[ ص: 150 ] وإنه لحق اليقين   عطف على وإنه لحسرة على الكافرين  فيحتمل أن يكون الضمير عائدا على القرآن ؛ لأن هذه من صفات القرآن ، ويحتمل أن يكون مرادا به المذكور وهو كون القرآن حسرة على الكافرين ، أي أن ذلك حق لا محالة أي هو جالب لحسرتهم في الدنيا أو الآخرة . 
وإضافة حق إلى اليقين يجوز أن يكون من إضافة الموصوف إلى الصفة ، أي إنه لليقين الحق الموصوف بأنه يقين لا يشك في كونه حقا إلا من غشي على بصيرته وهذا أولى من جعل الإضافة من إضافة الصفة إلى الموصوف ، أي لليقين الحق ، أي الذي لا تعتريه شبهة . 
واعلم أن حق اليقين ، وعين اليقين ، وعلم اليقين وقعت في القرآن . 
فحق اليقين وقع في هذه السورة وفي آخر سورة الواقعة . وعلم اليقين وعين اليقين وقعا في سورة التكاثر ، وهذه الثلاثة إضافتها من إضافة الصفة إلى الموصوف أو من إضافة الموصوف إلى الصفة كما ذكرنا . ومعنى كل مركب منها هو محصل ما تدل عليه كلمتاه وإضافة إحداهما إلى الأخرى . 
وقد اصطلح العلماء على جعل كلمة ( علم اليقين ) اسما اصطلاحيا لما أعطاه الدليل بتصور الأمور على ما هي عليه حسب كلام السيد الجرجاني  في كتاب التعريفات . ووقع في كلام أبي البقاء  في الكليات ما يدل على أن بعض هذه المركبات نقلت في بعض الاصطلاحات العلمية فصارت ألقابا لمعان ، وقال : علم اليقين لأصحاب البرهان ، وعين اليقين وحق اليقين أيضا لأصحاب الكشف والعيان كالأنبياء والأولياء على حسب تفاوتهم في المراتب ، قال : وقد حقق المحققون من الحكماء بأن بعد المراتب الأربع للنفس - يعني مراتب تحصيل العلم للنفس المذكورة في المنطق الأوليات ، والمشاهدات الباطنية ، والتجريبات ، والمتواترات - مرتبتين : 
إحداهما مرتبة عين اليقين وهي أن تصير النفس بحيث تشاهد المعقولات في المعارف التي تفيضها النفس كما هي ، والثانية مرتبة حق اليقين وهي أن تصير النفس بحيث تتصل بالمعقولات اتصالا عقليا وتلاقي ذاتها تلاقيا روحانيا . واصطلح   [ ص: 151 ] علماء التصوف على جعل كل مركب من هذه الثلاثة لقبا لمعنى من الانكشاف العقلي وجرت في كتاب الفتوحات المكية للشيخ  محيي الدين بن عربي    . 
				
						
						
