اعلم أن الظاهرية وسخريتهم بالأئمة المجتهدين - رحمهم الله - ودعواهم أن قياساتهم متناقضة ينقض بعضها بعضا ، وأن ذلك دليل على أنها كلها باطلة وليست من الدين في شيء - إذا تأمل فيه المنصف العارف وجد الأئمة - رحمهم الله - أقرب في أغلب ذلك إلى الصواب والعمل بما دلت عليه النصوص من الظاهرية الساخرين المستهزئين . وسنضرب لك بعض الأمثلة لذلك لتستدل به على غيره . استهزاء
اعلم أن من أعظم المسائل التي قال فيها الظاهرية بتناقض أقيسة الأئمة وتكذيب بعضها لبعض ، وأن ذلك يدل على بطلان كل قياس من أقيستهم - هي مسألة الربا التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - : " " . الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلا بمثل ، يدا بيد ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى
قال الظاهرية : فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما حرم الربا في الستة المذكورة ، فتحريمه في شيء غيرها قول على الله وعلى رسوله ، وتشريع زائد على ما شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : والذين زادوا على النص أشياء يحرم فيها الربا اختلفت أقوالهم ، وتناقضت أقيستهم ، فبعضهم يقول : التمر والبلوط ثمر شجر يؤكل ويدبغ بقشره . وبعضهم يقول هي الكيل . وبعضهم يقول هي الاقتيات والادخار . . . إلخ .
فهذه أقيسة متضاربة متناقضة فليست من عند الله ، وإذا تأملت في هذه المسألة التي سخروا بسببها من الأئمة ، وادعوا عليهم أنهم حرموا الربا في أشياء لا دليل على تحريمه فيها كالتفاح عند من يقول : العلة الطعم ، وكالأشنان عند من يقول : العلة الكيل - علمت أن الأئمة أقرب إلى العمل بالنص في ذلك من كالشافعي الظاهرية المدعين الوقوف مع ظاهر النص . أما الذي قال : الشافعي فقد استدل لذلك بما رواه العلة في تحريم الربا الطعم مسلم في صحيحه : حدثنا ، حدثنا هارون بن معروف ، أخبرني عبد الله بن وهب عمرو ( ح ) وحدثني أبو الطاهر ، أخبرنا ابن وهب عن ، أن عمرو بن الحارث أبا النضر حدثه ، أن حدثه عن بسر بن سعيد معمر بن عبد الله ، أنه أرسل غلامه بصاع قمح . الحديث ، وفيه : فإني كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " " وكان طعامنا [ ص: 224 ] يومئذ الشعير . فهذا حديث صحيح صرح فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الطعام إذا بيع بالطعام بيع مثلا بمثل . والطعام في اللغة العربية : اسم لكل ما يؤكل ، قال تعالى : الطعام بالطعام مثلا بمثل كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل الآية [ 3 \ 93 ] وقال : فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا [ 80 \ 24 - 28 ] وقال تعالى : وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم [ 5 \ 5 ] ولا خلاف في ذبائحهم في ذلك . وفي صحيح مسلم وقال أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في زمزم : " إنها طعام طعم " لبيد في معلقته :
لمعفر قهد تنازع شلوه غبس كواسب لا يمن طعامها
يعني بطعامها : فريستها ، كما قدمنا هذا مستوفى في سورة " البقرة " .فالشافعي وإن سخر الظاهرية منه في تحريمه الربا في التفاح فهو متمسك في ذلك بظاهر حديث صحيح ، يقول فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - : " " . فما المانع الطعام بالطعام مثلا بمثل للظاهرية من القول بظاهر هذا الحديث الصحيح على عادتهم التي يزعمون فيحكمون على الطعام بأنه مثل بمثل ؟ وما مستندهم في مخالفة ظاهر هذا الحديث الصحيح ، وحكمهم بالربا في البر والشعير والتمر والملح دون غيرها من سائر المطعومات ؟ مع أن لفظ الطعام في الحديث المذكور عام للأربعة المذكورة وغيرها كما ترى ، فهل في تحريم الربا في التفاح أقرب إلى ظاهر النص أو الشافعي الظاهرية ؟ وكذلك سخريتهم من الإمام أبي حنيفة وأحمد - رحمهما الله - في قولهما بدخول الربا في كل مكيل وموزون ، مستهزئين بمن يقول بالربا في الأشنان قياسا على التمر - إذا تأملت فيه وجدت الإمامين - رحمهما الله - أقرب في ذلك إلى ظاهر النص من الظاهرية .
