nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29043_28796وإنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا
قرأ الجمهور وأبو جعفر بكسر همزة ( وإنا ) . وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وحفص وخلف بفتحها عطفا على المجرور في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=2فآمنا به . والتقدير : وآمنا بأن لن نعجز الله في الأرض . وذكر فعل ( ظننا ) تأكيد لفظي لفعل ( آمنا ) المقدر بحرف العطف ، ؛ لأن الإيمان يقين وأطلق الظن هنا على اليقين وهو إطلاق كثير .
لما كان شأن الصلاح أن يكون مرضيا عند الله تعالى وشأن ضده بعكس ذلك كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=205والله لا يحب الفساد أعقبوا لتعريض الإقلاع عن ضد الصلاح بما يقتضي أن الله قد أعد لغير الصالحين عقابا فأيقنوا أن عقاب الله لا يفلت من أحد استحقه . وقدموه على الأمر بالإيمان الذي في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=13وإنا لما سمعنا الهدى ) الآية ، ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=29450درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، والتخلية مقدمة على التحلية ، وقد استفادوا علم ذلك مما سمعوا من القرآن ولم يكونوا يعلمون ذلك من قبل ، إذ لم يكونوا مخاطبين بتعليم في أصول العقائد ، فلما ألهمهم الله لاستماع القرآن وعلموا أصول العقائد حذروا إخوانهم اعتقاد الشرك ، ووصف الله بما لا يليق به ؛ لأن الاعتقاد الباطل لا يقره الإدراك المستقيم بعد تنبيهه لبطلانه ، وقد جعل الله هذا النفر من الجن نذيرا لإخوانهم ومرشدا إلى الحق الذي أرشدهم إليه القرآن ، وهذا لا يقتضي أن
nindex.php?page=treesubj&link=28797الجن مكلفون بشرائع الإسلام .
[ ص: 234 ] وأما قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها الآية ، فقد أشار إلى أن عقابهم على الكفر والإشراك ، أو أريد بالجن الشياطين فإن الشياطين من جنس الجن .
والإعجاز : جعل الغير عاجزا ، أي : غير قادر عن أمر بذكر مع ما يدل على العجز وهو هنا كناية عن الإفلات والنجاة كقول
إياس بن قبيصة الطائي :
ألم تر أن الأرض رحب فسيحة فهل تعجزني بقعة من بقاعها
أي : لا تفوتني ولا تخرج عن مكنتي .
وذكر في الأرض يؤذن بأن المراد بالهرب في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=12ولن نعجزه هربا الهرب من الرجم بالشهب ، أي : لا تطمعوا أن تسترقوا السمع فإن رجم الشهب في السماء لا يخطئكم ، فابتدأوا الإنذار من عذاب الدنيا استنزالا لقومهم .
ويجوز أن يكون ( نعجز ) الأول بمعنى مغالب كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=46فما هم بمعجزين أي : لا يغلبون قدرتنا ، ويكون في الأرض مقصودا به تعميم الأمكنة كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=22وما أنتم بمعجزين في الأرض ، أي : في مكان كنتم . والمراد : أنا لا نغلب الله بالقوة . ويكون ( نعجز ) الثاني بمعنى الإفلات ، ولذلك بين بـ هربا ، والهرب مجاز في الانفلات مما أراد الله إلحاقه بهم من الرجم والاحتراق .
والظن هنا مستعمل في اليقين بقرينة تأكيد المظنون بحرف ( لن ) الدال على تأبيد النفي وتأكيده .
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29043_28796وَإِنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا
قَرَأَ الْجُمْهُورُ وَأَبُو جَعْفَرٍ بِكَسْرِ هَمْزَةِ ( وَإِنَّا ) . وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَخَلَفٌ بِفَتْحِهَا عَطْفًا عَلَى الْمَجْرُورِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=2فَآمَنَّا بِهِ . وَالتَّقْدِيرُ : وَآمَنَّا بِأَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ . وَذِكْرُ فِعْلِ ( ظَنَنَّا ) تَأْكِيدٌ لَفْظِيٌّ لِفِعْلِ ( آمَنَّا ) الْمُقَدَّرِ بِحَرْفِ الْعَطْفِ ، ؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ يَقِينٌ وَأُطْلِقَ الظَّنُّ هُنَا عَلَى الْيَقِينِ وَهُوَ إِطْلَاقٌ كَثِيرٌ .
