nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77nindex.php?page=treesubj&link=28975_28861_25875_29497ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة .
تهيأ المقام للتذكير بحال فريق من المسلمين اختلف أول حاله وآخره ، فاستطرد هنا التعجيب من شأنهم على طريقة الاعتراض في أثناء الحث على الجهاد ، وهؤلاء فريق يودون أن يؤذن لهم بالقتال فلما كتب عليهم القتال في إبانه جبنوا . وقد علم معنى حرصهم على القتال قبل أن يعرض عليهم من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قيل لهم كفوا أيديكم ، لأن كف اليد مراد منه ترك القتال ، كما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة .
والجملة معترضة بين جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والجمل التي بعدها وبين جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فليقاتل في سبيل الله الآية اقتضت اعتراضها مناسبة العبرة بحال هذا
[ ص: 125 ] الفريق وتقلبها ، فالذين قيل لهم ذلك هم جميع المسلمين ، وسبب القول لهم هو سؤال فريق منهم ، ومحل التعجيب إنما هو حال ذلك الفريق من المسلمين .
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كتب عليهم القتال أنه كتب عليكم في عموم المسلمين القادرين . وقد دلت إذا الفجائية على أن هذا الفريق لم يكن تترقب منهم هذه الحالة ، لأنهم كانوا يظهرون من الحريصين على القتال .
قال جمهور المفسرين : إن هاته الآية نزلت في طائفة من المسلمين كانوا لقوا
بمكة من المشركين أذى شديدا ، فقالوا للنبيء - صلى الله عليه وسلم - يا رسول الله كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة واستأذنوه في قتال المشركين ، فقال لهم
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341551إني أمرت بالعفو فكفوا أيديكم ، وأقيموا الصلاة ، وآتوا الزكاة فلما هاجر النبيء - صلى الله عليه وسلم - إلى
المدينة ، وفرض الجهاد جبن فريق من جملة الذين استأذنوه في القتال ، ففيهم نزلت الآية .
والمروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن من هؤلاء
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف ، nindex.php?page=showalam&ids=37وسعد بن أبي وقاص ، nindex.php?page=showalam&ids=53والمقداد بن الأسود ، nindex.php?page=showalam&ids=121وقدامة بن مظعون ، وأصحابهم ، وعلى هذا فقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كخشية الله أو أشد خشية مسوق مساق التوبيخ لهم حيث رغبوا تأخير العمل بأمر الله بالجهاد لخوفهم من بأس المشركين ، فالتشبيه جار على طريقة المبالغة لأن حمل هذا الكلام على ظاهر الإخبار لا يلائم حالهم من فضيلة الإيمان والهجرة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77الذين قيل لهم كفوا أيديكم قوم أسلموا قبل أن يفرض القتال وسألوا أن يفرض عليهم القتال فلما فرض القتال
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77إذا فريق منهم يخشون الناس . واختلف المفسرون في المعني بالفريق من قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77إذا فريق منهم يخشون الناس فقيل : هم فريق من الذين استأذنوا في
مكة في أن يقاتلوا المشركين ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقتادة ، والكلبي ، وهو ظاهر الآية .
ولعل الذي حول عزمهم أنهم صاروا في أمن وسلامة من الإذلال والأذى ، فزال عنهم الاضطرار للدفاع عن أنفسهم . وحكى
القرطبي : أنه قيل : إن هذا الفريق هم المنافقون .
وعلى هذا الوجه يتعين تأويل نظم الآية بأن المسلمين الذين استأذنوا في قتل المشركين وهم في
مكة أنهم لما هاجروا إلى
المدينة كرروا الرغبة في قتال المشركين ، وأعاد النبيء - صلى الله عليه وسلم - تهدئتهم زمانا ، وأن المنافقين تظاهروا بالرغبة في ذلك تمويها للنفاق ، فلما كتب القتال على المسلمين جبن المنافقون ،
[ ص: 126 ] وهذا هو الملائم للإخبار عنهم بأنهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد .
وتأويل وصفهم بقوله " منهم " : أي من الذين قيل لهم : كفوا أيديكم ، وهذا على غموضه هو الذي ينسجم مع أسلوب بقية الكلام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وما بعده ، كما سيأتي ، أما على قول
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي فلا حاجة إلى تأويل الآية .
فالاستفهام في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ألم تر للتعجيب ، وقد تقدمت نظائره . والمتعجب منهم ليسوا هم جميع الذين قيل لهم في
مكة : كفوا أيديكم ، بل فريق آخر من صفتهم أنهم يخشون الناس كخشية الله . وإنما علق التعجيب بجميع الذين قيل لهم باعتبار أن فريقا منهم حالهم كما وصف ، فالتقدير : ألم تر إلى فريق من الذين قيل لهم : كفوا أيديكم .
والقول في تركيب قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كخشية الله أو أشد خشية كالقول في نظيره ، وهو قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا في سورة البقرة .
وقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ربنا لم كتبت علينا القتال إنما هو قولهم في نفوسهم على معنى عدم الاهتداء لحكمة تعليل الأمر بالقتال وظنهم أن ذلك بلوى . والأجل القريب مدة متأخرة ريثما يتم استعدادهم ، مثل قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق .
وقيل : المراد من الأجل العمر ، بمعنى لولا أخرتنا إلى أن تنقضي آجالنا دون قتال ، فيصير تمنيا لانتفاء فرض القتال ، وهذا بعيد لعدم ملاءمته لسياق الكلام ، إذ ليس الموت في القتال غير الموت بالأجل ، ولعدم ملاءمته لوصفه بقريب ، لأن أجل المرء لا يعرف أقريب هو أم بعيد إلا إذا أريد تقليل الحياة كلها .
وعلى كلا الوجهين فالقتال المشار إليه هنا هو أول قتال أمروا به ، والآية ذكرتهم بذلك في وقت نزولها حين التهيؤ للأمر بفتح
مكة .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : أريد بالفريق بعض من قبائل العرب دخلوا في الإسلام حديثا قبل أن يكون القتال من فرائضه وكانوا يتمنون أن يقاتلوا فلما كتب عليهم القتال جبنوا لضعف إيمانهم ، ويكون القتال الذي خافوه هو غزو
مكة ، وذلك أنهم خشوا بأس المشركين .
وقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ربنا لم كتبت علينا القتال يحتمل أن يكون قولا في نفوسهم ، ويحتمل أنه مع ذلك قول بأفواههم ، ويبدو هو المتعين إذا كان المراد بالفريق فريق المنافقين; فهم يقولون :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ربنا لم كتبت علينا القتال بألسنتهم علنا ليوقعوا الوهن في قلوب المستعدين له
[ ص: 127 ] وهم لا يعتقدون أن الله كتب عليهم القتال .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
مجاهد : نزلت في
اليهود ، وعليه تكون الآية مثالا ضربه الله للمسلمين الذين أوجب عليهم القتال ، تحذيرا لهم في الوقوع في مثل ذلك ، فيكون على طريقة قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=246ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبيء لهم ابعث لنا ملكا ) الآية في سورة البقرة .
والرؤية بصرية ، وهي على بعض الوجوه المروية بصرية حقيقية ، وعلى بعضها بصرية تنزيلية ، للمبالغة في اشتهار ذلك .
وانتصب " خشية " على التمييز لنسبة " أشد " . كما تقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا وقد مر ما فيه في سورة البقرة .
والجواب بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قل متاع الدنيا قليل جواب عن قولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77لولا أخرتنا إلى أجل قريب سواء كان قولهم لسانيا وهو بين ، أم كان نفسيا ، ليعلموا أن الله أطلع رسوله على ما تضمره نفوسهم ، أي أن التأخير لا يفيد والتعلق بالتأخير لاستبقاء الحياة لا يوازي حظ الآخرة ، وبذلك يبطل ما أرادوا من الفتنة بقولهم
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77لولا أخرتنا إلى أجل قريب .
وموقع قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ولا تظلمون فتيلا موقع زيادة التوبيخ الذي اقتضاه قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قل متاع الدنيا قليل ، أي ولا تنقصون شيئا من أعماركم المكتوبة ، فلا وجه للخوف وطلب تأخير فرض القتال; وعلى تفسير الأجل في
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77لولا أخرتنا إلى أجل قريب بأجل العمر ، وهو الوجه المستبعد ، يكون معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ولا تظلمون فتيلا تغليطهم في اعتقادهم أن القتل يعجل الأجل ، فيقتضي أن يكون ذلك عقيدة للمؤمنين إن كانوا هم المخاطبين قبل رسوخ تفاصيل عقائد الإسلام فيهم ، أو أن ذلك عقيدة المنافقين إن كانوا هم المخاطبين .
