قوله تعالى : وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين .
قد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة " الحجر " فأغنى ذلك عن إعادته هنا ، وكذلك قوله : بل نقذف بالحق على الباطل الآية [ 21 \ 18 ] . قد قدمنا الآيات الموضحة لذلك في سورة " بني إسرائيل " ، وكذلك الآيات التي بعد هذا ، قد قدمنا في مواضع متعددة ما يبينها من كتاب الله .
قوله تعالى : وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون .
ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أن الكفار - لعنهم الله - قالوا عليه : إنه اتخذ ولدا . وقد بينا ذلك فيما مضى بيانا شافيا في مواضع متعددة من هذا الكتاب المبارك . سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا . وبين هنا بطلان ما ادعوه على ربهم من اتخاذ الأولاد - وهم في زعمهم الملائكة - بحرف الإضراب الإبطالي الذي هو " بل " مبينا أنهم عباده المكرمون ، والعبد لا يمكن أن يكون ولدا لسيده . ثم أثنى على ملائكته بأنهم عباد مكرمون ، لا يسبقون ربهم بالقول ، أي : لا يقولون إلا ما أمرهم أن يقولوه لشدة طاعتهم له وهم بأمره يعملون . وما أشار إليه في هذه الآية الكريمة من أن الملائكة عبيده وملكه ، والعبد لا يمكن أن يكون ولدا لسيده ، أشار له في غير هذا الموضع ؛ كقوله في " البقرة " : وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والأرض كل له قانتون [ 2 \ 116 ] وقوله في " النساء " : إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا [ 4 \ 171 ] أي : والمالك لكل شيء لا يمكن أن يكون له ولد ؛ لأن الملك ينافي الولدية ، ولا يمكن أن يوجد شيء سواه إلا [ ص: 139 ] وهو ملك له - جل وعلا - .
وما ذكره في هذه الآية الكريمة من الثناء الحسن على ملائكته - عليهم صلوات الله وسلامه - بينه في غير هذا الموضع . كقوله تعالى . عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون [ 66 \ 6 ] وقوله تعالى : وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون [ 82 \ 10 - 12 ] وقوله تعالى : وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون [ 21 \ 19 - 20 ] إلى غير ذلك من الآيات .
مسألة
أخذ بعض العلماء من هذه الآية الكريمة وأمثالها في القرآن أن عتق عليه بالملك . ووجه ذلك واضح ؛ لأن الكفار زعموا أن الملائكة بنات الله . فنفى الله تلك الدعوى بأنهم عباده وملكه ، فدل ذلك على منافاة الملك للولدية ، وأنهما لا يصح اجتماعهما ، والعلم عند الله تعالى . الأب إذا ملك ابنه