الفرع الثامن : اعلم أنه إن ، لم تزل بكارتها ونظر إليها أربع من النساء معروفات بالعدالة ، وشهدن بأنها عذراء لم تزل بكارتها بمزيل . فقد اختلف أهل العلم : هل تدرأ شهادة النساء عنها الحد أو لا ؟ فذهب شهد أربعة عدول على امرأة أنها زنت وتمت شهادتهم على الوجه المطلوب ، فقالت إنها عذراء مالك وأصحابه إلى أنها يقام عليها الحد ولا يلتفت لشهادة النساء ، وعبارة المدونة في ذلك : إذا شهد عليها بالزنى أربعة عدول ، فقالت : إنها عذراء ونظر إليها النساء ، وصدقنها لم ينظر إلى قولهن وأقيم عليها الحد . انتهى بواسطة نقل المواق في شرحه لقول خليل في مختصره ، وبالبينة فلا يسقط بشهادة أربع نسوة ببكارتها ، وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن شهادة النساء ببكارتها تدرأ عنها الحد ، وهو مذهب . قال الإمام أحمد في " المغني " : وبه قال ابن قدامة ، الشعبي ، والثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي ووجه قول وأبو ثور مالك وأصحابه بأنها يقام عليها الحد ، هو أن الشهادة على زناها تمت بأربعة عدول ، وأن شهادة النساء لا مدخل لها في الحدود ، فلا تسقط بشهادتهن شهادة الرجال عليها بالزنى ، ووجه قول الآخرين بأنها لا تحد هو أن بكارتها ثبتت بشهادة النساء ، ووجود البكارة مانع من الزنى ظاهرا ; لأن الزنى لا يحصل بدون الإيلاج في الفرج ، ولا يتصور ذلك مع بقاء البكارة ، لأن البكر هي التي لم توطأ في قبلها ، وإذا انتفى الزنى لم يجب الحد ، كما لو قامت البينة بأن المشهود عليه الزنى مجبوب .
وقال في " المغني " : ويجب أن يكتفى بشهادة امرأة واحدة ; لأنها مقبولة فيما لا يطلع عليه الرجال ، يعني البكارة المذكورة ، انتهى ، وأما الأربعة الذين شهدوا بالزنى فلا حد عليهم لتمام شهادتهم وهي أقوى من شهادة النساء بالبكارة . ابن قدامة
وقال صاحب " المغني " : وإنما لم يجب الحد عليهم لكمال عدتهم ، مع احتمال صدقهم لأنه يحتمل أن يكون وطئها ، ثم عادت عذرتها ، فيكون ذلك شبهة في درء الحد عنهم ، وأما ، أو إن شهدت بينة على رجل بالزنى فثبت ببينة أخرى أنه مجبوب ، فالظاهر وجوب حد القذف على بينة الزنى ، لظهور كذبها ; لأن المجبوب من الرجال والرتقاء من النساء لا يمكن حصول الزنى من واحد منهما ، كما هو معلوم . شهدت بينة على امرأة بالزنى فثبت ببينة أخرى أنها رتقاء