم فاللام موطئة للقسم ، ولأن أخذ الميثاق في معنى اليمين وما موصولة مبتدأ وآتيناكم صلته وحذف العائد المنصوب جرى على الغالب في مثله ومن كتاب بيان للموصول وصلته ، وعطف ثم جاءكم على آتيناكم أي الذي آتيناكموه وجاءكم بعده رسول . ولتؤمنن اللام فيه لام جواب القسم والجواب سد مسد خبر المبتدأ كما هو المعروف وضمير به عائد على الرسول وحذف ما يعود على ما آتيناكم لظهوره .
وقرأه
حمزة : بكسر لام لما فتكون اللام للتعليل متعلقة بقوله لتؤمنن به أي شكرا على ما آتيتكم وعلى أن بعثت إليكم رسولا مصدقا لما كنتم عليه من الدين ولا يضر عمل ما بعد لام القسم فيما قبلها فأخذ الميثاق عليهم مطلقا ثم علل جواب القسم بأنه من شكر نعمة الإيتاء والتصديق ، ولا يصح من جهة المعنى تعليق لما آتيناكم بفعل القسم المحذوف ، لأن الشكر علة للجواب ، لا لأخذ العهد .
ولام لتؤمنن لام جواب القسم ، على الوجه الأول ، وموطئة للقسم على الوجه الثاني .
[ ص: 300 ] وقرأ
نافع ، وأبو جعفر : آتيناكم بنون العظمة وقرأه الباقون آتيتكم بتاء المتكلم .
وجملة قال أأقررتم بدل اشتمال من جملة أخذ الله ميثاق النبيين .
والإقرار هنا مستعمل في معنى التحقيق بالوفاء مما أخذ من الميثاق .
والإصر : بكسر الهمزة ، العهد المؤكد الموثق واشتقاقه من الإصار بكسر الهمزة وهو ما يعقد ويسد به ، وقد تقدم الكلام على حقيقته ومجازه في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286ربنا ولا تحمل علينا إصرا في سورة البقرة .
وقوله فاشهدوا إن كان شهادة على أنفسهم فهي بمعنى التوثق والتحقيق وكذلك قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وأنا معكم من الشاهدين كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18شهد الله أنه لا إله إلا هو وإن كانت شهادة على أممهم بتبليغ ذلك الميثاق فالمعنى فاشهدوا على أممكم بذلك ، والله شاهد على الجميع كما شهد النبيئون على الأمم .
وقوله فمن تولى بعد ذلك أي من تولى ممن شهدتم عليهم ، وهم الأمم ، ولذلك لم يقل : فمن تولى بعد ذلك منكم كما قال في الآية التي خوطب فيها بنو إسرائيل في سورة المائدة
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل .
ووجه الحصر في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فأولئك هم الفاسقون أنه للمبالغة لأن فسقهم في هذه الحالة أشد فسق فجعل غيره من الفسق كالعدم .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81nindex.php?page=treesubj&link=28974_31802وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيئِينَ لَمَا آتَيْنَاكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ .
عَطَفَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=80وَلَا يَامُرُكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ أَيْ مَا أَمَرَكُمُ الْأَنْبِيَاءُ بِشَيْءٍ مِمَّا تَقَوَّلْتُمْ عَلَيْهِمْ وَقَدْ أَمَرُوكُمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ فَأَضَعْتُمُوهُ حِينَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَهُمْ لِيُبَلِّغُوهُ إِلَيْكُمْ ، فَالْمَعْطُوفُ هُوَ ظَرْفُ إِذْ وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ .
[ ص: 298 ] وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ إِذْ بِقَوْلِهِ أَأَقْرَرْتُمْ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ ، وَيَصِحُّ أَنْ تُجْعَلَ إِذْ بِمَعْنَى زَمَانٍ غَيْرِ ظَرْفٍ وَالتَّقْدِيرُ : وَاذْكُرْ إِذْ
nindex.php?page=treesubj&link=31802أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيئِينَ ، فَالْمَقْصُودُ الْحِكَايَةُ عَنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَمَا مَعَهُ فَيَكُونُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ مَعْطُوفًا بِحَذْفِ الْعَاطِفِ . كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي جُمَلِ الْمُحَاوَرَةِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ قَالُوا أَقْرَرْنَا .
وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَمَا بَعْدَهَا بَيَانًا لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيئِينَ بِاعْتِبَارِ مَا يَقْتَضِيهِ فِعْلُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيئِينَ : مِنْ أَنَّ النَّبِيِّينَ أَعْطَوْا مِيثَاقًا لِلَّهِ فَقَالَ : أَأَقْرَرْتُمْ قَالُوا : أَقْرَرْنَا إِلَخْ . وَيَكُونَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81لَمَا آتَيْنَاكُمْ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وَلَتَنْصُرُنَّهُ هُوَ صِيغَةُ الْمِيثَاقِ .
وَهَذَا الْمِيثَاقُ أَخَذَهُ اللَّهُ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ ، يُؤْذُونَهُمْ فِيهِ بِأَنَّ رَسُولًا يَجِيءُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِنَصْرِهِ ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ إِعْلَامُ أُمَمَهِمْ بِذَلِكَ لِيَكُونَ الْمِيثَاقُ مَحْفُوظًا لَدَى سَائِرِ الْأَجْيَالِ ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ إِلَخْ إِذْ لَا يَجُوزُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ التَّوَلِّي وَالْفِسْقُ وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ أُمَمُهُمْ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=65لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ . وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81قَالَ فَاشْهَدُوا أَيْ عَلَى أُمَمِكُمْ . وَإِلَى هَذَا يَرْجِعُ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ دَعْوَةِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=129رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ ، وَقَدْ جَاءَ فِي سِفْرِ التَّثْنِيَةِ قَوْلُ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ لِيَ الرَّبُّ : أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلَكَ وَأَجْعَلُ كَلَامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ . وَإِخْوَةُ بَنِي إِسْرَائِيلَ هُمْ
بَنُو إِسْمَاعِيلَ ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ نَبِيئًا إِسْرَائِيلِيًّا لَقَالَ أُقِيمُ لَهُمْ نَبِيئًا مِنْهُمْ عَلَى مَا فِي تَرْجَمَةِ التَّوْرَاةِ مِنْ غُمُوضٍ وَلَعَلَّ النَّصَّ الْأَصْلِيَّ أَصْلَحُ مِنْ هَذَا الْمُتَرْجَمِ .
وَالْبِشَارَاتُ فِي كُتُبِ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَفِي الْإِنْجِيلِ كَثِيرَةٌ فَفِي
مَتَّى قَوْلُ
الْمَسِيحِ وَتَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ وَلَكِنَّ الَّذِي يَصْبِرُ أَيْ يَبْقَى أَخِيرًا إِلَى الْمُنْتَهَى فَهَذَا يَخْلُصُ وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الْأُمَمِ ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى ، وَفِي إِنْجِيلِ
يُوحَنَّا قَوْلُ
الْمَسِيحِ " وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الْأَبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الْأَبَدِ وَأَمَّا الْمُعَزِّي الرُّوحُ الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الرَّبُّ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزَّى رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الْأَبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ " لِي إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ .
[ ص: 299 ] وَفِي أَخْذِ الْعَهْدِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ زِيَادَةُ تَنْوِيهٍ بِرِسَالَةِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَهَذَا الْمَعْنَى هُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ ، وَبِهِ فَسَّرَ مُحَقِّقُو الْمُفَسِّرِينَ مِنَ السَّلَفِ مِنْهُمْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وَطَاوُسٌ ، وَالسُّدِّيُّ .
وَمِنَ الْعُلَمَاءِ مَنِ اسْتَبْعَدَ أَنْ يَكُونَ أَخْذُ الْعَهْدِ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ حَقِيقَةً نَظَرًا إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ تَوَهَّمُوهُ مُتَعَيِّنًا لِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِمَنْ تَوَلَّى مِنَ النَّبِيِّينَ الْمُخَاطَبِينَ ، وَسَتَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ ، فَتَأَوَّلُوا الْآيَةَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ أَخْذِ الْعَهْدِ عَلَى أُمَمِهِمْ ، وَسَلَكُوا مَسَالِكَ مُخْتَلِفَةً مِنَ التَّأْوِيلِ فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ إِضَافَةَ الْمِيثَاقِ لِلنَّبِيِّينَ إِضَافَةً تُشْبِهُ إِضَافَةَ الْمَصْدَرِ إِلَى فَاعِلِهِ أَيْ أَخَذَ اللَّهُ عَلَى الْأُمَمِ مِيثَاقَ أَنْبِيَائِهِمْ مِنْهُمْ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَدَّرَ حَذْفَ الْمُضَافِ أَيْ أُمَمِ النَّبِيِّينَ أَوْ أَوْلَادِ النَّبِيِّينَ وَإِلَيْهِ مَالَ قَوْلُ
مُجَاهِدٍ وَالرَّبِيعِ ، وَاحْتَجُّوا بِقِرَاءَةِ
أُبَيٍّ ، nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ ، هَذِهِ الْآيَةَ : وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَمَا آتَيْنَاكُمْ مِنْ كِتَابٍ ، وَلَمْ يَقْرَأْ : مِيثَاقَ النَّبِيئِينَ ، وَزَادَ
مُجَاهِدٌ فَقَالَ : إِنَّ قِرَاءَةَ
أُبَيٍّ هِيَ الْقُرْآنُ ، وَإِنَّ لَفْظَ النَّبِيئِينَ غَلَطٌ مِنَ الْكُتَّابِ ، وَرَدَّهُ
ابْنُ عَطِيَّةَ وَغَيْرُهُ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَالْأُمَّةِ عَلَى مُصْحَفِ
عُثْمَانَ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81لَمَا آتَيْنَاكُمْ قَرَأَ الْجُمْهُورُ لَمَا بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ فَاللَّامُ مُوطِئَةٌ لِلْقَسَمِ ، وَلِأَنَّ أَخْذَ الْمِيثَاقِ فِي مَعْنَى الْيَمِينِ وَمَا مَوْصُولَةٌ مُبْتَدَأٌ وَآتَيْنَاكُمْ صِلَتُهُ وَحَذْفُ الْعَائِدِ الْمَنْصُوبِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ فِي مِثْلِهِ وَمِنْ كِتَابٍ بَيَانٌ لِلْمَوْصُولِ وَصِلَتِهِ ، وَعُطِفَ ثُمَّ جَاءَكُمْ عَلَى آتَيْنَاكُمْ أَيِ الَّذِي آتَيْنَاكُمُوهُ وَجَاءَكُمْ بَعْدَهُ رَسُولٌ . وَلَتُؤْمِنُنَّ اللَّامُ فِيهِ لَامُ جَوَابِ الْقَسَمِ وَالْجَوَابُ سَدَّ مَسَدَّ خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ كَمَا هُوَ الْمَعْرُوفُ وَضَمِيرُ بِهِ عَائِدٌ عَلَى الرَّسُولِ وَحُذِفَ مَا يَعُودُ عَلَى مَا آتَيْنَاكُمْ لِظُهُورِهِ .
