الفرع الثاني : إذا ؟ ذهب جمهور العلماء إلى أن الهدي واجب عليه لقوله تعالى : ( لم يكن مع المحصر هدي ، فهل عليه أن يشتري الهدي ولا يحل حتى يهدي ، أو له أن يحل بدون هدي فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) فلا يجوز له التحلل بدونه إن قدر عليه ، ووافق الجمهور أشهب من أصحاب مالك ، وخالف مالك ، وابن القاسم الجمهور في هذه المسألة ، فقالا : لا هدي على المحصر إن لم يكن ساقه معه قبل الإحصار .
وحجة الجمهور واضحة وهي قوله تعالى : ( فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ) فتعليقه ما استيسر من الهدي على الإحصار تعليق الجزاء على شرطه ، يدل على لزوم الهدي بالإحصار لمن أراد التحلل به ، دلالة واضحة كما ترى ، فإن ؟ عجز المحصر عن الهدي فهل يلزمه بدل عنه أو لا
قال بعض العلماء : لا بدل إن عجز عنه ، وممن قال لا بدل لهدي المحصر أبو حنيفة رحمه الله ; فإن المحصر عنده إذا لم يجد هديا يبقى محرما حتى يجد هديا ، أو يطوف بالبيت .
وقال بعض من قال بأنه لا بدل له : إن لم يجد هديا حل بدونه ، وإن تيسر له بعد ذلك هدي أهداه .
وقال جماعة : إن لم يجد الهدي فله بدل ، واختلف أهل هذا القول في بدل الهدي ، فقال بعضهم : هو صوم عشرة أيام قياسا على من عجز عما استيسر من الهدي في التمتع ، وإلى هذا ذهب ، وهو إحدى الروايات عن الإمام أحمد ، وأصح الروايات عند الشافعية في بدل هدي المحصر أنه بالإطعام ، نص عليه الشافعي في " كتاب الأوسط " فتقوم الشاة ويتصدق بقيمتها طعاما ، فإن عجز صام عن كل مد يوما ، وقيل إطعام كإطعام فدية الأذى وهو ثلاثة آصع لستة مساكين ، وقيل : بدله صوم ثلاثة أيام ، [ ص: 86 ] وقيل : بدله صوم بالتعديل ، تقوم الشاة ويعرف قدر ما تساوي قيمتها من الأمداد ، فيصوم عن كل يوم مدا ، وليس على شيء من هذه الأقوال دليل واضح ، وأقربها قياسه على التمتع ، والله تعالى أعلم . الشافعي