المسألة الثانية : اختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=23392تارك صلاة عمدا تهاونا وتكاسلا مع اعترافه بوجوبها ، هل هو كافر أو مسلم ، وهل يقتل كفرا أو حدا أو لا يقتل ؟ فذهب بعض أهل العلم إلى أنه كافر مرتد يستتاب ، فإن تاب فذلك ، وإن لم يتب قتل كفرا ، وممن قال بهذا :
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رحمه الله في أصح الروايتين ، وهو مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ،
ومنصور الفقيه من الشافعية ، ويروى أيضا عن
أبي الطيب بن سلمة من الشافعية ، وهو رواية ضعيفة عن
مالك ، واحتج أهل هذا القول بأدلة ، منها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=11فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم الآية [ 9 \ 11 ] ، ويفهم من مفهوم الآية : أنهم إن لم يقيموا الصلاة لم يكونوا من إخوان المؤمنين ، ومن انتفت عنهم أخوة المؤمنين فهم من الكافرين ; لأن الله يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=10إنما المؤمنون إخوة الآية [ 49 \ 10 ] ، ومنها حديث
جابر الثابت في صحيح
مسلم عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريقين ، لفظ المتن في الأولى منهما : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008220إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " ، ولفظ المتن في الأخرى : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008220بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " انتهى منه ، وهو واضح في أن تارك الصلاة كافر ; لأن عطف الشرك على الكفر فيه تأكيد قوي لكونه كافرا ، ومنها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الآتيين الدالين على قتال الأمراء إذا لم يصلوا ، وهما في صحيح
مسلم مع حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت المتفق عليه ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008221بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا ، وألا ننازع الأمر أهله ، قال : " إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم فيه من الله برهان " ، فدل مجموع الأحاديث المذكورة أن ترك الصلاة كفر بواح عليه من الله برهان ، وقد قدمنا هذه الأحاديث المذكورة في سورة " البقرة " ، وهذا من أقوى أدلة أهل هذا القول ، ومنها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008222العهد الذي [ ص: 448 ] بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ، وأصحاب السنن ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان والحاكم ، وقال
الشوكاني في ) نيل الأوطار ( في هذا الحديث : صححه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ،
والعراقي ، وقال
النووي في شرح ) المهذب ( : رواه
الترمذي nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، قال
الترمذي : حديث حسن صحيح ، وقال
الحاكم في المستدرك بعد أن ساق هذا الحديث بإسناده : هذا حديث صحيح الإسناد ، لا تعرف له علة بوجه من الوجوه ، فقد احتجا جميعا
nindex.php?page=showalam&ids=16423بعبد الله بن بريدة عن أبيه ، واحتج
مسلم nindex.php?page=showalam&ids=15719بالحسين بن واقد ، ولم يخرجاه بهذا اللفظ ، ولهذا الحديث شاهد صحيح على شرطهما جميعا ، أخبرنا
أحمد بن سهل الفقيه
ببخارى ، حدثنا
قيس بن أنيف ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قتيبة بن سعيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15535بشر بن المفضل ، عن
الجريري عن
عبد الله بن شقيق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ، وأقره
الذهبي على تصحيحه لحديث
بريدة المذكور ، وقال في أثر
ابن شقيق عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المذكور : لم يتكلم عليه وإسناده صالح .
قال مقيده عفا الله عنه : والظاهر أن قول الحافظ
الذهبي رحمه الله " لم يتكلم عليه " سهو منه ; لأنه تكلم عليه في كلامه على حديث
بريدة المذكور آنفا ، حيث قال : ولهذا الحديث شاهد صحيح على شرطهما جميعا ، يعني أثر
ابن شقيق المذكور كما ترى ، وقال
النووي في شرح المهذب : وعن
عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي المتفق على جلالته : كان أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة ، رواه
الترمذي في كتاب الإيمان بإسناد صحيح . انتهى منه ، وقد ذكر
النووي رحمه الله في كلامه هذا الاتفاق على جلالة
ابن شقيق المذكور مع أن فيه نصبا ، وقال المجد في المنتقى : وعن
عبد الله بن شقيق العقيلي : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . إلى آخره ، ثم قال : رواه
الترمذي . اهـ ، ولا يخفى عليك أن رواية
الحاكم فيها
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ورواية
الترمذي ليس فيها
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=134بريدة بن الحصيب ، وأثر
ابن شقيق المذكوران فيهما الدلالة الواضحة على أن ترك الصلاة عمدا تهاونا كفر ، ولو أقر تاركها بوجوبها ، وبذلك يعتضد حديث
جابر المذكور عند
مسلم .
ومن الأدلة الدالة على أن ترك الصلاة كفر ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الكبير والأوسط من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه ذكر الصلاة يوما فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008223من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة ، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبي بن [ ص: 449 ] خلف " اهـ ، وهذا الحديث أوضح دلالة على كفر تارك الصلاة ; لأن انتفاء النور والبرهان والنجاة ، والكينونة مع
فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف يوم القيامة أوضح دليل على الكفر كما ترى ، وقال
الهيثمي في ) مجمع الزوائد ( في هذا الحديث : رواه
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الكبير والأوسط ، ورجال
أحمد ثقات . اهـ . وفي الباب أحاديث غير ما ذكرنا ، منها ما هو ضعيف ومنها ما هو صالح للاحتجاج ، وذكر طرفا منها
الهيثمي في مجمع الزوائد ، وفيما ذكرناه كفاية .
وذهبت جماعة من أهل العلم إلى أن تارك الصلاة عمدا تهاونا وتكاسلا إذا كان معترفا بوجوبها غير كافر ، وأنه يقتل حدا - كالزاني المحصن - لا كفرا ، وهذا هو مذهب
مالك وأصحابه ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وجمهور أصحابه ، وعزاه
النووي في شرح المهذب للأكثرين من السلف والخلف ، وقال في شرح
مسلم : ذهب
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي رحمهما الله تعالى والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر بل يفسق ويستتاب ، فإن تاب وإلا قتلناه حدا كالزاني المحصن ، ولكنه يقتل بالسيف . اهـ .
واعلم : أن هذا القول يحتاج إلى الدليل من جهتين ، وهما عدم كفره ، وأنه يقتل ، وهذه أدلتهم على الأمرين معا ، أما أدلتهم على أنه يقتل :
فمنها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم [ 9 \ 5 ] ، فإن الله تعالى في هذه الآية اشترط في تخلية سبيلهم إقامتهم الصلاة ، ويفهم من مفهوم الشرط أنهم إن لم يقيموها لم يخل سبيلهم وهو كذلك .
) ومنها ( ما رواه الشيخان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008224أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها " اهـ .
فهذا الحديث الصحيح يدل على أنهم لا تعصم دماؤهم ولا أموالهم إلا بإقامة الصلاة كما ترى .
ومنها : ما أخرجه الشيخان عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008225بعث علي رضي الله عنه وهو باليمن إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذهبية فقسمها بين أربعة فقال رجل : يا رسول الله ، اتق الله ، فقال : " ويلك أولست أحق أهل الأرض أن يتقي الله " ؟ ثم ولى الرجل ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد : يا رسول الله ، ألا أضرب عنقه ؟ فقال : " لا ، لعله أن [ ص: 450 ] يكون يصلي " فقال خالد : وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ، ولا أشق بطونهم " مختصر من حديث متفق عليه ، فقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح " لا " يعني لا تقتله ، وتعليله ذلك بقوله " لعله أن يكون يصلي " فيه الدلالة الواضحة على النهي عن قتل المصلين ، ويفهم منه أنه إن لم يصل يقتل ، وهو كذلك .