وقيل معنى نفي الظلم هنا أنهم لا يظلمون بنقص ثواب جهادهم ، فيكون موقعه موقع التشجيع لإزالة الخوف ، ويكون نصبه على النيابة عن المفعول المطلق . وقيل : معناه أنهم لا يظلمون بنقص أقل زمن من آجالهم .
ويجيء على هذا التفسير أن يجعل " تظلمون " بمعنى تنقصون ، كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=33ولم تظلم منه شيئا أي كلتا الجنتين من أكلها ، ويكون فتيلا مفعولا به ، أي لا تنقصون من أعماركم ساعة ، فلا موجب للجبن .
[ ص: 128 ] وقرأ الجمهور : " ولا تظلمون " بتاء الخطاب على أنه أمر الرسول أن يقوله لهم . وقرأه
ابن كثير ، وحمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، وأبو جعفر ، وروح عن
يعقوب ، وخلف بياء الغيبة على أن يكون مما أخبر الله به رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليبلغه إليهم .
والفتيل تقدم آنفا عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49بل الله يزكي من يشاء ولا يظلمون فتيلا .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78nindex.php?page=treesubj&link=28975_32872أينما تكونوا يدرككم الموت يجوز أن تكون من تمام القول المحكي بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قل متاع الدنيا قليل . وإنما لم تعطف على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77متاع الدنيا قليل لاختلاف الغرضين ، لأن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77متاع الدنيا قليل وما عطف عليها تغليط لهم في طلب التأخير إلى أجل قريب ، وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا إلخ مسوقة لإشعارهم بأن الجبن هو الذي حملهم على طلب التأخير إلى أمد قريب ، لأنهم توهموا أن مواقع القتال تدني الموت من الناس .
ويحتمل أن يكون القول قد تم ، وأن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أينما تكونوا توجه إليهم بالخطاب من الله تعالى ، أو توجه لجميع الأمة بالخطاب ، فتكون على كلا الأمرين معترضة بين أجزاء الكلام .
و " أينما " شرط يستغرق الأمكنة ولو في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78ولو كنتم في بروج وصلية وقد تقدم تفصيل معناها واستعمالها عند قوله في سورة آل عمران
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به .
والبروج جمع برج ، وهو البناء القوي والحصن . والمشيدة : المبنية بالشيد ، وهو الجص ، وتطلق على المرفوعة العالية ، لأنهم إذا أطالوا البناء بنوه بالجص ، فالوصف به مراد به المعنى الكنائي . وقد يطلق البروج على منازل كواكب السماء كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=61تبارك الذي جعل في السماء بروجا وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=1والسماء ذات البروج . وعن
مالك أنه قال : البروج هنا بروج الكواكب ، أي ولو بلغتم السماء . وعليه يكون وصف " مشيدة " مجازا في الارتفاع ، وهو بعيد .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77nindex.php?page=treesubj&link=28975_28861_25875_29497أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ .
تَهَيَّأَ الْمَقَامُ لِلتَّذْكِيرِ بِحَالِ فَرِيقٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ اخْتَلَفَ أَوَّلُ حَالِهِ وَآخِرُهُ ، فَاسْتَطْرَدَ هُنَا التَّعْجِيبُ مِنْ شَأْنِهِمْ عَلَى طَرِيقَةِ الِاعْتِرَاضِ فِي أَثْنَاءِ الْحَثِّ عَلَى الْجِهَادِ ، وَهَؤُلَاءِ فَرِيقٌ يَوَدُّونَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُمْ بِالْقِتَالِ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ فِي إِبَّانِهِ جَبُنُوا . وَقَدْ عُلِمَ مَعْنَى حِرْصِهِمْ عَلَى الْقِتَالِ قَبْلَ أَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ، لِأَنَّ كَفَّ الْيَدِ مُرَادٌ مِنْهُ تَرْكُ الْقِتَالَ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=24وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ .
وَالْجُمْلَةُ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْجُمَلِ الَّتِي بَعْدَهَا وَبَيْنَ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الْآيَةَ اقْتَضَتِ اعْتِرَاضَهَا مُنَاسَبَةُ الْعِبْرَةِ بِحَالِ هَذَا
[ ص: 125 ] الْفَرِيقِ وَتَقَلُّبِهَا ، فَالَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ ذَلِكَ هُمْ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ ، وَسَبَبُ الْقَوْلِ لَهُمْ هُوَ سُؤَالُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ، وَمَحَلُّ التَّعْجِيبِ إِنَّمَا هُوَ حَالُ ذَلِكَ الْفَرِيقِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ أَنَّهُ كُتِبَ عَلَيْكُمْ فِي عُمُومِ الْمُسْلِمِينَ الْقَادِرِينَ . وَقَدْ دَلَّتْ إِذَا الْفُجَائِيَّةُ عَلَى أَنَّ هَذَا الْفَرِيقَ لَمْ يَكُنْ تُتَرَقَّبُ مِنْهُمْ هَذِهِ الْحَالَةُ ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَظْهَرُونَ مِنَ الْحَرِيصِينَ عَلَى الْقِتَالِ .
قَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ : إِنَّ هَاتِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا لَقُوا
بِمَكَّةَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَذًى شَدِيدًا ، فَقَالُوا لِلنَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنَّا فِي عِزٍّ وَنَحْنُ مُشْرِكُونَ فَلَمَّا آمَنَّا صِرْنَا أَذِلَّةً وَاسْتَأْذَنُوهُ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ، فَقَالَ لَهُمْ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341551إِنِّي أُمِرْتُ بِالْعَفْوِ فَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ، وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى
الْمَدِينَةِ ، وَفُرِضَ الْجِهَادُ جَبُنَ فَرِيقٌ مِنْ جُمْلَةِ الَّذِينَ اسْتَأْذَنُوهُ فِي الْقِتَالِ ، فَفِيهِمْ نَزَلَتِ الْآيَةُ .
وَالْمَرْوِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ مِنْ هَؤُلَاءِ
nindex.php?page=showalam&ids=38عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=37وَسَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=53وَالْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ ، nindex.php?page=showalam&ids=121وَقُدَامَةَ بْنَ مَظْعُونٍ ، وَأَصْحَابَهُمْ ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً مَسُوقٌ مَسَاقَ التَّوْبِيخِ لَهُمْ حَيْثُ رَغِبُوا تَأْخِيرَ الْعَمَلِ بِأَمْرِ اللَّهِ بِالْجِهَادِ لِخَوْفِهِمْ مِنْ بَأْسِ الْمُشْرِكِينَ ، فَالتَّشْبِيهُ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْمُبَالَغَةِ لِأَنَّ حَمْلَ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى ظَاهِرِ الْإِخْبَارِ لَا يُلَائِمُ حَالَهُمْ مِنْ فَضِيلَةِ الْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ قَوْمٌ أَسْلَمُوا قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ الْقِتَالُ وَسَأَلُوا أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ فَلَمَّا فُرِضَ الْقِتَالُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ . وَاخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمَعْنِيِّ بِالْفَرِيقِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ فَقِيلَ : هُمْ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ اسْتَأْذَنُوا فِي
مَكَّةَ فِي أَنْ يُقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَالْكَلْبِيِّ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ .
وَلَعَلَّ الَّذِي حَوَّلَ عَزْمَهُمْ أَنَّهُمْ صَارُوا فِي أَمْنٍ وَسَلَامَةٍ مِنَ الْإِذْلَالِ وَالْأَذَى ، فَزَالَ عَنْهُمُ الِاضْطِرَارُ لِلدِّفَاعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ . وَحَكَى
الْقُرْطُبِيُّ : أَنَّهُ قِيلَ : إِنَّ هَذَا الْفَرِيقَ هُمُ الْمُنَافِقُونَ .
