الفرع السابع : إذا عجز الحاج عن الرمي  ، فله أن يستنيب من يرمي عنه ، وبه قال كثير   [ ص: 474 ] من أهل العلم ، وهو الظاهر . وفي الموطإ قال يحيى    : سئل مالك  ، هل يرمى عن الصبي ، والمريض ؟ فقال : نعم ، ويتحرى المريض حين يرمى عنه ، فيكبر وهو في منزله ، ويهريق دما ، فإن صح المريض في أيام التشريق : رمى الذي رمي عنه ، وأهدى وجوبا انتهى من الموطإ . 
أما الرمي عن الصبيان  فهو كالتلبية عنهم ، والأصل فيه ما رواه  ابن ماجه  في سننه : حدثنا  أبو بكر بن أبي شيبة  ، ثنا  عبد الله بن نمير  ، عن أشعث  ، عن أبي الزبير  ، عن جابر  قال : حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعنا النساء ، والصبيان ، فلبينا عن الصبيان ، ورمينا عنهم ، ورجال إسناد  ابن ماجه  هذا ثقات معروفون إلا أشعث ، وهو ابن سوار الكندي النجار الكوفي مولى ثقيف   فقد ضعفه غير واحد ومسلم  إنما أخرج له في المتابعات ، وهو ممن يعتبر بحديثه ، كما يدل على ذلك إخراج مسلم  له في المتابعات . وروى  الدورقي  ، عن يحيى    :  أشعث بن سوار الكوفي  ثقة ، وقال  ابن عدي    : لم أجد لأشعث  متنا منكرا ، وإنما يغلط في الأحايين في الأسانيد ويخالف . وأما الرمي عن المريض  ونحوه ممن كان له عذر غير الصغر فلا أعلم له مستندا من النقل إلا أن الاستنابة في الرمي ، هي غاية ما يقدر عليه والله تعالى يقول : فاتقوا الله ما استطعتم    [ 64 \ 16 ] وبعض أهل العلم يستدل لذلك بالقياس على الصبيان ، بجامع العجز في الجميع وبعضهم يقيس الرمي على أصل الحج قال النووي  في شرح المهذب : استدل أصحابنا على جواز الاستنابة في الرمي بالقياس على الاستنابة في أصل الحج ، قالوا : والرمي أولى بالجواز ا هـ . 
تنبيه 
إذا رمى النائب ، عن العاجز ، ثم زال عذر المستنيب ، وأيام الرمي باقية  ، فقد قدمنا قول مالك  في الموطإ : أنه يقضي كل ما رماه عنه النائب ، مع لزوم الدم وقال بعض أهل العلم : لا يلزمه قضاء ما رمى عنه النائب ; لأن فعل النائب كفعل المنوب عنه ، فيسقط به الفرض ، ولكن تندب إعادته ، وهذا هو مشهور مذهب  الشافعي    . وفي المسألة لأهل العلم غير ما ذكرنا . 
قال مقيده عفا الله وغفر له : أظهر أقوال أهل العلم عندي في هذه المسألة : أنه إذا زال عذر المستنيب وأيام الرمي باق بعضها : أنه يرمي جميع ما رمي عنه ، ولا شيء عليه ; لأن الاستنابة إنما وقعت لضرورة العذر ، فإذا زال العذر والوقت باق بعضه ، فعليه   [ ص: 475 ] أن يباشر فعل العبادة بنفسه . 
وقد قدمنا أن أقوى الأقوال دليلا هو قول من قال : إن أيام الرمي كيوم واحد بدليل ما قدمنا من ترخيصه صلى الله عليه وسلم للرعاء أن يرموا يوما ، ويدعوا يوما كما تقدم إيضاحه والعلم عند الله تعالى . 
				
						
						