ومنها ما رواه
مسلم في صحيحه عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008226إنه يستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون ، فمن كره فقد برئ ، ومن أنكر فقد سلم ، ولكن من رضي وتابع " قالوا : يا رسول الله ، ألا نقاتلهم ؟ قال : " لا ما صلوا " هذا لفظ
مسلم في صحيحه ، و " ما " في قوله " ما صلوا " مصدرية ظرفية ، أي : لا تقاتلوهم مدة كونهم يصلون ، ويفهم منه أنهم إن لم يصلوا قوتلوا ، وهو كذلك ، مع أنه صلى الله عليه وسلم قال في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت المتفق عليه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008227إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان " ، فحديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة هذا ونحو حديث
nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك الآتي يدل على قتل من لم يصل ، وبضميمة حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت إلى ذلك يظهر الدليل على الكفر بترك الصلاة ; لأنه قال في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008228إلا أن تروا كفرا بواحا . " الحديث ، وأشار في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة nindex.php?page=showalam&ids=6201وعوف بن مالك : إلى أنهم إن تركوا الصلاة قوتلوا ، فدل ذلك على أن تركها من الكفر البواح ، وهذا من أقوى أدلة أهل القول الأول ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=6201عوف بن مالك المذكور هو ما رواه
مسلم في صحيحه عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ : قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008229خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم ، وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم " قيل : يا رسول الله ، أفلا ننابذهم بالسيف ؟ قال : " لا ، ما أقاموا فيكم الصلاة . " الحديث ، وفيه الدلالة الواضحة على قتالهم إذا لم يقيموا الصلاة كما ترى .
ومن أدلة أهل هذا القول على قتل تارك الصلاة ، ما رواه الأئمة الثلاثة :
مالك في موطئه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد في مسنديهما ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=5414عبيد الله بن عدي بن الخيار :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008230أن رجلا من الأنصار حدثه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس يساره يستأذنه في قتل رجل من المنافقين ، فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أليس يشهد ألا إله إلا الله " ؟ قال الأنصاري : بلى يا رسول الله ، ولا شهادة له ، قال : " أليس يشهد أن محمدا رسول الله " ؟ قال : بلى ولا شهادة له ، قال : " أليس يصلي " ؟ قال : بلى ولا صلاة له ، قال : " أولئك الذين نهاني [ ص: 451 ] الله عن قتلهم " اهـ . وفي رواية : عنهم .
هذا هو خلاصة أدلة أهل هذا القول على قتل تارك الصلاة ، واعلم أن جمهور من قال بقتله يقولون إنه يقتل بالسيف ، وقال بعضهم : يضرب بالخشب حتى يموت ، وقال
ابن سريج : ينخس بحديدة أو يضرب بخشبة ، ويقال له : صل وإلا قتلناك ، ولا يزال يكرر عليه حتى يصلي أو يموت .
واختلفوا في
nindex.php?page=treesubj&link=28312_23390استتابته ، فقال بعضهم : يستتاب ثلاثة أيام ، فإن تاب وإلا قتل ، وقال بعضهم : لا يستتاب ; لأنه يقتل حدا والحدود لا تسقط بالتوبة ، وقال بعضهم : إن لم يبق من الضروري إلا قدر ركعة ولم يصل قتل ، وبعضهم يقول : لا يقتل حتى يخرج وقتها ، والجمهور على أنه يقتل بترك صلاة واحدة ، وهو ظاهر الأدلة ، وقيل : لا يقتل حتى يترك أكثر من واحدة ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد روايتان : إحداهما أنه لا يقتل حتى يضيق وقت الصلاة الثانية المتروكة مع الأولى ، والأخرى : لا يقتل حتى يضيق وقت الرابعة .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : أظهر الأقوال عندي أنه يقتل بالسيف ، وأنه يستتاب ، للإجماع على قبول توبته إذا تاب ، والأظهر أنه يستتاب في الحال ، ولا يمهل ثلاثة أيام وهو يمتنع من الصلاة لظواهر النصوص المذكورة ، وأنه لا يقتل حتى لا يبقى من الوقت الضروري ما يسع ركعة بسجدتيها ، والعلم عند الله تعالى .
وأما أدلة أهل هذا القول على عدم كفره ، فمنها قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ 4 \ 116 ] ، ومنها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي رواه
مالك في الموطأ عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17038محمد بن يحيى بن حبان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16461ابن محيريز : أن رجلا من
بني كنانة يدعى
المخدجي سمع رجلا
بالشام يكنى
أبا محمد يقول : إن الوتر واجب ، فقال
المخدجي : فرحت إلى
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت فاعترضت له وهو رائح إلى المسجد فأخبرته بالذي قال
أبو محمد ، فقال
عبادة : كذب
أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008231خمس صلوات كتبهن الله عز وجل على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة ، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة " . انتهى منه بلفظه ، وفي سنن
أبي داود : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15020القعنبي عن
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن
محمد بن حبان ، إلى آخر الإسناد ، والمتن كلفظ الموطأ الذي ذكرنا ، وفي سنن
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : أخبرنا
قتيبة عن
مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17038محمد بن يحيى بن حبان ، إلى آخر الإسناد والمتن كاللفظ المذكور ، وفي سنن
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16893ابن أبي عدي عن
[ ص: 452 ] شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16506عبد ربه بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17038محمد بن يحيى بن حبان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16461ابن محيريز عن
المخدجي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008232خمس صلوات افترضهن الله على عباده . . . " إلى آخر الحديث المذكور بمعناه قريبا من لفظه ، ومعلوم أن رجال هذه الأسانيد ثقات معروفون إلا
المخدجي المذكور وقد ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات ، وبتوثيقه تعلم صحة الحديث المذكور ، وله شواهد يعتضد بها أيضا ، قال
أبو داود في سننه : حدثنا
محمد بن حرب الواسطي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد يعني ابن هارون ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17026محمد بن مطرف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار ، عن
عبد الله الصنابحي قال : زعم
أبو محمد : أن الوتر واجب ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت كذب
أبو محمد ، أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008233خمس صلوات افترضهن الله . " إلى آخر الحديث بمعناه ،
وعبد الله الصنابحي المذكور قيل إنه صحابي مدني ، وقيل : هو
عبد الرحمن بن عسيلة المرادي أبو عبد الله الصنابحي ، وهو ثقة من كبار التابعين ، قدم
المدينة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة أيام ، مات في خلافة
عبد الملك ، وعلى كلا التقديرين فرواية
الصنابحي المذكور إما رواية صحابي أو تابعي ثقة ، وبها تعتضد رواية
المخدجي المذكور ، ورجال سند
أبي داود هذا غير
عبد الله الصنابحي ثقات ، معروفون لا مطعن فيهم ، وبذلك تعلم صحة حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت المذكور .
وقال
الزرقاني ) في شرح الموطأ ( : وفيه يعني حديث عبادة المذكور أن تارك الصلاة لا يكفر ولا يتحتم عذابه ، بل هو تحت المشيئة بنص الحديث ، وقد أخرجه
أحمد ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، من طريق
مالك ، وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ،
والحاكم ،
nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر ، وجاء من وجه آخر عن
عبادة بنحوه في
أبي داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
والبيهقي ، وله شاهد عند
nindex.php?page=showalam&ids=17032محمد بن نصر من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص . انتهى منه .
