إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون     . 
استثناء متصل من عموم الإنسان فلما أخبر عن الإنسان بأنه رد أسفل سافلين ، ثم استثنى من عمومه الذين آمنوا بقي غير المؤمنين في أسفل سافلين . 
والمعنى : أن الذين آمنوا بعد أن ردوا أسفل سافلين أيام الإشراك صاروا بالإيمان إلى الفطرة التي فطر الله الإنسان عليها فراجعوا أصلهم إلى أحسن تقويم . 
وعطف ( وعملوا الصالحات ) لأن عمل الصالحات من أحسن التقويم بعد مجيء الشريعة ; لأنها تزيد الفطرة رسوخا وينسحب الإيمان على الأخلاق فيردها إلى فضلها ثم يهديها إلى زيادة الفضائل من أحاسنها ، وفي الحديث : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق   " . 
فكان عطف ( وعملوا الصالحات ) للثناء على المؤمنين بأن إيمانهم باعث لهم على العمل الصالح ، وذلك حال المؤمنين حين نزول السورة فهذا العطف عطف صفة كاشفة . 
وليس لانقطاع الاستثناء هنا احتمال ; لأن وجود الفاء في قوله : ( فلهم أجر غير ممنون    ) يأباه كل الإباية . 
وفرع على معنى الاستثناء وهو أنهم ليسوا ممن يرد أسفل سافلين الإخبار بأن لهم أجرا عظيما ; لأن الاستثناء أفاد بأنهم ليسوا أسفل سافلين فأريد زيادة البيان لفضلهم وما أعد لهم . 
وتنوين ( أجر ) للتعظيم . 
والممنون : الذي يمن على المأجور به ، أي : لهم أجر لا يشوبه كدر ، ولا كدر أن يمن على الذي يعطاه بقول : هذا أجرك ، أو هذا عطاؤك ، فالممنون مفعول   [ ص: 430 ] من عليه . ويجوز أن يكون مفعولا من من الحبل ، إذا قطعه فهو منين ، أي : مقطوع أو موشك على التقطع . 
				
						
						