قال الحاكم في ( المستدرك ) : حدثنا أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه ، ثنا ، ثنا الحسن بن مكرم ، ثنا روح بن عبادة حيان بن عبيد الله العدوي ، قال : أبا مجلز عن الصرف ، فقال : كان - رضي الله عنهما - لا يرى به بأسا زمانا من عمره ما كان منه عينا ، يعني يدا بيد ، فكان يقول : إنما الربا في النسيئة . فلقيه ابن عباس فقال : يا أبو سعيد الخدري ، ، ألا تتقي الله إلى متى تؤكل الناس الربا ؟ أما بلغك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم وهو عند زوجته ابن عباس : " إني لأشتهي تمر عجوة " فبعثت صاعين من تمر إلى رجل من أم سلمة الأنصار ، فجاء بدل صاعين صاع من تمر عجوة ، فقامت فقدمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه أعجبه ، فتناول تمرة ، ثم أمسك فقال : " من أين لكم هذا ؟ " [ ص: 225 ] فقالت : بعثت صاعين من تمر إلى رجل من أم سلمة الأنصار ، فأتانا بدل صاعين هذا الصاع الواحد ، وها هو ، كل ، فألقى التمرة بين يديه فقال : " ردوه لا حاجة لي فيه ، التمر بالتمر ، والحنطة بالحنطة ، والشعير بالشعير ، والذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، يدا بيد ، عينا بعين ، مثلا بمثل ، فمن زاد فهو ربا " ثم قال " كذلك ما يكال ويوزن أيضا " إلى آخره . سألت
ثم قال الحاكم - رحمه الله - : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه بهذه السياقة . وهذا الحديث الذي قال الحاكم : إنه صحيح الإسناد ، فيه التصريح بأن ما يكال ويوزن يباع مثلا بمثل ، يدا بيد ، وقد قدمنا مرارا أن الموصولات من صيغ العموم لعمومها في كل ما تشمله صلاتها . فأبو حنيفة مثلا القائل بالربا في الأشنان متمسك بظاهر هذا الحديث ، فهو أقرب إلى ظاهر النص من الظاهرية المستهزئين به ، الزاعمين أنه بعيد في ذلك عن النص .
فإن قيل : هذا الحدث لا يحتج به لضعفه ، وقد قال الذهبي متعقبا على الحاكم تصحيحه للحديث المذكور ما نصه : قلت : حيان فيه ضعف وليس بالحجة ، وقد أشار البيهقي إلى تضعيف هذا الحديث ، وأعله من ثلاثة أوجه : الأول : زعمه أنه منقطع ؛ لأن ابن حزم أبا مجلز لم يسمع من أبي سعيد ولا من . الثاني : أن في الحديث أن ابن عباس رجع عن القول بإباحة ربا الفضل . واعتقاد ابن عباس أن ذلك باطل لقول ابن حزم : إن سعيد بن جبير لم يرجع عن ذلك . والثالث : أن ابن عباس حيان بن عبيد الله المذكور في سند هذا الحديث مجهول .
فالجواب عن ذلك كله هو ما ستراه الآن إن شاء الله ، وهو راجع إلى شيئين : الأول : مناقشة من ضعف الحديث ، وبيان أنه ليس بضعيف . والثاني : أنا لو سلمنا ضعفه تسليما جدليا فهو معتضد بما يثبت الاحتجاج به من الشواهد .