وقال العلامة
الشوكاني رحمه الله في ) نيل الأوطار ( : ولهذا الحديث شاهد من حديث
أبي قتادة عند
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه ، ومن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=167كعب بن عجرة عند
أحمد ، ورواه
أبو داود عن
الصنابحي . انتهى محل الغرض منه .
وقال
النووي ) في شرح المهذب ( بعد أن ساق حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت المذكور : هذا حديث صحيح ، رواه
أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : هو حديث صحيح ثابت ، لم يختلف عن
مالك فيه ، فإن قيل : كيف صححه
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر مع أنه قال : إن
المخدجي المذكور في سنده مجهول ؟ فالجواب عن هذا من جهتين : الأولى : أن
[ ص: 453 ] صحته من قبيل الشواهد التي ذكرنا ، فإنها تصيره صحيحا ، والثانية هي ما قدمنا من توثيق
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان المخدجي المذكور ، وحديث
عبادة المذكور فيه الدلالة الواضحة على أن ترك الصلاة ليس بكفر ; لأن كونه تحت المشيئة المذكورة فيه ، دليل على عدم الكفر لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ 4 \ 116 ] .
ومن أدلة أهل هذا القول على أن تارك الصلاة المقر بوجوبها غير كافر ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وأصحاب السنن عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008234إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة المكتوبة ، فإن أتمها وإلا قيل انظروا هل له من تطوع ، فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه ، ثم يفعل بسائر الأعمال المفروضة مثل ذلك " اهـ .
وقال
الشوكاني رحمه الله في ) نيل الأوطار ( : الحديث أخرجه
أبو داود من ثلاث طرق : طريقين متصلين
nindex.php?page=showalam&ids=3بأبي هريرة ، والطريقة الثالثة متصلة
nindex.php?page=showalam&ids=155بتميم الداري ، وكلها لا مطعن فيها ، ولم يتكلم عليه هو ولا
المنذري بما يوجب ضعفه ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق إسنادها جيد ورجالها رجال الصحيح كما قال
العراقي وصححها
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان ، وأخرج الحديث
الحاكم ) في المستدرك ( وقال : هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وفي الباب عن
nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري عند
أبي داود nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه بنحو حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، قال
العراقي : وإسناده صحيح ، وأخرجه
الحاكم ) في المستدرك ( وقال : إسناده صحيح على شرط
مسلم . انتهى محل الغرض منه .
ووجه الاستدلال بالحديث المذكور على عدم كفر تارك الصلاة أن نقصان الصلوات المكتوبة وإتمامها من النوافل يتناول بعمومه ترك بعضها عمدا ، كما يقتضيه ظاهر عموم اللفظ كما ترى .
وقال
المجد ) في المنتقى ( بعد أن ساق الأدلة التي ذكرنا على عدم كفر تارك الصلاة المقر بوجوبها ، ما نصه : ويعضد هذا المذهب عمومات ، ومنها ما روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008235من شهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن عيسى عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ، والجنة والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل " متفق عليه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك nindex.php?page=hadith&LINKID=1008236أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ومعاذ رديفه على الرحل : " يا معاذ " ، قال : لبيك يا رسول الله وسعديك ، ثلاثا ، ثم قال : " ما من عبد يشهد ألا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله [ ص: 454 ] إلا حرمه الله على النار " ، قال : يا رسول الله أفلا أخبر بها الناس فيستبشروا ؟ قال : " إذا يتكلوا " فأخبر بها معاذ عند موته تأثما ، أي : خوفا من الإثم بترك الخبر به ، متفق عليه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008237لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته ، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا " رواه
مسلم ، وعنه أيضا : أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008238أسعد الناس بشفاعتي من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه " رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . انتهى محل الغرض منه .
وقالت جماعة من أهل العلم ، منهم الإمام
أبو حنيفة رحمه الله وأصحابه ، وجماعة من
أهل الكوفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ،
والمزني صاحب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن تارك الصلاة عمدا تكاسلا وتهاونا مع إقراره بوجوبها لا يقتل ولا يكفر ، بل يعزر ويحبس حتى يصلي واحتجوا على عدم كفره بالأدلة التي ذكرنا آنفا لأهل القول الثاني ، واحتجوا لعدم قتله بأدلة ، منها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود المتفق عليه الذي قدمناه في سورة " المائدة " وغيرها : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008239لا يحل دم امرئ مسلم يشهد ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله إلا بإحدى ثلاث : الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة " ، قالوا : هذا حديث متفق عليه ، صرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يحل دم مسلم إلا بإحدى ثلاث ، ولم يذكر منها ترك الصلاة ، فدل ذلك على أنه غير موجب للقتل ، قالوا : والأدلة التي ذكرتم على قتله إنما دلت عليه بمفاهيمها أعني مفاهيم المخالفة كما تقدم إيضاحه ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود دل على ما ذكرنا بمنطوقه والمنطوق مقدم على المفهوم ، مع أن المقرر في أصول الإمام
أبي حنيفة - رحمه الله - أنه لا يعتبر المفهوم المعروف بدليل الخطاب الذي هو مفهوم المخالفة ، وعليه فإنه لا يعترف بدلالة الأحاديث المذكورة على قتله ; لأنها إنما دلت عليه بمفهوم مخالفتها ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود دل على ذلك بمنطوقه ، ومنها قياسهم ترك الصلاة على ترك الصوم والحج مثلا ، فإن كل واحد منهما من دعائم الإسلام ولم يقتل تاركها ، فكذلك الصلاة .
أما الذين قالوا بأنه كافر وأنه يقتل ، فقد أجابوا عن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود بأنه عام يخصص بالأحاديث الدالة على قتل تارك الصلاة ، وعن قياسه على تارك الحج والصوم بأنه فاسد الاعتبار لمخالفته للأحاديث المذكورة الدالة على قتله ، وعن الأحاديث الدالة على عدم الكفر بأن منها ما هو عام يخصص بالأحاديث الدالة على كفره ، ومنها ما هو ليس كذلك كحديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت الدال على أنه تحت المشيئة ، فالأحاديث الدالة
[ ص: 455 ] على كفره مقدمة عليه ; لأنها أصح منه ; لأن بعضها في صحيح
مسلم وفيه التصريح بكفره وشركه ، ومنها حديث
nindex.php?page=showalam&ids=63عبادة بن الصامت المتفق عليه ، مع حديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة nindex.php?page=showalam&ids=6201وعوف بن مالك في صحيح
مسلم كما تقدم إيضاحه .
ورد القائلون بأنه غير كافر أدلة مخالفيهم بأن المراد بالكفر في الأحاديث المذكورة كفر دون كفر ، وليس المراد الكفر المخرج عن ملة الإسلام ، واحتجوا لهذا بأحاديث كثيرة يصرح فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالكفر ، وليس مراده الخروج عن ملة الإسلام ، قال
المجد ) في المنتقى ( : وقد حملوا أحاديث التكفير على كفر النعمة ، أو على معنى قد قارب الكفر وقد جاءت أحاديث في غير الصلاة أريد بها ذلك ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008240سباب المسلم فسوق وقتاله كفر " متفق عليه ، وعن
أبي ذر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008241ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ، ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار " متفق عليه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008242اثنتان في الناس هما بهم كفر : الطعن في النسب ، والنياحة على الميت " رواه
أحمد ومسلم ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008243كان عمر يحلف : " وأبي " فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : " من حلف بشيء دون الله فقد أشرك " رواه
أحمد ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008244مدمن الخمر إن مات لقي الله كعابد وثن " انتهى منه بلفظه ، وأمثاله في السنة كثيرة جدا ، ومن ذلك القبيل تسمية الرياء شركا ، ومنه الحديث الصحيح في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008245رأيت النار فلم أر منظرا كاليوم أفظع ، ورأيت أكثر أهلها النساء " قالوا : بم يا رسول الله ؟ قال : " بكفرهن " قيل : يكفرن بالله ؟ قال : " يكفرن العشير ، ويكفرن الإحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا ، قالت : ما رأيت منك خيرا قط " هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في بعض المواضع التي أخرج فيها الحديث المذكور ، وقد أطلق فيه النبي صلى الله عليه وسلم اسم الكفر عليهن ، فلما استفسروه عن ذلك تبين أن مراده غير الكفر المخرج عن ملة الإسلام .
