فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم .
القضاء : إتمام الشيء كقوله فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا . والظاهر من قوله فإذا قضيتم الصلاة أن هنا النوافل ، أو ذكر اللسان كالتسبيح والتحميد ، فقد كانوا في الأمن يجلسون إلى أن يفرغوا من التسبيح ونحوه ، فرخص لهم حين الخوف أن يذكروا الله على كل حال . والمراد القيام والقعود والكون على الجنوب ما كان من ذلك في أحوال الحرب لا لأجل الاستراحة . المراد من الذكر
وقوله فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة تفريع عن قوله وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم إلى آخر الآية . فالاطمئنان مراد [ ص: 189 ] به القفول من الغزو ، لأن في الرجوع إلى الأوطان سكونا من قلاقل السفر واضطراب البدن ، فإطلاق الاطمئنان عليه يشبه أن يكون حقيقة ، وليس المراد الاطمئنان الذي هو عدم الخوف لعدم مناسبته هنا ، وقد تقدم القول في الاطمئنان عند قوله تعالى ولكن ليطمئن قلبي من سورة البقرة .
ومعنى فأقيموا الصلاة صلوها تامة ولا تقصروها . هذا قول مجاهد وقتادة ، فيكون مقابل قوله فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة ، وهو الموافق لما تقدم من كون الوارد في القرآن هو حكم ، دون قصر السفر من غير خوف . فالإقامة هنا الإتيان بالشيء قائما أي تاما ، على وجه التمثيل كقوله تعالى قصر الصلاة في حال الخوف وأقيموا الوزن بالقسط وقوله أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه . وهذا قول جمهور الأيمة : مالك ، ، والشافعي وأحمد ، وسفيان . وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا يؤدي المجاهد الصلاة حتى يزول الخوف ، لأنه رأى مباشرة القتال فعلا يفسد الصلاة . وقوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض إلى قوله فإذا اطمأننتم يرجح قول الجمهور ، لأن قوله تعالى إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا مسوق مساق التعليل للحرص على أدائها في أوقاتها .
والموقوت : المحدود بأوقات ، والمنجم عليها ، وقد يستعمل بمعنى المفروض على طريق المجاز . والأول أظهر هنا .