أما المناقشة في تضعيفه ، فقول الذهبي : إن حيان فيه ضعف وليس بالحجة - معارض بقول أبي حاتم فيما ذكره عن ابنه في كتاب " الجرح والتعديل " : إنه صدوق ، ومعلوم أن الصحيح أن التعديل يقبل مجملا ، والتجريح لا يقبل إلا مبينا مفصلا كما هو مقرر في علوم الحديث . وقد ترجم له في تاريخه الكبير ولم يذكر فيه جرحا . وإعلال البخاري له بأنه منقطع وأن ابن حزم حيان مجهول قد قدمنا مناقشته فيه في سورة " البقرة " ؛ لأن أبا مجلز أدرك ، وسمع عنه . ابن عباس
قال في " الجرح والتعديل " في ابن أبي حاتم أبي مجلز المذكور : وهو لاحق بن حميد [ ص: 226 ] السدوسي البصري ، توفي أيام ، وروى عن عمر بن عبد العزيز ، ابن عمر ، وابن عباس وأنس وجندب . . . إلخ ، وتصريحه بروايته عن يدل على عدم صحة قول ابن عباس : إنه لم يسمع من ابن حزم . وقال ابن عباس في تاريخه الكبير في البخاري لاحق بن حميد المذكور : أبو مجلز السدوسي البصري ، مات قبل الحسن بقليل ، ومات الحسن سنة عشر ومائة ، سمع ، ابن عمر ، وابن عباس . . . إلخ . وفيه تصريح وأنس بن مالك بسماع البخاري أبي مجلز من ، ومع هذا ابن عباس فابن حزم يقول : هو منقطع لعدم سماعه منه . وأما أبو سعيد فلا شك أنه أدركه أبو مجلز المذكور ، والمعاصرة تكفي ، ولا يشترط ثبوت اللقي على التحقيق ، كما أوضحه في مقدمة صحيحه . مسلم بن الحجاج
وقال ابن حجر في تهذيب التهذيب في أبي مجلز المذكور : روى عن ، أبي موسى الأشعري والحسن بن علي ، ومعاوية ، ، وعمران بن حصين ، وسمرة بن جندب ، وابن عباس ، والمغيرة بن شعبة ، وحفصة ، وأم سلمة وأنس ، ، وجندب بن عبد الله ، وسلمة بن كهيل وقيس بن عباد ، وغيرهم . وأرسل عن ، عمر بن الخطاب وحذيفة . . . إلخ . ومما يوضح معاصرة أبي مجلز لأبي سعيد أن جماعة من هؤلاء الصحابة الذين ذكر ابن حجر أنه روى عنهم ماتوا قبل أبي سعيد - رضي الله عنهم . فأبو سعيد - رضي الله عنه - توفي سنة ثلاث أو أربع أو خمس بعد الستين ، وقد مات قبله الحسن بن علي ، ، وأبو موسى الأشعري ، وعمران بن حصين ومعاوية ، كما هو معلوم . وسمرة بن جندب
وأما قول : إنه مجهول فقد قدمنا مناقشة ابن حزم السبكي له في تكملة المجموع ، وأنه قال : فإن أراد أنه مجهول العين فليس بصحيح ، بل هو رجل مشهور ، روى عنه حديث الصرف هذا ابن حزم ، ومن جهته أخرجه روح بن عبادة الحاكم ، وذكره ابن حزم ، وإبراهيم بن الحجاج الشامي ، ومن جهته رواه ابن عدي ، ومن جهته رواه ويونس بن محمد البيهقي ' وهو حيان بن عبيد الله بن حيان بن بشر بن عدي بصري ، سمع أبا مجلز لاحق بن حميد ، والضحاك وعن أبيه ، وروى عن عطاء ، وابن بريدة ، روى عنه موسى بن إسماعيل ، ومسلم بن إبراهيم وأبو داود ، ، عقد له وعبيد الله بن موسى البخاري ، ترجمة فذكر كل منهما بعض ما ذكرته . وله ترجمة في كتاب وابن أبي حاتم كما أشرت إليه ، فزال عنه جهالة العين . وإن أراد جهالة الحال فهو قد رواه من طريق ابن عدي ، فقال في إسناده : أخبرنا إسحاق بن راهويه روح ، قال : حدثنا حيان بن عبيد الله ، وكان رجل صدق . فإن كانت هذه الشهادة له بالصدق من روح بن عبادة ، فروح محدث نشأ في الحديث ، عارف به ، مصنف [ ص: 227 ] متفق على الاحتجاج به ، بصري بلدي للمشهود له فتقبل شهادته له . وإن كان هذا القول من فناهيك به ، ومن يثني عليه إسحاق بن راهويه إسحاق ! وقد ذكر ابن أبي حاتم حيان بن عبيد الله هذا ، وذكر جماعة من المشاهير ممن رووا عنه وممن روي عنهم ، قال : إنه سأل أباه عنه ، فقال : صدوق . ا هـ من تكملة المجموع كما قدمناه في سورة " البقرة " . والذي رأيت في سنن البيهقي الكبرى أن الراوي عن حيان المذكور في إسناده له إبراهيم بن الحجاج ، وقال صاحب " الجوهر النقي " : وحيان هذا ذكره في الثقات من أتباع التابعين . وقال ابن حبان الذهبي في الضعفاء : جائز الحديث . وقال عبد الحق في أحكامه : قال : أبو بكر البزار حيان رجل من أهل البصرة مشهور وليس به بأس . وقال فيه أبو حاتم : صدوق . وقال بعض المتأخرين فيه : مجهول . ولعله اختلط عليه بحيان بن عبيد الله المروي ، وبما ذكر تعلم أن دعوى أن الحديث منقطع ، وأن ابن حزم حيان المذكور مجهول ليست بصحيحة .