هذا هو حاصل كلام العلماء وأدلتهم في مسألة ترك الصلاة عمدا مع الاعتراف بوجوبها ، وأظهر الأقوال أدلة عندي : قول من قال إنه كافر ، وأجرى الأقوال على مقتضى الصناعة الأصولية وعلوم الحديث قول الجمهور : إنه كفر غير مخرج عن الملة لوجوب الجمع بين الأدلة إذا أمكن ، وإذا حمل الكفر والشرك المذكوران في الأحاديث على الكفر الذي لا يخرج عن الملة حصل بذلك الجمع بين الأدلة والجمع واجب إذا أمكن ; لأن
[ ص: 456 ] إعمال الدليلين أولى من إلغاء أحدهما كما هو معلوم في الأصول وعلم الحديث ، وقال
النووي ) في شرح المهذب ( بعد أن ساق أدلة من قالوا إنه غير كافر ، ما نصه : ولم يزل المسلمون يورثون تارك الصلاة ويورثون عنه ولو كان كافرا لم يغفر له ولم يرث ولم يورث .
وأما الجواب عما احتج به من كفره من حديث
جابر وبريدة ، ورواية
ابن شقيق فهو أن كل ذلك محمول على أنه شارك الكافر في بعض أحكامه وهو القتل ، وهذا التأويل متعين للجمع بين نصوص الشرع وقواعده التي ذكرناها . انتهى محل الغرض منه .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=23392تَارِكِ صَلَاةٍ عَمْدًا تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا مَعَ اعْتِرَافِهِ بِوُجُوبِهَا ، هَلْ هُوَ كَافِرٌ أَوْ مُسْلِمٌ ، وَهَلْ يُقْتَلُ كُفْرًا أَوْ حَدًّا أَوْ لَا يُقْتَلُ ؟ فَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّهُ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ فَذَلِكَ ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِلَ كُفْرًا ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا :
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَبِهِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابْنُ الْمُبَارَكِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ ،
وَمَنْصُورٌ الْفَقِيهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ ، وَيُرْوَى أَيْضًا عَنْ
أَبِي الطَّيِّبِ بْنِ سَلَمَةَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ ضَعِيفَةٌ عَنْ
مَالِكٍ ، وَاحْتَجَّ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ بِأَدِلَّةٍ ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=11فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ الْآيَةَ [ 9 \ 11 ] ، وَيُفْهَمُ مِنْ مَفْهُومِ الْآيَةِ : أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُقِيمُوا الصَّلَاةَ لَمْ يَكُونُوا مِنْ إِخْوَانِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَمَنِ انْتَفَتْ عَنْهُمْ أُخُوَّةُ الْمُؤْمِنِينَ فَهُمْ مِنَ الْكَافِرِينَ ; لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=10إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ الْآيَةَ [ 49 \ 10 ] ، وَمِنْهَا حَدِيثُ
جَابِرٍ الثَّابِتُ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ طَرِيقَيْنِ ، لَفْظُ الْمَتْنِ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008220إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلَاةِ " ، وَلَفْظُ الْمَتْنِ فِي الْأُخْرَى : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008220بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكُ الصَّلَاةِ " انْتَهَى مِنْهُ ، وَهُوَ وَاضِحٌ فِي أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ كَافِرٌ ; لِأَنَّ عَطْفَ الشِّرْكِ عَلَى الْكُفْرِ فِيهِ تَأْكِيدٌ قَوِيٌّ لِكَوْنِهِ كَافِرًا ، وَمِنْهَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ ، وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=6201عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْآتِيَيْنِ الدَّالَّيْنِ عَلَى قِتَالِ الْأُمَرَاءِ إِذَا لَمْ يُصَلُّوا ، وَهُمَا فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ مَعَ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008221بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا ، وَأَلَّا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ ، قَالَ : " إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ فِيهِ مِنَ اللَّهِ بُرْهَانٌ " ، فَدَلَّ مَجْمُوعُ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ كُفْرٌ بِوَاحٌ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ بُرْهَانٌ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الْمَذْكُورَةَ فِي سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " ، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى أَدِلَّةِ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ ، وَمِنْهَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=134بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008222الْعَهْدُ الَّذِي [ ص: 448 ] بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ " أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ ، وَقَالَ
الشَّوْكَانِيُّ فِي ) نَيْلِ الْأَوْطَارِ ( فِي هَذَا الْحَدِيثِ : صَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ ،
وَالْعِرَاقِيُّ ، وَقَالَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ ) الْمُهَذَّبِ ( : رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ، قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ، وَقَالَ
الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بَعْدَ أَنْ سَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ ، لَا تُعْرَفُ لَهُ عِلَّةٌ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ ، فَقَدِ احْتَجَّا جَمِيعًا
nindex.php?page=showalam&ids=16423بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ ، وَاحْتَجَّ
مُسْلِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=15719بِالْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ بِهَذَا اللَّفْظِ ، وَلِهَذَا الْحَدِيثِ شَاهِدٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا جَمِيعًا ، أَخْبَرَنَا
أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْفَقِيهُ
بِبُخَارَى ، حَدَّثَنَا
قَيْسُ بْنُ أُنَيْفٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16818قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15535بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ ، عَنِ
الْجُرَيْرِيِّ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ ، وَأَقَرَّهُ
الذَّهَبِيُّ عَلَى تَصْحِيحِهِ لِحَدِيثِ
بُرَيْدَةَ الْمَذْكُورِ ، وَقَالَ فِي أَثَرِ
ابْنِ شَقِيقٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ الْمَذْكُورِ : لَمْ يُتَكَلَّمْ عَلَيْهِ وَإِسْنَادُهُ صَالِحٌ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ : وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَ الْحَافِظِ
الذَّهَبِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ " لَمْ يُتَكَلَّمْ عَلَيْهِ " سَهْوٌ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِ عَلَى حَدِيثِ
بُرَيْدَةَ الْمَذْكُورِ آنِفًا ، حَيْثُ قَالَ : وَلِهَذَا الْحَدِيثِ شَاهِدٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا جَمِيعًا ، يَعْنِي أَثَرَ
ابْنِ شَقِيقٍ الْمَذْكُورِ كَمَا تَرَى ، وَقَالَ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ : وَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ التَّابِعِيِّ الْمُتَّفَقِ عَلَى جَلَالَتِهِ : كَانَ أَصْحَابُ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنَ الْأَعْمَالِ تَرْكُهُ كُفْرٌ غَيْرَ الصَّلَاةِ ، رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ . انْتَهَى مِنْهُ ، وَقَدْ ذَكَرَ
النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي كَلَامِهِ هَذَا الِاتِّفَاقَ عَلَى جَلَالَةِ
ابْنِ شَقِيقٍ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّ فِيهِ نَصْبًا ، وَقَالَ الْمَجْدُ فِي الْمُنْتَقَى : وَعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ : كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . . . إِلَى آخِرِهِ ، ثُمَّ قَالَ : رَوَاهُ
التِّرْمِذِيُّ . اهـ ، وَلَا يَخْفَى عَلَيْكَ أَنَّ رِوَايَةَ
الْحَاكِمِ فِيهَا
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ وَرِوَايَةَ
التِّرْمِذِيِّ لَيْسَ فِيهَا
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=134بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ ، وَأَثَرُ
ابْنِ شَقِيقٍ الْمَذْكُورَانِ فِيهِمَا الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا تَهَاوُنًا كُفْرٌ ، وَلَوْ أَقَرَّ تَارِكُهَا بِوُجُوبِهَا ، وَبِذَلِكَ يَعْتَضِدُ حَدِيثُ
جَابِرٍ الْمَذْكُورُ عِنْدَ
مُسْلِمٍ .
