[ ص: 281 ] أمر الله - جل وعلا - نبيه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية أن يقول للناس إنما أنا لكم نذير مبين أي : إني لست بربكم ، ولا بيدي هدايتكم ولا علي عقابكم يوم القيامة ، ولكني مخوف لكم من عذاب الله وسخطه .
والآيات بهذا المعنى كثيرة جدا ; قوله تعالى فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب [ 13 \ 40 ] وقوله إنما أنت منذر [ 13 \ 7 ] وقوله إن أنا إلا نذير مبين [ 26 \ 115 ] وقوله فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ [ 42 \ 48 ] وقوله إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد [ 34 \ 46 ] وقوله تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا [ 25 \ 1 ] والآيات في هذا المعنى كثيرة جدا ، وقوله في هذه الآية الكريمة : مبين الظاهر أنه الوصف من أبان الرباعية اللازمة التي بمعنى بان ، والعرب تقول : أبان فهو معنى بان ، فهو بين من اللازم الذي ليس بمتعد إلى المفعول ، ومنه قول كعب بن زهير :
قنواء في حرتيها للبصير بها عتق مبين وفي الخدين تسهيل
فقوله : عتق مبين أي : كرم ظاهر ومن أبان اللازمة قول : عمر بن أبي ربيعة المخزومي
لو دب ذر فوق ضاحي جلدها لأبان من آثارهن حدور
يعني : لظهر وبان من آثارهن ورم ومنه قول جرير :
إذا آباؤنا وأبوك عدوا أبان المقرفات من العراب
أي ظهر : وبان المقرفات من العراب ، ويحتمل أن يكون قوله في هذه الآية : مبين : اسم أبان المتعدية ، والمفعول محذوف للتعميم
أي : مبين لكم في إنذاري كل ما ينفعكم ، وما يضركم لتجتلبوا النفع ، وتجتنبوا الضر ، والأول أظهر ، والله تعالى أعلم .