أحدهما : أنها قيل لها طرائق ; لأن بعضها فوق بعض من قولهم : طارق النعل إذا صيرها طاقا فوق طاق ، وركب بعضها على بعض ، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - أي : التراس التي جعلت لها طبقات بعضها فوق بعض ، ومنه قول الشاعر يصف نعلا له مطارقة : " كأن وجوههم المجان المطرقة "
وطراق من خلفهن طراق ساقطات تلوي بها الصحراء
يعني : نعال الإبل ، ومنه قولهم : طائر طراق الريش ، ومطرقة إذا ركب بعض ريشه بعضا ، ومنه قول زهير يصف بازيا :
أهوى لها أسفع الخدين مطرق ريش القوادم لم تنصب له الشبك
وقول يصف بازيا أيضا : ذي الرمة
طراق الخوافي واقع فوق ريعه ندى ليله في ريشه يترقرق
وقول الآخر يصف قطاة :
سكاء مخطومة في ريشها طرق سود قوادمها كدر خوافيها
فعلى هذا القول فقوله سبع طرائق يوضح معناه قوله تعالى [ ص: 327 ] ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا الآية [ 71 \ 15 ] وهذا قول الأكثر .
الوجه الثاني : أنها قيل لها طرائق ; لأنها طرق الملائكة في النزول والعروج ، وقيل : لأنها طرائق الكواكب في مسيرها ، وأما قول من قال : قيل لها طرائق ; لأن لكل سماء طريقة وهيئة غير هيئة الأخرى ، وقول من قال : طرائق ؟ أي مبسوطات فكلاهما ظاهر البعد ، وقوله تعالى : وما كنا عن الخلق غافلين [ 23 \ 17 ] قد قدمنا أن معناه كقوله ويمسك السماء أن تقع على الأرض [ 22 \ 65 ] ; لأن من يمسك السماء لو كان يغفل لسقطت فأهلكت الخلق كما تقدم إيضاحه . وقال بعضهم وما كنا عن الخلق غافلين [ 23 \ 17 ] بل نحن القائمون بإصلاح جميع شئونهم ، وتيسير كل ما يحتاجون إليه وقوله : ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق يعني : السماوات برهان على قوله قبله ثم إنكم يوم القيامة تبعثون [ 23 \ 16 ] ; لأن من قدر على خلق السماوات ، مع عظمها فلا شك أنه قادر على خلق الإنسان كقوله تعالى لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس [ 40 \ 57 ] وقوله تعالى : أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها الآية [ 79 \ 27 ] .
وقوله : أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم [ 36 \ 81 ] والآيات بمثل هذا متعددة .
وقد قدمنا براهين البعث التي هذا البرهان من جملتها ، وأكثرنا من أمثلتها وهي مذكورة هنا ، ولم نوضحها هنا لأنا أوضحناها فيما سبق في النحل والبقرة ، والعلم عند الله تعالى .