وَمِنَ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ كُفْرٌ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلَاةَ يَوْمًا فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008223مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلَا بُرْهَانٌ وَلَا نَجَاةٌ ، وَكَانَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ [ ص: 449 ] خَلَفٍ " اهـ ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَوْضَحُ دَلَالَةٍ عَلَى كُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّ انْتِفَاءَ النُّورِ وَالْبُرْهَانِ وَالنَّجَاةِ ، وَالْكَيْنُونَةَ مَعَ
فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْضَحُ دَلِيلٍ عَلَى الْكُفْرِ كَمَا تَرَى ، وَقَالَ
الْهَيْثَمِيُّ فِي ) مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ ( فِي هَذَا الْحَدِيثِ : رَوَاهُ
أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=14687وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ وَالْأَوْسَطِ ، وَرِجَالُ
أَحْمَدَ ثِقَاتٌ . اهـ . وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ غَيْرُ مَا ذَكَرْنَا ، مِنْهَا مَا هُوَ ضَعِيفٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ صَالِحٌ لِلِاحْتِجَاجِ ، وَذَكَرَ طَرَفًا مِنْهَا
الْهَيْثَمِيُّ فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ كِفَايَةٌ .
وَذَهَبَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا تَهَاوُنًا وَتَكَاسُلًا إِذَا كَانَ مُعْتَرِفًا بِوُجُوبِهَا غَيْرُ كَافِرٍ ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا - كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ - لَا كُفْرًا ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ
مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ ، وَعَزَاهُ
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ لِلْأَكْثَرِينَ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ، وَقَالَ فِي شَرْحِ
مُسْلِمٍ : ذَهَبَ
مَالِكٌ nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَالْجَمَاهِيرُ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ إِلَى أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ بَلْ يُفَسَّقُ وَيُسْتَتَابُ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قَتَلْنَاهُ حَدًّا كَالزَّانِي الْمُحْصَنِ ، وَلَكِنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ . اهـ .
وَاعْلَمْ : أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَحْتَاجُ إِلَى الدَّلِيلِ مِنْ جِهَتَيْنِ ، وَهُمَا عَدَمُ كُفْرِهِ ، وَأَنَّهُ يُقْتَلُ ، وَهَذِهِ أَدِلَّتُهُمْ عَلَى الْأَمْرَيْنِ مَعًا ، أَمَّا أَدِلَّتُهُمْ عَلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ :
فَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [ 9 \ 5 ] ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ اشْتَرَطَ فِي تَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ إِقَامَتَهُمُ الصَّلَاةَ ، وَيُفْهَمُ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُقِيمُوهَا لَمْ يُخَلَّ سَبِيلُهُمْ وَهُوَ كَذَلِكَ .
) وِمِنْهَا ( مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008224أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ ، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّهَا " اهـ .
فَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ لَا تُعْصَمُ دِمَاؤُهُمْ وَلَا أَمْوَالُهُمْ إِلَّا بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ كَمَا تَرَى .
وَمِنْهَا : مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008225بَعَثَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ بِالْيَمَنِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَهَبِيَّةٍ فَقَسَّمَهَا بَيْنَ أَرْبَعَةٍ فَقَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اتَّقِ اللَّهَ ، فَقَالَ : " وَيْلَكَ أَوَلَسْتُ أَحَقَّ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنْ يَتَّقِيَ اللَّهَ " ؟ ثُمَّ وَلَّى الرَّجُلُ ، فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=22خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَا أَضْرِبُ عُنُقَهُ ؟ فَقَالَ : " لَا ، لَعَلَّهُ أَنْ [ ص: 450 ] يَكُونَ يُصَلِّي " فَقَالَ خَالِدٌ : وَكَمْ مِنْ مُصَلٍّ يَقُولُ بِلِسَانِهِ مَا لَيْسَ فِي قَلْبِهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي لَمْ أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عَنْ قُلُوبِ النَّاسِ ، وَلَا أَشُقَّ بُطُونَهُمْ " مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ ، فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ " لَا " يَعْنِي لَا تَقْتُلْهُ ، وَتَعْلِيلُهُ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ " لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي " فِيهِ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى النَّهْيِ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إِنْ لَمْ يُصَلِّ يُقْتَلْ ، وَهُوَ كَذَلِكَ .
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008226إِنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عَلَيْكُمْ أُمَرَاءُ فَتَعْرِفُونَ وَتُنْكِرُونَ ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدَ بَرِئَ ، وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَا نُقَاتِلُهُمْ ؟ قَالَ : " لَا مَا صَلَّوْا " هَذَا لَفْظُ
مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ ، وَ " مَا " فِي قَوْلِهِ " مَا صَلَّوْا " مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ ، أَيْ : لَا تُقَاتِلُوهُمْ مُدَّةَ كَوْنِهِمْ يُصَلُّونَ ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يُصَلُّوا قُوتِلُوا ، وَهُوَ كَذَلِكَ ، مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008227إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ " ، فَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ هَذَا وَنَحْوُ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=6201عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْآتِي يَدُلُّ عَلَى قَتْلِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ ، وَبِضَمِيمَةِ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ إِلَى ذَلِكَ يَظْهَرُ الدَّلِيلُ عَلَى الْكُفْرِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ ; لِأَنَّهُ قَالَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008228إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا . " الْحَدِيثَ ، وَأَشَارَ فِي حَدِيثٍ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=6201وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ : إِلَى أَنَّهُمْ إِنْ تَرَكُوا الصَّلَاةَ قُوتِلُوا ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تَرْكَهَا مِنَ الْكُفْرِ الْبَوَاحِ ، وَهَذَا مِنْ أَقْوَى أَدِلَّةِ أَهْلِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ، وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=6201عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْمَذْكُورُ هُوَ مَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَفْظِ : قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008229خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ " قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَلَا نُنَابِذُهُمْ بِالسَّيْفِ ؟ قَالَ : " لَا ، مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الصَّلَاةَ . " الْحَدِيثَ ، وَفِيهِ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى قِتَالِهِمْ إِذَا لَمْ يُقِيمُوا الصَّلَاةَ كَمَا تَرَى .