وأما دعواه عدم رجوع لقول ابن عباس : إنه لم يرجع عن القول بإباحة ربا الفضل ، فقد قدمنا الروايات الواردة برجوعه مستوفاة في سورة " البقرة " عن جماعة من أصحابه ، ولا شك أنها أولى من قول سعيد بن جبير لأنهم جماعة وهو واحد ؛ ولأنهم مثبتون رجوعه وهو نافيه ، والمثبت مقدم على النافي . وأما شواهد حديث سعيد بن جبير ؛ حيان المذكور الدال على أن الربا في كل ما يكال ويوزن ؛ فمنها ما قدمنا في سورة " البقرة " من حديث أنس ، عند وعبادة بن الصامت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " الدارقطني " وقد قدمنا في سورة " البقرة " قول ما وزن مثل بمثل إذا كان نوعا واحدا ، وما كيل فمثل ذلك . فإذا اختلف النوعان فلا بأس به الشوكاني : إن حديث أنس وعبادة هذا أشار إليه ابن حجر في " التلخيص " ولم يتكلم عليه ، وفي إسناده ، وثقه الربيع بن صبيح أبو زرعة ، وغيره ، وضعفه جماعة ، وقد أخرج هذا الحديث البزار أيضا . ويشهد لصحته حديث عبادة المذكور أولا ، وغيره من الأحاديث . انتهى منه كما تقدم . وفي هذا الحديث المذكور دليل واضح على أن كل ما يكال أو يوزن فيه الربا وإن سخر الظاهرية ممن يقول بذلك ، ومن شواهد حديث حيان المذكور الحديث المتفق عليه . قال في صحيحه في ( كتاب الوكالة ) : حدثنا البخاري عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك ، عن ، عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن سعيد بن المسيب ، أبي سعيد الخدري - رضي الله عنهما - وأبي هريرة خيبر ، فجاءهم بتمر جنيب ، فقال : " أكل تمر خيبر هكذا " ؟ فقال : إنا [ ص: 228 ] لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين ، والصاعين بالثلاثة . فقال : " لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا " ، وقال في الميزان مثل ذلك . انتهى منه . أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلا على
ومحل الشاهد منه قوله : وقال في الميزان مثل ذلك ، ومعناه ظاهر جدا في أن ما يوزن بالميزان مثل ذلك في . وقد قدمنا أقوال من أول هذا الحديث وصرفه عن المعنى المذكور في سورة " البقرة " . وقال منع الربا في صحيحه : حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب - عن سليمان - يعني ابن بلال أنه سمع عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن يحدث أن سعيد بن المسيب أبا هريرة وأبا سعيد حدثاه بني عدي الأنصاري فاستعمله على خيبر ، فقدم بتمر جنيب ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أكل تمر خيبر هكذا ؟ " . قال : لا ، والله يا رسول الله إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تفعلوا ، ولكن مثلا بمثل ، أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا ، وكذلك الميزان " انتهى منه . وقوله في هذا الحديث المتفق عليه " وكذلك الميزان " ظاهر جدا في أن ما يوزن كما يكال ، وأن في ذلك كله الربا . ولا شك أن هذه الأحاديث التي عمل بها بعض الأئمة وإن استهزأ بهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أخا الظاهرية في ذلك أقرب إلى ظاهر النص من قول الظاهرية : إنه لا ربا إلا في الستة المذكورة قبل . والمقصود التمثيل لأحوالهم مع الأئمة المجتهدين رحمهم الله .
تنبيه
اعلم أنا نقول بموجب الأحاديث التي استدل بها الظاهرية على أن ما سكت عنه الشارع فهو عفو ، ونقول مثلا : إن صوم شهر آخر غير رمضان لم يوجب علينا فهو عفو . ولكن لا نسلم أن آية : فلا تقل لهما أف [ 17 \ 23 ] ساكتة عن تحريم ضرب الوالدين ، بل نقول هي دالة عليه ، وادعاء أنها لم تتعرض لذلك باطل كما ترى . ولا نقول : إن آية فمن يعمل مثقال ذرة الآية [ 99 \ 7 ] ساكتة عن مؤاخذة من عمل مثقال جبل ، بل هي دالة على المؤاخذة بذلك . وهكذا إلى آخر ما ذكرنا من أمثلة ذلك في هذه المباحث وفي سورة " بني إسرائيل " . وما ذكرنا سابقا من أن الصواب في مسألة القياس أنه قسمان ؛ صحيح وفاسد ، كما بينا وكما أوضحه ابن القيم في كلامه الذي نقلنا - اعتمده صاحب " مراقي السعود " في قوله في القياس :
وما روي من ذمة فقد عني به الذي على الفساد قد بني