قوله تعالى : وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون .
تضمنت هذه الآية الكريمة ثلاث مسائل :
الأولى : أن الله - جل وعلا - جعل السماء سقفا ، أي : لأنها للأرض كالسقف للبيت .
الثانية : أنه جعل ذلك السقف محفوظا .
[ ص: 144 ] الثالثة : أن الكفار معرضون عما فيها - أي السماء - من الآيات ، لا يتعظون به ، ولا يتذكرون . وقد أوضح هذه المسائل الثلاث في غير هذا الموضع
أما كونه جعلها سقفا فقد ذكره في سورة " الطور " أنه مرفوع ، وذلك في قوله : والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع [ 52 - 5 ] .
وأما كون ذلك السقف محفوظا فقد بينه في مواضع من كتابه ، فبين أنه محفوظ من السقوط في قوله : ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه [ 22 \ 65 ] وقوله : ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره [ 30 \ 25 ] وقوله تعالى : إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا [ 35 \ 41 ] وقوله : وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم [ 2 \ 255 ] وقوله : ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين [ 23 \ 17 ] على قول من قال : وما كنا عن الخلق غافلين . إذ لو كنا نغفل لسقطت عليهم السماء فأهلكتهم . وبين أنه محفوظ من التشقق والتفطر ، لا يحتاج إلى ترميم ولا إصلاح كسائر السقوف إذا طال زمنها ، كقوله تعالى : فارجع البصر هل ترى من فطور [ 67 \ 3 ] وقوله تعالى : أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج [ 50 \ 6 ] أي : ليس فيها من شقوق ، ولا صدوع ، وبين أن ذلك السقف المذكور محفوظ من كل شيطان رجيم ، كقوله : وحفظناها من كل شيطان رجيم [ 15 \ 17 ] وقد بينا الآيات الدالة على حفظها من جميع الشياطين في سورة " الحجر " . وأما كون الكفار معرضين عما فيها من الآيات فقد بينه في مواضع من كتابه ، كقوله تعالى : وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون [ 12 \ 105 ] وقوله : وإن يروا آية يعرضوا الآية [ 54 \ 2 ] وقوله : إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية [ 10 \ 96 - 97 ] وقوله : وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون [ 10 \ 101 ] .