وَقَرَأَهُ
حَمْزَةُ : بِكَسْرِ لَامِ لَمَا فَتَكُونُ اللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ لِتُؤْمِنُنَّ بِهِ أَيْ شُكْرًا عَلَى مَا آتَيْتُكُمْ وَعَلَى أَنْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ رَسُولًا مُصَدِّقًا لِمَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الدِّينِ وَلَا يَضُرُّ عَمَلُ مَا بَعْدَ لَامِ الْقَسَمِ فِيمَا قَبْلَهَا فَأَخَذَ الْمِيثَاقَ عَلَيْهِمْ مُطْلَقًا ثُمَّ عَلَّلَ جَوَابَ الْقَسَمِ بِأَنَّهُ مِنْ شُكْرِ نِعْمَةِ الْإِيتَاءِ وَالتَّصْدِيقِ ، وَلَا يَصِحُّ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى تَعْلِيقُ لَمَا آتَيْنَاكُمْ بِفِعْلِ الْقَسَمِ الْمَحْذُوفِ ، لِأَنَّ الشُّكْرَ عِلَّةٌ لِلْجَوَابِ ، لَا لَأَخْذِ الْعَهْدِ .
وَلَامُ لَتُؤْمِنُنَّ لَامُ جَوَابِ الْقَسَمِ ، عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ ، وَمُوطِئَةٌ لِلْقَسَمِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي .
[ ص: 300 ] وَقَرَأَ
نَافِعٌ ، وَأَبُو جَعْفَرٍ : آتَيْنَاكُمْ بِنُونِ الْعَظَمَةِ وَقَرَأَهُ الْبَاقُونَ آتَيْتُكُمْ بِتَاءِ الْمُتَكَلِّمِ .
وَجُمْلَةُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ بَدَلُ اشْتِمَالٍ مِنْ جُمْلَةِ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ .
وَالْإِقْرَارُ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي مَعْنَى التَّحْقِيقِ بِالْوَفَاءِ مِمَّا أُخِذَ مِنَ الْمِيثَاقِ .
وَالْإِصْرُ : بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ ، الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ الْمُوَثَّقُ وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ الْإِصَارِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ مَا يُعْقَدُ وَيُسَدُّ بِهِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَقَوْلُهُ فَاشْهَدُوا إِنْ كَانَ شَهَادَةً عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَهِيَ بِمَعْنَى التَّوَثُّقِ وَالتَّحْقِيقِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَإِنْ كَانَتْ شَهَادَةً عَلَى أُمَمِهِمْ بِتَبْلِيغِ ذَلِكَ الْمِيثَاقِ فَالْمَعْنَى فَاشْهَدُوا عَلَى أُمَمِكُمْ بِذَلِكَ ، وَاللَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْجَمِيعِ كَمَا شَهِدَ النَّبِيئُونَ عَلَى الْأُمَمِ .
وَقَوْلُهُ فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ مَنْ تَوَلَّى مِمَّنْ شَهِدْتُمْ عَلَيْهِمْ ، وَهُمُ الْأُمَمُ ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَقُلْ : فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الَّتِي خُوطِبَ فِيهَا بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=12فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ .
وَوَجْهُ الْحَصْرِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=82فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ أَنَّهُ لِلْمُبَالَغَةِ لِأَنَّ فِسْقَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَشَدُّ فِسْقٍ فَجَعَلَ غَيْرَهُ مِنَ الْفِسْقِ كَالْعَدَمِ .