nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91nindex.php?page=treesubj&link=28975_30563_30566ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا .
هؤلاء فريق آخر لا سعي لهم إلا في خويصتهم ، ولا يعبأون بغيرهم ، فهم يظهرون المودة للمسلمين ليأمنوا غزوهم ، ويظهرون الود لقومهم ليأمنوا غائلتهم ، وما هم بمخلصين الود لأحد الفريقين ، ولذلك وصفوا بإرادة أن يأمنوا من المؤمنين ومن قومهم ، فلا هم لهم إلا حظوظ أنفسهم ، يلتحقون بالمسلمين في قضاء لبانات
[ ص: 155 ] لهم فيظهرون الإيمان ، ثم يرجعون إلى قومهم فيرتدون إلى الكفر .
وهو معنى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها . وقد مر بيان معنى أركسوا قريبا . وهؤلاء هم
غطفان وبنو أسد ممن كانوا حول
المدينة قبل أن يخلص إسلامهم ،
وبنو عبد الدار من
أهل مكة . كانوا يأتون
المدينة فيظهرون الإسلام ويرجعون إلى
مكة فيعبدون الأصنام .
وأمر الله المؤمنين في معاملة هؤلاء ومعاملة الفريق المتقدم في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق أمر واحد ، وهو تركهم إذا تركوا المؤمنين وسالموهم ، وقتالهم إذا ناصبوهم العداء .
إلا أن الله تعالى جعل الشرط المفروض بالنسبة إلى الأولين : أنهم يعتزلون المسلمين ، ويلقون إليهم السلم ، ولا يقاتلونهم ، وجعل الشرط المفروض بالنسبة إلى هؤلاء أنهم لا يعتزلون المسلمين ، ولا يلقون إليهم السلم ، ولا يكفون أيديهم عنهم ، نظرا إلى الحالة المترقبة من كل فريق من المذكورين .
وهو افتنان بديع لم يبق معه اختلاف في الحكم ولكن صرح باختلاف الحالين ، وبوصف ما في ضمير الفريقين .
والوجدان في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91ستجدون آخرين بمعنى العثور والاطلاع ، أي ستطلعون على قوم آخرين ، وهو من استعمال وجد ، ويتعدى إلى مفعول واحد ، فقوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91يريدون " جملة في موضع الحال ، وسيأتي بيان تصاريف استعمال الوجدان في كلامهم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا في سورة المائدة .
وجيء باسم الإشارة في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا لزيادة تمييزهم .
" والسلطان المبين " هو الحجة الواضحة الدالة على نفاقهم ، فلا يخشى أن ينسب المسلمون في قتالهم إلى اعتداء وتفريق الجامعة .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91nindex.php?page=treesubj&link=28975_30563_30566سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا .
هَؤُلَاءِ فَرِيقٌ آخَرُ لَا سَعْيَ لَهُمْ إِلَّا فِي خُوَيْصَّتِهِمْ ، وَلَا يَعْبَأُونَ بِغَيْرِهِمْ ، فَهُمْ يُظْهِرُونَ الْمَوَدَّةَ لِلْمُسْلِمِينَ لِيَأْمَنُوا غَزْوَهُمْ ، وَيُظْهِرُونَ الْوُدَّ لِقَوْمِهِمْ لِيَأْمَنُوا غَائِلَتَهُمْ ، وَمَا هُمْ بِمُخْلِصِينَ الْوُدَّ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ ، وَلِذَلِكَ وُصِفُوا بِإِرَادَةِ أَنْ يَأْمَنُوا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَمِنْ قَوْمِهِمْ ، فَلَا هَمَّ لَهُمْ إِلَّا حُظُوظُ أَنْفُسِهِمْ ، يَلْتَحِقُونَ بِالْمُسْلِمِينَ فِي قَضَاءِ لُبَانَاتٍ
[ ص: 155 ] لَهُمْ فَيُظْهِرُونَ الْإِيمَانَ ، ثُمَّ يَرْجِعُونَ إِلَى قَوْمِهِمْ فَيَرْتَدُّونَ إِلَى الْكُفْرِ .
وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا . وَقَدْ مَرَّ بَيَانُ مَعْنَى أُرْكِسُوا قَرِيبًا . وَهَؤُلَاءِ هُمْ
غَطَفَانُ وَبَنُو أَسَدٍ مِمَّنْ كَانُوا حَوْلَ
الْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُصَ إِسْلَامُهُمْ ،
وَبَنُو عَبْدِ الدَّارِ مِنْ
أَهْلِ مَكَّةَ . كَانُوا يَأْتُونَ
الْمَدِينَةَ فَيُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَيَرْجِعُونَ إِلَى
مَكَّةَ فَيَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ .
وَأَمْرُ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ فِي مُعَامَلَةِ هَؤُلَاءِ وَمُعَامَلَةِ الْفَرِيقِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=90إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَمْرٌ وَاحِدٌ ، وَهُوَ تَرْكُهُمْ إِذَا تَرَكُوا الْمُؤْمِنِينَ وَسَالَمُوهُمْ ، وَقِتَالُهُمْ إِذَا نَاصَبُوهُمُ الْعَدَاءَ .
إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ الشَّرْطَ الْمَفْرُوضَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَوَّلِينَ : أَنَّهُمْ يَعْتَزِلُونَ الْمُسْلِمِينَ ، وَيُلْقُونَ إِلَيْهِمُ السَّلَمَ ، وَلَا يُقَاتِلُونَهُمْ ، وَجَعَلَ الشَّرْطَ الْمَفْرُوضَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى هَؤُلَاءِ أَنَّهُمْ لَا يَعْتَزِلُونَ الْمُسْلِمِينَ ، وَلَا يُلْقُونَ إِلَيْهِمُ السَّلَمَ ، وَلَا يَكُفُّونَ أَيْدِيَهُمْ عَنْهُمْ ، نَظَرًا إِلَى الْحَالَةِ الْمُتَرَقَّبَةِ مِنْ كُلِّ فَرِيقٍ مِنَ الْمَذْكُورِينَ .
وَهُوَ افْتِنَانٌ بَدِيعٌ لَمْ يَبْقَ مَعَهُ اخْتِلَافٌ فِي الْحُكْمِ وَلَكِنْ صَرَّحَ بِاخْتِلَافِ الْحَالَيْنِ ، وَبِوَصْفِ مَا فِي ضَمِيرِ الْفَرِيقَيْنِ .
وَالْوِجْدَانُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91سَتَجِدُونَ آخَرِينَ بِمَعْنَى الْعُثُورِ وَالِاطِّلَاعِ ، أَيْ سَتَطَّلِعُونَ عَلَى قَوْمٍ آخَرِينَ ، وَهُوَ مِنَ اسْتِعْمَالِ وَجَدَ ، وَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ ، فَقَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91يُرِيدُونَ " جُمْلَةٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ تَصَارِيفِ اسْتِعْمَالِ الْوِجْدَانِ فِي كَلَامِهِمْ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=82لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ .
وَجِيءَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=91وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا لِزِيَادَةِ تَمْيِيزِهِمْ .
" وَالسُّلْطَانُ الْمُبِينُ " هُوَ الْحُجَّةُ الْوَاضِحَةُ الدَّالَّةُ عَلَى نِفَاقِهِمْ ، فَلَا يُخْشَى أَنْ يُنْسَبَ الْمُسْلِمُونَ فِي قِتَالِهِمْ إِلَى اعْتِدَاءٍ وَتَفْرِيقِ الْجَامِعَةِ .