nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28975_19864_18043_18053واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا .
شروع في التشريع المقصود من السورة ، وأعيد فعل اتقوا : لأن هذه التقوى مأمور بها المسلمون خاصة ، فإنهم قد بقيت فيهم بقية من عوائد الجاهلية لا يشعرون بها ، وهي التساهل في حقوق الأرحام والأيتام .
واستحضر اسم الله العلم هنا دون ضمير يعود إلى ربكم لإدخال الروع في ضمائر السامعين . لأن المقام مقام تشريع يناسبه إيثار المهابة بخلاف مقام قوله اتقوا ربكم فهو مقام ترغيب . ومعنى " تساءلون " به يسأل بعضكم بعضا به في القسم فالمسايلة به تؤذن بمنتهى العظمة ، فكيف لا تتقونه .
وقرأ الجمهور تساءلون بتشديد السين لإدغام التاء الثانية ، وهي تاء التفاعل في السين ، لقرب المخرج واتحاد الصفة ، وهي الهمس . وقرأ
حمزة ، وعاصم ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، وخلف : تساءلون بتخفيف السين على أن تاء الافتعال حذفت تخفيفا .
" والأرحام " قرأه الجمهور بالنصب عطفا على اسم الله . وقرأه
حمزة بالجر عطفا على الضمير المجرور . فعلى قراءة الجمهور يكون " الأرحام " مأمورا بتقواها على المعنى المصدري أي اتقائها ، وهو على حذف مضاف ، أي اتقاء حقوقها ، فهو من استعمال المشترك
[ ص: 218 ] في معنييه ، وعلى هذه القراءة فالآية ابتداء تشريع وهو مما أشار إليه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1وخلق منها زوجها وعلى قراءة
حمزة يكون تعظيما لشأن الأرحام أي التي يسأل بعضكم بعضا بها ، وذلك قول العرب ( ناشدتك الله والرحم ) كما روي في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341475أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - حين قرأ على عتبة بن ربيعة سورة فصلت حتى بلغ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فأخذت عتبة رهبة وقال : ناشدتك الله والرحم . وهو ظاهر محمل هذه الرواية وإن أباه جمهور النحاة استعظاما لعطف الاسم على الضمير المجرور بدون إعادة الجار ، حتى قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد " لو قرأ الإمام بهاته القراءة لأخذت نعلي وخرجت من الصلاة " وهذا من ضيق العطن وغرور بأن العربية منحصرة فيما يعلمه ، ولقد أصاب
ابن مالك في تجويزه العطف على المجرور بدون إعادة الجار ، فتكون تعريضا بعوائد الجاهلية ، إذ يتساءلون بينهم بالرحم وأواصر القرابة ثم يهملون حقوقها ولا يصلونها ، ويعتدون على الأيتام من إخوتهم وأبناء أعمامهم ، فناقضت أفعالهم أقوالهم ، وأيضا هم آذوا النبيء - صلى الله عليه وسلم - وظلموه ، وهو من ذوي رحمهم وأحق الناس بصلتهم كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=164لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم . وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى . وعلى قراءة
حمزة يكون معنى الآية تتمة لمعنى التي قبلها .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1nindex.php?page=treesubj&link=28975_19864_18043_18053وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَّاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا .
شُرُوعٌ فِي التَّشْرِيعِ الْمَقْصُودِ مِنَ السُّورَةِ ، وَأُعِيدَ فِعْلُ اتَّقُوا : لِأَنَّ هَذِهِ التَّقْوَى مَأْمُورٌ بِهَا الْمُسْلِمُونَ خَاصَّةً ، فَإِنَّهُمْ قَدْ بَقِيَتْ فِيهِمْ بَقِيَّةٌ مِنْ عَوَائِدِ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يَشْعُرُونَ بِهَا ، وَهِيَ التَّسَاهُلُ فِي حُقُوقِ الْأَرْحَامِ وَالْأَيْتَامِ .