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُ نَظْمِ الْآيَةِ بِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ اسْتَأْذَنُوا فِي قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ فِي
مَكَّةَ أَنَّهُمْ لَمَّا هَاجَرُوا إِلَى
الْمَدِينَةِ كَرَّرُوا الرَّغْبَةَ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ ، وَأَعَادَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَهْدِئَتَهُمْ زَمَانًا ، وَأَنَّ الْمُنَافِقِينَ تَظَاهَرُوا بِالرَّغْبَةِ فِي ذَلِكَ تَمْوِيهًا لِلنِّفَاقِ ، فَلَمَّا كُتِبَ الْقِتَالُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ جَبُنَ الْمُنَافِقُونَ ،
[ ص: 126 ] وَهَذَا هُوَ الْمُلَائِمُ لِلْإِخْبَارِ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ .
وَتَأْوِيلُ وَصْفِهِمْ بِقَوْلِهِ " مِنْهُمْ " : أَيْ مِنَ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ : كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ، وَهَذَا عَلَى غُمُوضِهِ هُوَ الَّذِي يَنْسَجِمُ مَعَ أُسْلُوبِ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا بَعْدَهُ ، كَمَا سَيَأْتِي ، أَمَّا عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ فَلَا حَاجَةَ إِلَى تَأْوِيلِ الْآيَةِ .
فَالِاسْتِفْهَامُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77أَلَمْ تَرَ لِلتَّعْجِيبِ ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ نَظَائِرُهُ . وَالْمُتَعَجَّبُ مِنْهُمْ لَيْسُوا هُمْ جَمِيعُ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ فِي
مَكَّةَ : كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ، بَلْ فَرِيقٌ آخَرُ مِنْ صِفَتِهِمْ أَنَّهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ . وَإِنَّمَا عُلِّقَ التَّعْجِيبُ بِجَمِيعِ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ بِاعْتِبَارِ أَنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ حَالُهُمْ كَمَا وُصِفَ ، فَالتَّقْدِيرُ : أَلَمْ تَرَ إِلَى فَرِيقٍ مِنَ الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ : كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ .
وَالْقَوْلُ فِي تَرْكِيبِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً كَالْقَوْلِ فِي نَظِيرِهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَقَوْلُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ إِنَّمَا هُوَ قَوْلُهُمْ فِي نُفُوسِهِمْ عَلَى مَعْنَى عَدَمِ الِاهْتِدَاءِ لِحِكْمَةِ تَعْلِيلِ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ وَظَنِّهِمْ أَنَّ ذَلِكَ بَلْوَى . وَالْأَجَلُ الْقَرِيبُ مُدَّةٌ مُتَأَخِّرَةٌ رَيْثَمَا يَتِمُّ اسْتِعْدَادُهُمْ ، مِثْلَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=10فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ .
وَقِيلَ : الْمُرَادُ مِنَ الْأَجَلِ الْعُمْرُ ، بِمَعْنَى لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَنْ تَنْقَضِيَ آجَالَنَا دُونَ قِتَالٍ ، فَيَصِيرُ تَمَنِّيًا لِانْتِفَاءِ فَرْضِ الْقِتَالِ ، وَهَذَا بَعِيدٌ لِعَدَمِ مُلَاءَمَتِهِ لِسِيَاقِ الْكَلَامِ ، إِذْ لَيْسَ الْمَوْتُ فِي الْقِتَالِ غَيْرَ الْمَوْتِ بِالْأَجَلِ ، وَلِعَدَمِ مُلَاءَمَتِهِ لِوَصْفِهِ بِقَرِيبٍ ، لِأَنَّ أَجَلَ الْمَرْءِ لَا يُعْرَفُ أَقَرِيبٌ هُوَ أَمْ بَعِيدٌ إِلَّا إِذَا أُرِيدَ تَقْلِيلُ الْحَيَاةِ كُلِّهَا .
وَعَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ فَالْقِتَالُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ هُنَا هُوَ أَوَّلُ قِتَالٍ أُمِرُوا بِهِ ، وَالْآيَةُ ذَكَّرَتْهُمْ بِذَلِكَ فِي وَقْتِ نُزُولِهَا حِينَ التَّهَيُّؤِ لِلْأَمْرِ بِفَتْحِ
مَكَّةَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : أُرِيدَ بِالْفَرِيقِ بَعْضٌ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ حَدِيثًا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ الْقِتَالُ مِنْ فَرَائِضِهِ وَكَانُوا يَتَمَنَّوْنَ أَنْ يُقَاتِلُوا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ جَبُنُوا لِضَعْفِ إِيمَانِهِمْ ، وَيَكُونُ الْقِتَالُ الَّذِي خَافُوهُ هُوَ غَزْوُ
مَكَّةَ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ خَشُوا بَأْسَ الْمُشْرِكِينَ .
وَقَوْلُهُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلًا فِي نُفُوسِهِمْ ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ قَوْلٌ بِأَفْوَاهِهِمْ ، وَيَبْدُو هُوَ الْمُتَعَيِّنُ إِذَا كَانَ الْمُرَادُ بِالْفَرِيقِ فَرِيقَ الْمُنَافِقِينَ; فَهُمْ يَقُولُونَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ بِأَلْسِنَتِهِمْ عَلَنًا لِيُوقِعُوا الْوَهْنَ فِي قُلُوبِ الْمُسْتَعِدِّينَ لَهُ
[ ص: 127 ] وَهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ : نَزَلَتْ فِي
الْيَهُودِ ، وَعَلَيْهِ تَكُونُ الْآيَةُ مِثَالًا ضَرَبَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ أَوْجَبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالَ ، تَحْذِيرًا لَهُمْ فِي الْوُقُوعِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ، فَيَكُونُ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=246أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيءٍ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا ) الْآيَةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالرُّؤْيَةُ بَصَرِيَّةٌ ، وَهِيَ عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ الْمَرْوِيَّةِ بَصَرِيَّةٌ حَقِيقِيَّةٌ ، وَعَلَى بَعْضِهَا بَصَرِيَّةٌ تَنْزِيلِيَّةٌ ، لِلْمُبَالَغَةِ فِي اشْتِهَارِ ذَلِكَ .
وَانْتَصَبَ " خَشْيَةً " عَلَى التَّمْيِيزِ لِنِسْبَةِ " أَشَدَّ " . كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=200كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا وَقَدْ مَرَّ مَا فِيهِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْجَوَابُ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلُهُمْ لِسَانِيًّا وَهُوَ بَيِّنٌ ، أَمْ كَانَ نَفْسِيًّا ، لِيَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ أَطْلَعَ رَسُولَهُ عَلَى مَا تُضْمِرُهُ نُفُوسُهُمْ ، أَيْ أَنَّ التَّأْخِيرَ لَا يُفِيدُ وَالتَّعَلُّقَ بِالتَّأْخِيرِ لِاسْتِبْقَاءِ الْحَيَاةِ لَا يُوَازِي حَظَّ الْآخِرَةِ ، وَبِذَلِكَ يَبْطُلُ مَا أَرَادُوا مِنَ الْفِتْنَةِ بِقَوْلِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ .
وَمَوْقِعُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا مَوْقِعُ زِيَادَةِ التَّوْبِيخِ الَّذِي اقْتَضَاهُ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ ، أَيْ وَلَا تُنْقَصُونَ شَيْئًا مِنْ أَعْمَارِكُمُ الْمَكْتُوبَةِ ، فَلَا وَجْهَ لِلْخَوْفِ وَطَلَبِ تَأْخِيرِ فَرْضِ الْقِتَالِ; وَعَلَى تَفْسِيرِ الْأَجَلِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ بِأَجَلِ الْعُمْرِ ، وَهُوَ الْوَجْهُ الْمُسْتَبْعَدُ ، يَكُونُ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا تَغْلِيطَهُمْ فِي اعْتِقَادِهِمْ أَنَّ الْقَتْلَ يُعَجِّلُ الْأَجَلَ ، فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَقِيدَةً لِلْمُؤْمِنِينَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْمُخَاطَبِينَ قَبْلَ رُسُوخِ تَفَاصِيلِ عَقَائِدِ الْإِسْلَامِ فِيهِمْ ، أَوْ أَنَّ ذَلِكَ عَقِيدَةَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْمُخَاطَبِينَ .
وَقِيلَ مَعْنَى نَفْيِ الظُّلْمِ هُنَا أَنَّهُمْ لَا يُظْلَمُونَ بِنَقْصِ ثَوَابِ جِهَادِهِمْ ، فَيَكُونُ مَوْقِعُهُ مَوْقِعَ التَّشْجِيعِ لِإِزَالَةِ الْخَوْفِ ، وَيَكُونُ نَصْبُهُ عَلَى النِّيَابَةِ عَنِ الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ أَنَّهُمْ لَا يُظْلَمُونَ بِنَقْصِ أَقَلِّ زَمَنٍ مِنْ آجَالِهِمْ .
وَيَجِيءُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ أَنْ يُجْعَلَ " تُظْلَمُونَ " بِمَعْنَى تُنْقَصُونَ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=33وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا أَيْ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ مِنْ أُكُلِهَا ، وَيَكُونُ فَتِيلًا مَفْعُولًا بِهِ ، أَيْ لَا تُنْقَصُونَ مِنْ أَعْمَارِكُمْ سَاعَةً ، فَلَا مُوجِبَ لِلْجُبْنِ .
[ ص: 128 ] وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " وَلَا تُظْلَمُونَ " بِتَاءِ الْخِطَابِ عَلَى أَنَّهُ أَمَرَ الرَّسُولَ أَنْ يَقُولَهُ لَهُمْ . وَقَرَأَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ ، وَحَمْزَةُ ، nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ، وَأَبُو جَعْفَرٍ ، وَرَوْحٌ عَنْ
يَعْقُوبَ ، وَخَلَفٌ بِيَاءِ الْغَيْبَةِ عَلَى أَنْ يَكُونَ مِمَّا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيُبَلِّغَهُ إِلَيْهِمْ .
وَالْفَتِيلُ تَقَدَّمَ آنِفًا عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=49بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78nindex.php?page=treesubj&link=28975_32872أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ تَمَامِ الْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ . وَإِنَّمَا لَمْ تُعْطَفْ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ لِاخْتِلَافِ الْغَرَضَيْنِ ، لِأَنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهَا تَغْلِيطٌ لَهُمْ فِي طَلَبِ التَّأْخِيرِ إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ ، وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أَيْنَمَا تَكُونُوا إِلَخْ مَسُوقَةٌ لِإِشْعَارِهِمْ بِأَنَّ الْجُبْنَ هُوَ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى طَلَبِ التَّأْخِيرِ إِلَى أَمَدٍ قَرِيبٍ ، لِأَنَّهُمْ تَوَهَّمُوا أَنَّ مَوَاقِعَ الْقِتَالِ تُدْنِي الْمَوْتَ مِنَ النَّاسِ .
وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَدْ تَمَّ ، وَأَنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78أَيْنَمَا تَكُونُوا تَوَجُّهٌ إِلَيْهِمْ بِالْخِطَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، أَوْ تَوَجُّهٌ لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ بِالْخِطَابِ ، فَتَكُونُ عَلَى كِلَا الْأَمْرَيْنِ مُعْتَرِضَةً بَيْنَ أَجْزَاءِ الْكَلَامِ .
وَ " أَيْنَمَا " شَرْطٌ يَسْتَغْرِقُ الْأَمْكِنَةَ وَلَوْ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ وَصْلِيَّةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْصِيلُ مَعْنَاهَا وَاسْتِعْمَالِهَا عِنْدَ قَوْلِهِ فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=91فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ .
وَالْبُرُوجُ جَمْعُ بُرْجٍ ، وَهُوَ الْبِنَاءُ الْقَوِيُّ وَالْحِصْنُ . وَالْمُشَيَّدَةُ : الْمَبْنِيَّةُ بِالشِّيدِ ، وَهُوَ الْجِصُّ ، وَتُطْلَقُ عَلَى الْمَرْفُوعَةِ الْعَالِيَةِ ، لِأَنَّهُمْ إِذَا أَطَالُوا الْبِنَاءَ بَنَوْهُ بِالْجِصِّ ، فَالْوَصْفُ بِهِ مُرَادٌ بِهِ الْمَعْنَى الْكِنَائِيُّ . وَقَدْ يُطْلَقُ الْبُرُوجُ عَلَى مَنَازِلِ كَوَاكِبِ السَّمَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=61تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=1وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ . وَعَنْ
مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ : الْبُرُوجُ هُنَا بُرُوجُ الْكَوَاكِبِ ، أَيْ وَلَوْ بَلَغْتُمُ السَّمَاءَ . وَعَلَيْهِ يَكُونُ وَصْفُ " مُشَيَّدَةٍ " مَجَازًا فِي الِارْتِفَاعِ ، وَهُوَ بَعِيدٌ .