[ ص: 570 ] [ ص: 571 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الكوثر
سميت هذه السورة في جميع المصاحف التي رأيناها في جميع التفاسير أيضا ( سورة الكوثر ) وكذلك عنونها الترمذي في كتاب التفسير من جامعه . وعنونها البخاري في صحيحه سورة ( إنا أعطيناك الكوثر ) ولم يعدها في الإتقان مع السور التي ليس لها أكثر من اسم .
ونقل سعد الله الشهير بسعدي في حاشيته على تفسير البيضاوي عن البقاعي أنها تسمى ( سورة النحر ) وهل هي مكية أو مدنية ؟ تعارضت الأقوال والآثار في أنها مكية أو مدنية تعارضا شديدا ، فهي مكية عند الجمهور واقتصر عليه أكثر المفسرين ، ونقل الخفاجي عن كتاب النشر قال : أجمع من نعرفه على أنها مكية . قال الخفاجي : وفيه نظر مع وجود الاختلاف فيها .
وعن الحسن ومجاهد وقتادة وعكرمة هي مدنية ويشهد لهم ما في صحيح مسلم عن : أنس بن مالك إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر ثم قال : قلنا : الله ورسوله أعلم . قال : فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل ، عليه خير كثير ، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة أتدرون ما الكوثر ؟ الحديث . بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم بين أظهرنا ، إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه وقال : أنزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وأنس أسلم في صدر الهجرة فإذا كان لفظ ( آنفا ) في كلام النبيء - صلى الله عليه وسلم - مستعملا في ظاهر معناه وهو الزمن القريب ، فالسورة نزلت منذ وقت قريب من حصول تلك الرؤيا .
ومقتضى ما يروى في تفسير قوله تعالى : إن شانئك هو الأبتر أن تكون السورة مكية ، ومقتضى ظاهر تفسير قوله تعالى : ( وانحر ) من أن النحر في الحج أو يوم الأضحى - تكون السورة مدنية ويبعث على أن قوله تعالى : إن شانئك هو الأبتر [ ص: 572 ] ليس ردا على كلام العاصي بن وائل كما سنبين ذلك .
والأظهر أن هذه السورة مدنية وعلى هذا سنعتمد في تفسير آياتها .
وعلى القول بأنها مكية عدوها الخامسة عشرة في عداد نزول السور ، نزلت بعد سورة العاديات وقبل سورة التكاثر ، وعلى القول بأنها مدنية فقد قيل : إنها نزلت في الحديبية .
وعدد آيها ثلاث بالاتفاق .
وهي ، وأما في عدد الآيات فسورة العصر وسورة النصر مثلها ، ولكن كلماتها أكثر . أقصر سور القرآن عدد كلمات وعدد حروف