وَاسْتَحْضَرَ اسْمَ اللَّهِ الْعَلَمَ هُنَا دُونَ ضَمِيرٍ يَعُودُ إِلَى رَبِّكُمْ لِإِدْخَالِ الرَّوْعِ فِي ضَمَائِرِ السَّامِعِينَ . لِأَنَّ الْمَقَامَ مَقَامُ تَشْرِيعٍ يُنَاسِبُهُ إِيثَارُ الْمَهَابَةِ بِخِلَافِ مَقَامِ قَوْلِهِ اتَّقُوا رَبَّكُمْ فَهُوَ مَقَامُ تَرْغِيبٍ . وَمَعْنَى " تَسَّاءَلُونَ " بِهِ يَسْأَلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهِ فِي الْقَسَمِ فَالْمُسَايَلَةُ بِهِ تُؤْذِنُ بِمُنْتَهَى الْعَظَمَةِ ، فَكَيْفَ لَا تَتَّقُونَهُ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ تَسَّاءَلُونَ بِتَشْدِيدِ السِّينِ لِإِدْغَامِ التَّاءِ الثَّانِيَةِ ، وَهِيَ تَاءُ التَّفَاعُلِ فِي السِّينِ ، لِقُرْبِ الْمَخْرَجِ وَاتِّحَادِ الصِّفَةِ ، وَهِيَ الْهَمْسُ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ ، وَعَاصِمٌ ، nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ، وَخَلَفٌ : تَسَاءَلُونَ بِتَخْفِيفِ السِّينِ عَلَى أَنَّ تَاءَ الِافْتِعَالِ حُذِفَتْ تَخْفِيفًا .
" وَالْأَرْحَامَ " قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى اسْمِ اللَّهِ . وَقَرَأَهُ
حَمْزَةُ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ . فَعَلَى قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ يَكُونُ " الْأَرْحَامَ " مَأْمُورًا بِتَقْوَاهَا عَلَى الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ أَيِ اتِّقَائِهَا ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيِ اتِّقَاءِ حُقُوقِهَا ، فَهُوَ مِنَ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرِكِ
[ ص: 218 ] فِي مَعْنَيَيْهِ ، وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ فَالْآيَةُ ابْتِدَاءُ تَشْرِيعٍ وَهُوَ مِمَّا أَشَارَ إِلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=1وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَعَلَى قِرَاءَةِ
حَمْزَةَ يَكُونُ تَعْظِيمًا لِشَأْنِ الْأَرْحَامِ أَيِ الَّتِي يَسْأَلُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا بِهَا ، وَذَلِكَ قَوْلُ الْعَرَبِ ( نَاشَدْتُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ ) كَمَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341475أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَرَأَ عَلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ سُورَةَ فُصِّلَتْ حَتَّى بَلَغَ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=13فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ فَأَخَذَتْ عُتْبَةَ رَهْبَةٌ وَقَالَ : نَاشَدْتُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ . وَهُوَ ظَاهِرُ مَحْمَلِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ أَبَاهُ جُمْهُورُ النُّحَاةِ اسْتِعْظَامًا لِعَطْفِ الِاسْمِ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَجْرُورِ بِدُونِ إِعَادَةِ الْجَارِّ ، حَتَّى قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15153الْمُبَرِّدُ " لَوْ قَرَأَ الْإِمَامُ بِهَاتِهِ الْقِرَاءَةِ لَأَخَذْتُ نَعْلِي وَخَرَجْتُ مِنَ الصَّلَاةِ " وَهَذَا مِنْ ضِيقِ الْعَطَنِ وَغُرُورٍ بِأَنَّ الْعَرَبِيَّةَ مُنْحَصِرَةٌ فِيمَا يَعْلَمُهُ ، وَلَقَدْ أَصَابَ
ابْنُ مَالِكٌ فِي تَجْوِيزِهِ الْعَطْفَ عَلَى الْمَجْرُورِ بِدُونِ إِعَادَةِ الْجَارِّ ، فَتَكُونُ تَعْرِيضًا بِعَوَائِدِ الْجَاهِلِيَّةِ ، إِذْ يَتَسَاءَلُونَ بَيْنَهُمْ بِالرَّحِمِ وَأَوَاصِرِ الْقَرَابَةِ ثُمَّ يُهْمِلُونَ حُقُوقَهَا وَلَا يَصِلُونَهَا ، وَيَعْتَدُونَ عَلَى الْأَيْتَامِ مِنْ إِخْوَتِهِمْ وَأَبْنَاءِ أَعْمَامِهِمْ ، فَنَاقَضَتْ أَفْعَالُهُمْ أَقْوَالَهُمْ ، وَأَيْضًا هُمْ آذَوُا النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَظَلَمُوهُ ، وَهُوَ مِنْ ذَوِي رَحِمِهِمْ وَأَحَقُّ النَّاسِ بِصِلَتِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=164لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=23قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى . وَعَلَى قِرَاءَةِ
حَمْزَةَ يَكُونُ مَعْنَى الْآيَةِ تَتِمَّةً لِمَعْنَى الَّتِي قَبْلَهَا .