وَمِنْ أَدِلَّةِ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ ، مَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ :
مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790وَالشَّافِعِيُّ ،
وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدَيْهِمَا ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=5414عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008230أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ حَدَّثَهُ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي مَجْلِسٍ يُسَارُّهُ يَسْتَأْذِنُهُ فِي قَتْلِ رَجُلٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ ، فَجَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " ؟ قَالَ الْأَنْصَارِيُّ : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَا شَهَادَةَ لَهُ ، قَالَ : " أَلَيْسَ يَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ " ؟ قَالَ : بَلَى وَلَا شَهَادَةَ لَهُ ، قَالَ : " أَلَيْسَ يُصَلِّي " ؟ قَالَ : بَلَى وَلَا صَلَاةَ لَهُ ، قَالَ : " أُولَئِكَ الَّذِينَ نَهَانِي [ ص: 451 ] اللَّهُ عَنْ قَتْلِهِمْ " اهـ . وَفِي رِوَايَةٍ : عَنْهُمْ .
هَذَا هُوَ خُلَاصَةُ أَدِلَّةِ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ ، وَاعْلَمْ أَنَّ جُمْهُورَ مَنْ قَالَ بِقَتْلِهِ يَقُولُونَ إِنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُضْرَبُ بِالْخَشَبِ حَتَّى يَمُوتَ ، وَقَالَ
ابْنُ سُرَيْجٍ : يُنْخَسُ بِحَدِيدَةٍ أَوْ يُضْرَبُ بِخَشَبَةٍ ، وَيُقَالُ لَهُ : صَلِّ وَإِلَّا قَتَلْنَاكَ ، وَلَا يَزَالُ يُكَرَّرُ عَلَيْهِ حَتَّى يُصَلِّيَ أَوْ يَمُوتَ .
وَاخْتَلَفُوا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28312_23390اسْتِتَابَتِهِ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يُسْتَتَابُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا يُسْتَتَابُ ; لِأَنَّهُ يُقْتَلُ حَدًّا وَالْحُدُودُ لَا تَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنْ لَمْ يَبْقَ مِنَ الضَّرُورِيِّ إِلَّا قَدْرُ رَكْعَةٍ وَلَمْ يُصَلِّ قُتِلَ ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ : لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُهَا ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ بِتَرْكِ صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَدِلَّةِ ، وَقِيلَ : لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَتْرُكَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ : إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ الْمَتْرُوكَةِ مَعَ الْأُولَى ، وَالْأُخْرَى : لَا يُقْتَلُ حَتَّى يَضِيقَ وَقْتُ الرَّابِعَةِ .
قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ : أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ ، وَأَنَّهُ يُسْتَتَابُ ، لِلْإِجْمَاعِ عَلَى قَبُولِ تَوْبَتِهِ إِذَا تَابَ ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُسْتَتَابُ فِي الْحَالِ ، وَلَا يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهُوَ يَمْتَنِعُ مِنَ الصَّلَاةِ لِظَوَاهِرِ النُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ ، وَأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنَ الْوَقْتِ الضَّرُورِيِّ مَا يَسَعُ رَكْعَةً بِسَجْدَتَيْهَا ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَأَمَّا أَدِلَّةُ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى عَدَمِ كُفْرِهِ ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [ 4 \ 116 ] ، وَمِنْهَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي رَوَاهُ
مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17314يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17038مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16461ابْنِ مُحَيْرِيزٍ : أَنَّ رَجُلًا مِنْ
بَنِي كِنَانَةَ يُدْعَى
الْمُخَدَّجِيَّ سَمِعَ رَجُلًا
بِالشَّامِ يُكَنَّى
أَبَا مُحَمَّدٍ يَقُولُ : إِنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ ، فَقَالَ
الْمُخَدَّجِيُّ : فَرُحْتُ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَاعْتَرَضْتُ لَهُ وَهُوَ رَائِحٌ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ
أَبُو مُحَمَّدٍ ، فَقَالَ
عُبَادَةُ : كَذَبَ
أَبُو مُحَمَّدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008231خَمْسُ صَلَوَاتٍ كَتَبَهُنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى الْعِبَادِ فَمَنْ جَاءَ بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِنَّ فَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ " . انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ ، وَفِي سُنَنِ
أَبِي دَاوُدَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15020الْقَعْنَبِيُّ عَنْ
مَالِكٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17314يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ حِبَّانَ ، إِلَى آخِرِ الْإِسْنَادِ ، وَالْمَتْنُ كَلَفْظِ الْمُوَطَّأِ الَّذِي ذَكَرْنَا ، وَفِي سُنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيِّ : أَخْبَرَنَا
قُتَيْبَةُ عَنْ
مَالِكٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17314يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17038مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ ، إِلَى آخِرِ الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنُ كَاللَّفْظِ الْمَذْكُورِ ، وَفِي سُنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنِ مَاجَهْ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16893ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ
[ ص: 452 ] شُعْبَةَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16506عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17038مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16461ابْنِ مُحَيْرِيزٍ عَنِ
الْمُخَدَّجِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008232خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ . . . " إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ بِمَعْنَاهُ قَرِيبًا مِنْ لَفْظِهِ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ رِجَالَ هَذِهِ الْأَسَانِيدِ ثِقَاتٌ مَعْرُوفُونَ إِلَّا
الْمُخَدَّجِيَّ الْمَذْكُورَ وَقَدْ ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ ، وَبِتَوْثِيقِهِ تَعْلَمُ صِحَّةَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ ، وَلَهُ شَوَاهِدُ يَعْتَضِدُ بِهَا أَيْضًا ، قَالَ
أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ الْوَاسِطِيُّ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يَزِيدُ يَعْنِي ابْنَ هَارُونَ ، ثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17026مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ قَالَ : زَعَمَ
أَبُو مُحَمَّدٍ : أَنَّ الْوِتْرَ وَاجِبٌ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ كَذَبَ
أَبُو مُحَمَّدٍ ، أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008233خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ . " إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ بِمَعْنَاهُ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ الْمَذْكُورُ قِيلَ إِنَّهُ صَحَابِيٌّ مَدَنِيٌّ ، وَقِيلَ : هُوَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ عُسَيْلَةَ الْمُرَادِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيُّ ، وَهُوَ ثِقَةٌ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ ، قَدِمَ
الْمَدِينَةَ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ ، مَاتَ فِي خِلَافَةِ
عَبْدِ الْمَلِكِ ، وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ فَرِوَايَةُ
الصُّنَابِحِيِّ الْمَذْكُورِ إِمَّا رِوَايَةُ صَحَابِيٍّ أَوْ تَابِعِيٍّ ثِقَةٍ ، وَبِهَا تَعْتَضِدُ رِوَايَةُ
الْمُخَدَّجِيِّ الْمَذْكُورِ ، وَرِجَالُ سَنَدِ
أَبِي دَاوُدَ هَذَا غَيْرُ
عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيِّ ثِقَاتٌ ، مَعْرُوفُونَ لَا مَطْعَنَ فِيهِمْ ، وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ صِحَّةَ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْمَذْكُورِ .
وَقَالَ
الزُّرْقَانِيُّ ) فِي شَرْحِ الْمُوَطَّأِ ( : وَفِيهِ يَعْنِي حَدِيثَ عُبَادَةَ الْمَذْكُورَ أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ لَا يَكْفُرُ وَلَا يَتَحَتَّمُ عَذَابُهُ ، بَلْ هُوَ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ بِنَصِّ الْحَدِيثِ ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ
أَحْمَدُ ،
وَأَبُو دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ ، مِنْ طَرِيقِ
مَالِكٍ ، وَصَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنُ حِبَّانَ ،
وَالْحَاكِمُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13332وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، وَجَاءَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ
عُبَادَةَ بِنَحْوِهِ فِي
أَبِي دَاوُدَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيِّ ،
وَالْبَيْهَقِيِّ ، وَلَهُ شَاهِدٌ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=17032مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ . انْتَهَى مِنْهُ .