لَمَّا كَانَ شَأْنُ الصَّلَاحِ أَنْ يَكُونَ مَرْضِيًّا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَشَأْنُ ضِدِّهِ بِعَكْسِ ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=205وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ أَعْقَبُوا لِتَعْرِيضِ الْإِقْلَاعِ عَنْ ضِدِّ الصَّلَاحِ بِمَا يَقْتَضِي أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَعَدَّ لِغَيْرِ الصَّالِحِينَ عِقَابًا فَأَيْقَنُوا أَنَّ عِقَابَ اللَّهِ لَا يُفْلِتُ مِنْ أَحَدٍ اسْتَحَقَّهُ . وَقَدَّمُوهُ عَلَى الْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=13وَإِنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى ) الْآيَةَ ، ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29450دَرْءَ الْمَفَاسِدِ مُقَدَّمٌ عَلَى جَلْبِ الْمَصَالِحِ ، وَالتَّخْلِيَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى التَّحْلِيَةِ ، وَقَدِ اسْتَفَادُوا عِلْمَ ذَلِكَ مِمَّا سَمِعُوا مِنَ الْقُرْآنِ وَلَمْ يَكُونُوا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ مِنْ قَبْلُ ، إِذْ لَمْ يَكُونُوا مُخَاطَبِينَ بِتَعْلِيمٍ فِي أُصُولِ الْعَقَائِدِ ، فَلَمَّا أَلْهَمَهُمُ اللَّهُ لِاسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ وَعَلِمُوا أُصُولَ الْعَقَائِدِ حَذَّرُوا إِخْوَانَهُمُ اعْتِقَادَ الشِّرْكِ ، وَوَصْفَ اللَّهِ بِمَا لَا يَلِيقُ بِهِ ؛ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ الْبَاطِلَ لَا يُقِرُّهُ الْإِدْرَاكُ الْمُسْتَقِيمُ بَعْدَ تَنْبِيهِهِ لِبُطْلَانِهِ ، وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ هَذَا النَّفَرَ مِنَ الْجِنِّ نَذِيرًا لِإِخْوَانِهِمْ وَمُرْشِدًا إِلَى الْحَقِّ الَّذِي أَرْشَدَهُمْ إِلَيْهِ الْقُرْآنُ ، وَهَذَا لَا يَقْتَضِي أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28797الْجِنَّ مُكَلَّفُونَ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ .
[ ص: 234 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=179وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا الْآيَةَ ، فَقَدْ أَشَارَ إِلَى أَنَّ عِقَابَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ وَالْإِشْرَاكِ ، أَوْ أُرِيدَ بِالْجِنِّ الشَّيَاطِينُ فَإِنَّ الشَّيَاطِينَ مِنْ جِنْسِ الْجِنِّ .
وَالْإِعْجَازُ : جَعْلُ الْغَيْرِ عَاجِزًا ، أَيْ : غَيْرَ قَادِرٍ عَنْ أَمْرٍ بِذِكْرٍ مَعَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْعَجْزِ وَهُوَ هُنَا كِنَايَةٌ عَنِ الْإِفْلَاتِ وَالنَّجَاةِ كَقَوْلِ
إِيَاسِ بْنِ قَبِيصَةَ الطَّائِيِّ :
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْأَرْضَ رَحْبٌ فَسِيحَةٌ فَهَلْ تُعْجِزَنِّي بُقْعَةٌ مِنْ بِقَاعِهَا
أَيْ : لَا تَفُوتُنِي وَلَا تَخْرُجُ عَنْ مُكْنَتِي .
وَذِكْرُ فِي الْأَرْضِ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْهَرَبِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=12وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا الْهَرَبُ مِنَ الرَّجْمِ بِالشُّهُبِ ، أَيْ : لَا تَطْمَعُوا أَنْ تَسْتَرِقُوا السَّمْعَ فَإِنَّ رَجْمَ الشُّهُبِ فِي السَّمَاءِ لَا يُخْطِئُكُمْ ، فَابْتَدَأُوا الْإِنْذَارَ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا اسْتِنْزَالًا لِقَوْمِهِمْ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ( نُعْجِزَ ) الْأَوَّلُ بِمَعْنَى مُغَالِبٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=46فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَيْ : لَا يَغْلِبُونَ قُدْرَتَنَا ، وَيَكُونُ فِي الْأَرْضِ مَقْصُودًا بِهِ تَعْمِيمُ الْأَمْكِنَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=22وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ ، أَيْ : فِي مَكَانٍ كُنْتُمْ . وَالْمُرَادُ : أَنَّا لَا نَغْلِبُ اللَّهَ بِالْقُوَّةِ . وَيَكُونُ ( نُعْجِزَ ) الثَّانِي بِمَعْنَى الْإِفْلَاتِ ، وَلِذَلِكَ بُيِّنَ بِـ هَرَبًا ، وَالْهَرَبُ مَجَازٌ فِي الِانْفِلَاتِ مِمَّا أَرَادَ اللَّهُ إِلْحَاقَهُ بِهِمْ مِنَ الرَّجْمِ وَالِاحْتِرَاقِ .
وَالظَّنُّ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْيَقِينِ بِقَرِينَةِ تَأْكِيدِ الْمَظْنُونِ بِحَرْفِ ( لَنْ ) الدَّالِّ عَلَى تَأْبِيدِ النَّفْيِ وَتَأْكِيدِهِ .