هل أتاك حديث الغاشية
الافتتاح بالاستفهام عن بلوغ خبر الغاشية مستعمل في التشويق إلى معرفة هذا الخبر لما يترتب عليه من الموعظة .
وكون الاستفهام بـ هل المفيدة معنى قد فيه مزيد تشويق فهو استفهام صوري يكنى به عن أهمية الخبر بحيث شأنه أن يكون بلغ السامع ، وقد تقدم نظيره في قوله تعالى : هل أتاك نبأ الخصم في سورة ص . وقوله : هل أتاك حديث موسى في سورة النازعات .
وتقدم هنالك إطلاق فعل الإتيان على فشو الحديث .
وتعريف ما أضيف إليه ( حديث ) بوصفه ( الغاشية ) الذي يقتضي موصوفا لم يذكر هو إبهام لزيادة التشويق إلى بيانه الآتي ليتمكن الخبر في الذهن كمال تمكن .
والحديث : الخبر المتحدث به وهو فعيل بمعنى مفعول ، أو الخبر الحاصل بحدثان ، أي : ما حدث من أحوال . وتقدم في سورة النازعات .
والغاشية : مشتقة من الغشيان وهو تغطية متمكنة وهي صفة أريد بها حادثة القيامة ، سميت غاشية على وجه الاستعارة لأنها إذا حصلت لم يجد الناس مفرا من أهوالها ، فكأنها غاش يغشى على عقولهم . ويطلق الغشيان على غيبوبة العقل ، فيجوز أن يكون وصف الغاشية مشتقا منه ، ففهم من هذا أن الغاشية صفة لمحذوف يدل عليه السياق وتأنيث الغاشية لتأويلها بالحادثة ولم يستعملوها إلا مؤنثة اللفظ [ ص: 295 ] والتأنيث كثير في نقل الأوصاف إلى الاسمية مثل الداهية والطامة والصاخة والقارعة والآزفة .
والغاشية هنا : علم بالغلبة على ساعة القيامة كما يؤذن بذلك قوله عقبه وجوه يومئذ أي : يوم الغاشية .