وَقَالَ الْعَلَامَةُ
الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ) نَيْلِ الْأَوْطَارِ ( : وَلِهَذَا الْحَدِيثِ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ
أَبِي قَتَادَةَ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنِ مَاجَهْ ، وَمِنْ حَدِيثٍ
nindex.php?page=showalam&ids=167كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عِنْدَ
أَحْمَدَ ، وَرَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ عَنِ
الصُّنَابِحِيِّ . انْتَهَى مَحِلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ .
وَقَالَ
النَّوَوِيُّ ) فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ( بَعْدَ أَنْ سَاقَ حَدِيثَ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتَ الْمَذْكُورَ : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : هُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ ، لَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ
مَالِكٍ فِيهِ ، فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ صَحَّحَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مَعَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ
الْمُخَدَّجِيَّ الْمَذْكُورَ فِي سَنَدِهِ مَجْهُولٌ ؟ فَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ جِهَتَيْنِ : الْأُولَى : أَنَّ
[ ص: 453 ] صِحَّتَهُ مِنْ قَبِيلِ الشَّوَاهِدِ الَّتِي ذَكَرْنَا ، فَإِنَّهَا تُصَيِّرُهُ صَحِيحًا ، وَالثَّانِيَةُ هِيَ مَا قَدَّمْنَا مِنْ تَوْثِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنِ حِبَّانَ الْمُخَدَّجِيَّ الْمَذْكُورَ ، وَحَدِيثُ
عُبَادَةَ الْمَذْكُورُ فِيهِ الدَّلَالَةُ الْوَاضِحَةُ عَلَى أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ لَيْسَ بِكُفْرٍ ; لِأَنَّ كَوْنَهُ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ الْمَذْكُورَةِ فِيهِ ، دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ الْكُفْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=116إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [ 4 \ 116 ] .
وَمِنْ أَدِلَّةِ أَهْلِ هَذَا الْقَوْلِ عَلَى أَنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ الْمُقِرَّ بِوُجُوبِهَا غَيْرُ كَافِرٍ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008234إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ ، فَإِنْ أَتَمَّهَا وَإِلَّا قِيلَ انْظُرُوا هَلْ لَهُ مِنْ تَطَوُّعٍ ، فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ أُكْمِلَتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ، ثُمَّ يُفْعَلُ بِسَائِرِ الْأَعْمَالِ الْمَفْرُوضَةِ مِثْلُ ذَلِكَ " اهـ .
وَقَالَ
الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي ) نَيْلِ الْأَوْطَارِ ( : الْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ
أَبُو دَاوُدَ مِنْ ثَلَاثِ طُرُقٍ : طَرِيقَيْنِ مُتَّصِلَيْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=3بِأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَالطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ مُتَّصِلَةٌ
nindex.php?page=showalam&ids=155بِتَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، وَكُلُّهَا لَا مَطْعَنَ فِيهَا ، وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ هُوَ وَلَا
الْمُنْذِرِيُّ بِمَا يُوجِبُ ضَعْفَهُ ، وَأَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقٍ إِسْنَادُهَا جَيِّدٌ وَرِجَالُهَا رِجَالُ الصَّحِيحِ كَمَا قَالَ
الْعِرَاقِيُّ وَصَحَّحَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابْنُ الْقَطَّانِ ، وَأَخْرَجَ الْحَدِيثَ
الْحَاكِمُ ) فِي الْمُسْتَدْرَكِ ( وَقَالَ : هَذَا صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ ، وَفِي الْبَابِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=155تَمِيمٍ الدَّارِيِّ عِنْدَ
أَبِي دَاوُدَ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنِ مَاجَهْ بِنَحْوِ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ
الْعِرَاقِيُّ : وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ ، وَأَخْرَجَهُ
الْحَاكِمُ ) فِي الْمُسْتَدْرَكِ ( وَقَالَ : إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ
مُسْلِمٍ . انْتَهَى مَحِلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ .
وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ عَلَى عَدَمِ كُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ أَنَّ نُقْصَانَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَةِ وَإِتْمَامَهَا مِنَ النَّوَافِلِ يَتَنَاوَلُ بِعُمُومِهِ تَرْكَ بَعْضِهَا عَمْدًا ، كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ عُمُومِ اللَّفْظِ كَمَا تَرَى .
وَقَالَ
الْمَجْدُ ) فِي الْمُنْتَقَى ( بَعْدَ أَنْ سَاقَ الْأَدِلَّةَ الَّتِي ذَكَرْنَا عَلَى عَدَمِ كُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ الْمُقِرِّ بِوُجُوبِهَا ، مَا نَصُّهُ : وَيُعَضِّدُ هَذَا الْمَذْهَبَ عُمُومَاتٌ ، وَمِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008235مَنْ شَهِدَ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ، وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=1008236أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَمُعَاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ : " يَا مُعَاذُ " ، قَالَ : لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ ، ثَلَاثًا ، ثُمَّ قَالَ : " مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ [ ص: 454 ] إِلَّا حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ " ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُخْبِرُ بِهَا النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا ؟ قَالَ : " إِذًا يَتَّكِلُوا " فَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا ، أَيْ : خَوْفًا مِنَ الْإِثْمِ بِتَرْكِ الْخَبَرِ بِهِ ، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008237لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ فَتَعَجَّلَ كُلُّ نَبِيٍّ دَعْوَتَهُ ، وَإِنِّي اخْتَبَأْتُ دَعْوَتِي شَفَاعَةً لِأُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَهِيَ نَائِلَةٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا " رَوَاهُ
مُسْلِمٌ ، وَعَنْهُ أَيْضًا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008238أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ " رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ . انْتَهَى مَحِلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ .
وَقَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مِنْهُمُ الْإِمَامُ
أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَصْحَابُهُ ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ
أَهْلِ الْكُوفَةِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ،
وَالْمُزَنِيُّ صَاحِبُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ : إِنَّ تَارِكَ الصَّلَاةِ عَمْدًا تَكَاسُلًا وَتَهَاوُنًا مَعَ إِقْرَارِهِ بِوُجُوبِهَا لَا يُقْتَلُ وَلَا يُكَفَّرُ ، بَلْ يُعَزَّرُ وَيُحْبَسُ حَتَّى يُصَلِّيَ وَاحْتَجُّوا عَلَى عَدَمِ كُفْرِهِ بِالْأَدِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا آنِفًا لِأَهْلِ الْقَوْلِ الثَّانِي ، وَاحْتَجُّوا لِعَدَمِ قَتْلِهِ بِأَدِلَّةٍ ، مِنْهَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فِي سُورَةِ " الْمَائِدَةِ " وَغَيْرِهَا : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008239لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : الثَّيِّبِ الزَّانِي ، وَالنَّفْسِ بِالنَّفْسِ ، وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ " ، قَالُوا : هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، صَرَّحَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ دَمُ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ ، وَلَمْ يَذْكُرْ مِنْهَا تَرْكَ الصَّلَاةِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُوجِبٍ لِلْقَتْلِ ، قَالُوا : وَالْأَدِلَّةُ الَّتِي ذَكَرْتُمْ عَلَى قَتْلِهِ إِنَّمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ بِمَفَاهِيمِهَا أَعْنِي مَفَاهِيمَ الْمُخَالَفَةِ كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ ، وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا بِمَنْطُوقِهِ وَالْمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَفْهُومِ ، مَعَ أَنَّ الْمُقَرَّرَ فِي أُصُولِ الْإِمَامِ
أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ الْمَفْهُومَ الْمَعْرُوفَ بِدَلِيلِ الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ الْمُخَالَفَةِ ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَعْتَرِفُ بِدَلَالَةِ الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى قَتْلِهِ ; لِأَنَّهَا إِنَّمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ بِمَفْهُومِ مُخَالَفَتِهَا ، وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَنْطُوقِهِ ، وَمِنْهَا قِيَاسُهُمْ تَرْكَ الصَّلَاةِ عَلَى تَرْكِ الصَّوْمِ وَالْحَجِّ مَثَلًا ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ دَعَائِمِ الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُقْتَلْ تَارِكُهَا ، فَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ .
