قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=28990_31981فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ، قائل هذا الكلام
لمريم : هو الذي ناداها من تحتها ألا تحزني ، وقد قدمنا الخلاف فيه ; هل هو
عيسى أو
جبريل ، وما يظهر رجحانه عندنا من ذلك .
[ ص: 401 ] وقوله في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فقولي إني نذرت للرحمن صوما [ 19 \ 21 ] ، قيل أمرت أن تقول ذلك باللفظ ، وقيل أمرت أن تقوله بالإشارة ، وكونها أمرت أن تقوله باللفظ هو مذهب الجمهور ; كما قاله
القرطبي وأبو حيان ، وهو ظاهر الآية الكريمة ; لأن ظاهر القول في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فقولي إني نذرت الآية ، أنه قول باللسان ، واستدل من قال : إنها أمرت أن تقول ذلك بالإشارة بأنها لو قالته باللفظ أفسدت نذرها الذي نذرته ألا تكلم اليوم إنسيا ، فإذا قالت لإنسي بلسانها : إني نذرت للرحمن صوما ، فقد كلمت ذلك الإنسي فأفسدت نذرها ، واختار هذا القول الأخير لدلالة الآية عليه
ابن كثير رحمه الله ، قال في تفسير هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ، المراد بهذا القول الإشارة إليه بذلك لا أن المراد القول اللفظي لئلا ينافي
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فلن أكلم اليوم إنسيا ، وأجاب المخالفون عن هذا بأن المعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فلن أكلم اليوم إنسيا بعد قولي :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26إني نذرت للرحمن صوما فقد رأيت كلام العلماء في الآية ، وأن القول الأول يدل عليه ظاهر السياق ، وأن الثاني يدل عليه قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فلن أكلم اليوم إنسيا لأنه يدل على نفي الكلام للإنسي مطلقا ، قال
أبو حيان في البحر : وقوله " إنسيا " لأنها كانت تكلم الملائكة ، ومعنى كلامه أن قوله " إنسيا " له مفهوم مخالفة ، أي : بخلاف غير الإنسي كالملائكة فإني أكلمه ، والذي يظهر لي أنه لم يرد في الكلام إخراج المفهوم عن حكم المنطوق ، وإنما المراد شمول نفي الكلام لكل إنسان كائنا من كان .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=28990_31981فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ، قَائِلُ هَذَا الْكَلَامِ
لِمَرْيَمَ : هُوَ الَّذِي نَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْخِلَافَ فِيهِ ; هَلْ هُوَ
عِيسَى أَوْ
جِبْرِيلُ ، وَمَا يَظْهَرُ رُجْحَانُهُ عِنْدَنَا مِنْ ذَلِكَ .
[ ص: 401 ] وَقَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا [ 19 \ 21 ] ، قِيلَ أُمِرَتْ أَنْ تَقُولَ ذَلِكَ بِاللَّفْظِ ، وَقِيلَ أُمِرَتْ أَنْ تَقُولَهُ بِالْإِشَارَةِ ، وَكَوْنُهَا أُمِرَتْ أَنْ تَقُولَهُ بِاللَّفْظِ هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ ; كَمَا قَالَهُ
الْقُرْطُبِيُّ وَأَبُو حَيَّانَ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ; لِأَنَّ ظَاهِرَ الْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ الْآيَةَ ، أَنَّهُ قَوْلٌ بِاللِّسَانِ ، وَاسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ : إِنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَقُولَ ذَلِكَ بِالْإِشَارَةِ بِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْهُ بِاللَّفْظِ أَفْسَدَتْ نَذْرَهَا الَّذِي نَذَرَتْهُ أَلَّا تُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ، فَإِذَا قَالَتْ لِإِنْسِيٍّ بِلِسَانِهَا : إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا ، فَقَدْ كَلَّمَتْ ذَلِكَ الْإِنْسِيَّ فَأَفْسَدَتْ نَذْرَهَا ، وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ الْأَخِيرَ لِدَلَالَةِ الْآيَةِ عَلَيْهِ
ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، قَالَ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ، الْمُرَادُ بِهَذَا الْقَوْلِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ بِذَلِكَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ الْقَوْلُ اللَّفْظِيُّ لِئَلَّا يُنَافِيَ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا ، وَأَجَابَ الْمُخَالِفُونَ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا بَعْدَ قَوْلِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَقَدْ رَأَيْتَ كَلَامَ الْعُلَمَاءِ فِي الْآيَةِ ، وَأَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ السِّيَاقِ ، وَأَنَّ الثَّانِيَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=26فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْكَلَامِ لِلْإِنْسِيِّ مُطْلَقًا ، قَالَ
أَبُو حَيَّانَ فِي الْبَحْرِ : وَقَوْلُهُ " إِنْسِيًّا " لِأَنَّهَا كَانَتْ تُكَلِّمُ الْمَلَائِكَةَ ، وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ قَوْلَهُ " إِنْسِيًّا " لَهُ مَفْهُومُ مُخَالَفَةٍ ، أَيْ : بِخِلَافِ غَيْرِ الْإِنْسِيِّ كَالْمَلَائِكَةِ فَإِنِّي أُكَلِّمُهُ ، وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِي الْكَلَامِ إِخْرَاجَ الْمَفْهُومِ عَنْ حُكْمِ الْمَنْطُوقِ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ شُمُولُ نَفْيِ الْكَلَامِ لِكُلِّ إِنْسَانٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ .