[ ص: 276 ] المسألة الثالثة : إذا أسقطت المرأة النطفة في طورها الثالث - أعني كونها مضغة ؛ أي قطعة من لحم - فلذلك أربع حالات :
الأولى : أن يكون ، كاليد والرجل والرأس ونحو ذلك ، فهذا تنقضي به العدة ، وتلزم فيه الغرة ، وتصير به أم ولد ، وهذا لا خلاف فيه بين من يعتد به من أهل العلم . ظهر في تلك المضغة شيء من صورة الإنسان
الحالة الثانية : أن تكون المضغة المذكورة ، ولكن شهدت ثقات من القوابل أنهن اطلعن فيها على تخطيط وتصوير خفي ، والأظهر في هذه الحالة : أن حكمها كحكم التي قبلها ; لأنه قد تبين بشهادة أهل المعرفة أن تلك المضغة جنين لما اطلعوا عليه فيها من الصورة الخفية . لم يتبين فيها شيء من خلق الإنسان
الحالة الثالثة : هي أن تكون تلك المضغة المذكورة ليس فيها تخطيط ولا تصوير ظاهر ولا خفي ، ولكن شهدت ثقات من القوابل أنها مبدأ خلق آدمي .
وهذه الصورة فيها للعلماء خلاف ; فقال بعض أهل العلم : لا تنقضي عدتها بها ، ولا تصير أم ولد ، ولا يجب على الضارب المسقط لها الغرة .
قال في المغني : وهذا ظاهر كلام ابن قدامة الخرقي ، وظاهر ما نقله الأثرم عن والشافعي رحمه الله ، وظاهر كلام الإمام أحمد الحسن ، وسائر من اشترط أن يتبين فيه شيء من خلق الإنسان ; لأنه لم يتبين فيه شيء من خلق الآدمي ، فأشبه النطفة والعلقة . والشعبي
وقال بعض أهل العلم : تنقضي عدتها بوضع المضغة المذكورة ، وتصير به أم ولد ، وتجب فيها الغرة ، وهو رواية عن . الإمام أحمد
وقال بعض أهل العلم : لا تنقضي بها العدة ، وتصير به أم ولد .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الذي يظهر لي والله تعالى أعلم : أنه إذا شهد ثقات من القوابل العارفات ، بأن تلك المضغة مبدأ جنين ، وأنها لو بقيت لتخلقت إنسانا - أنها تنقضي بها العدة ، وتصير بها الأمة أم ولد ، وتجب بها الغرة على الجاني . والله تعالى أعلم .
الحالة الرابعة : أن تكون تلك المضغة ليس فيها تصوير ظاهر ولا خفي ، ولم تشهد القوابل بأنها مبدأ إنسان ، فحكم هذه كحكم العلقة : وقد قدمناه قريبا مستوفى .