أَمَّا الَّذِينَ قَالُوا بِأَنَّهُ كَافِرٌ وَأَنَّهُ يُقْتَلُ ، فَقَدْ أَجَابُوا عَنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ بِأَنَّهُ عَامٌّ يُخَصَّصُ بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى قَتْلِ تَارِكِ الصَّلَاةِ ، وَعَنْ قِيَاسِهِ عَلَى تَارِكِ الْحَجِّ وَالصَّوْمِ بِأَنَّهُ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ لِمُخَالَفَتِهِ لِلْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ الدَّالَّةِ عَلَى قَتْلِهِ ، وَعَنِ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ الْكُفْرِ بِأَنَّ مِنْهَا مَا هُوَ عَامٌّ يُخَصَّصُ بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى كُفْرِهِ ، وَمِنْهَا مَا هُوَ لَيْسَ كَذَلِكَ كَحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ تَحْتَ الْمَشِيئَةِ ، فَالْأَحَادِيثُ الدَّالَّةُ
[ ص: 455 ] عَلَى كُفْرِهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِ ; لِأَنَّهَا أَصَحُّ مِنْهُ ; لِأَنَّ بَعْضَهَا فِي صَحِيحٍ
مُسْلِمٍ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِكُفْرِهِ وَشِرْكِهِ ، وَمِنْهَا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=63عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ، مَعَ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ nindex.php?page=showalam&ids=6201وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ .
وَرَدَّ الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ غَيْرُ كَافِرٍ أَدِلَّةَ مُخَالِفِيهِمْ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكُفْرِ فِي الْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ كُفْرٌ دُونَ كُفْرٍ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْكُفْرَ الْمُخْرِجَ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَاحْتَجُّوا لِهَذَا بِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ يُصَرِّحُ فِيهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكُفْرِ ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ الْخُرُوجَ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ ، قَالَ
الْمَجْدُ ) فِي الْمُنْتَقَى ( : وَقَدْ حَمَلُوا أَحَادِيثَ التَّكْفِيرِ عَلَى كُفْرِ النِّعْمَةِ ، أَوْ عَلَى مَعْنًى قَدْ قَارَبَ الْكُفْرَ وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيثُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ أُرِيدَ بِهَا ذَلِكَ ، فَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008240سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ وَقِتَالُهُ كُفْرٌ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَعَنْ
أَبِي ذَرٍّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008241لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ ، وَمَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ فَلَيْسَ مِنَّا وَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008242اثْنَتَانِ فِي النَّاسِ هُمَا بِهِمْ كُفْرٌ : الطَّعْنُ فِي النَّسَبِ ، وَالنِّيَاحَةُ عَلَى الْمَيِّتِ " رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008243كَانَ عُمَرُ يَحْلِفُ : " وَأَبِي " فَنَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : " مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُونَ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ " رَوَاهُ
أَحْمَدُ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008244مُدْمِنُ الْخَمْرِ إِنْ مَاتَ لَقِيَ اللَّهَ كَعَابِدِ وَثَنٍ " انْتَهَى مِنْهُ بِلَفْظِهِ ، وَأَمْثَالُهُ فِي السُّنَّةِ كَثِيرَةٌ جِدًّا ، وَمِنْ ذَلِكَ الْقَبِيلِ تَسْمِيَةُ الرِّيَاءِ شِرْكًا ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008245رَأَيْتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ مَنْظَرًا كَالْيَوْمِ أَفْظَعَ ، وَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ " قَالُوا : بِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " بِكُفْرِهِنَّ " قِيلَ : يَكْفُرْنَ بِاللَّهِ ؟ قَالَ : " يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ ، وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ كُلَّهُ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا ، قَالَتْ : مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ " هَذَا لَفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي أَخْرَجَ فِيهَا الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ ، وَقَدْ أَطْلَقَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْمَ الْكُفْرِ عَلَيْهِنَّ ، فَلَمَّا اسْتَفْسَرُوهُ عَنْ ذَلِكَ تَبَيَّنَ أَنَّ مُرَادَهُ غَيْرُ الْكُفْرِ الْمُخْرِجِ عَنْ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ .
هَذَا هُوَ حَاصِلُ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ وَأَدِلَّتِهِمْ فِي مَسْأَلَةِ تَرْكِ الصَّلَاةِ عَمْدًا مَعَ الِاعْتِرَافِ بِوُجُوبِهَا ، وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَدِلَّةً عِنْدِي : قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ كَافِرٌ ، وَأَجْرَى الْأَقْوَالَ عَلَى مُقْتَضَى الصِّنَاعَةِ الْأُصُولِيَّةِ وَعُلُومِ الْحَدِيثِ قَوْلُ الْجُمْهُورِ : إِنَّهُ كُفْرٌ غَيْرُ مُخْرِجٍ عَنِ الْمِلَّةِ لِوُجُوبِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ إِذَا أَمْكَنَ ، وَإِذَا حُمِلَ الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ الْمَذْكُورَانِ فِي الْأَحَادِيثِ عَلَى الْكُفْرِ الَّذِي لَا يُخْرِجُ عَنِ الْمِلَّةِ حَصَلَ بِذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَالْجَمْعُ وَاجِبٌ إِذَا أَمْكَنَ ; لِأَنَّ
[ ص: 456 ] إِعْمَالَ الدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنْ إِلْغَاءِ أَحَدِهِمَا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الْأُصُولِ وَعِلْمِ الْحَدِيثِ ، وَقَالَ
النَّوَوِيُّ ) فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ( بَعْدَ أَنْ سَاقَ أَدِلَّةَ مَنْ قَالُوا إِنَّهُ غَيْرُ كَافِرٍ ، مَا نَصُّهُ : وَلَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ يُوَرِّثُونَ تَارِكَ الصَّلَاةِ وَيُوَرَّثُونَ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا لَمْ يُغْفَرْ لَهُ وَلَمْ يَرِثْ وَلَمْ يُورَثْ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّا احْتَجَّ بِهِ مَنْ كَفَّرَهُ مِنْ حَدِيثِ
جَابِرٍ وَبُرَيْدَةَ ، وَرِوَايَةِ
ابْنِ شَقِيقٍ فَهُوَ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ شَارَكَ الْكَافِرَ فِي بَعْضِ أَحْكَامِهِ وَهُوَ الْقَتْلُ ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيِّنٌ لِلْجَمْعِ بَيْنَ نُصُوصِ الشَّرْعِ وَقَوَاعِدِهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا . انْتَهَى مَحِلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ .