فروع تتعلق بهذه المسألة
الفرع الأول : اعلم أن الذين قالوا بالتغريب ، وهم الجمهور ، اختلفوا في ، فقال جماعة من أهل العلم : تغرب المرأة سنة لعموم أدلة التغريب ، وممن قال به : تغريب المرأة الشافعي وأحمد ، وقال بعض أهل العلم : لا تغريب على النساء ، وممن قال به مالك ، وروي مثله عن والأوزاعي علي - رضي الله عنه - .
أما حجة من قال بتغريب النساء فهي عموم أدلة التغريب ، وظاهرها شمول الأنثى ، وأما الذين قالوا : لا تغريب على النساء ، فقد احتجوا بالأحاديث الصحيحة الواردة بنهي المرأة عن السفر ، إلا مع محرم أو زوج .
وقد قدمناها في سورة " النساء " في الكلام على مسافة القصر ، قالوا : لا يجوز سفرها دون محرم ، ولا يكلف محرمها بالسفر معها ; لأنه لا ذنب له يكلف السفر بسببه ، قالوا : ولأن المرأة عورة وفي تغريبها تضييع لها ، وتعريض لها للفتنة ، ولذلك نهيت عن السفر إلا [ ص: 413 ] مع محرم أو زوج ، قالوا : وغاية ما في الأمر ، أن عموم أحاديث التغريب بالنسبة إلى النساء خصصته أحاديث نهي المرأة عن السفر إلا مع محرم أو زوج ، وهذا لا إشكال فيه .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الذي يظهر لي أنها إن إلى محل التغريب مع كون محل التغريب محل مأمن لا تخشى فيه فتنة ، مع تبرع المحرم المذكور بالرجوع معها إلى محلها ، بعد انتهاء السنة ، فإنها تغرب ; لأن العمل بعموم أحاديث التغريب لا معارض له في الحالة المذكورة ، وأما إن لم تجد محرما متبرعا بالسفر معها ، فلا يجبر ; لأنه لا ذنب له ، ولا تكلف هي السفر بدون محرم ، لنهيه - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك . وجد لها محرم متبرع بالسفر معها
وقد قدمنا مرارا أن النص الدال على النهي يقدم على الدال على الأمر على الأصح ; لأن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح ، وهذا التفصيل الذي استظهرنا لم نعلم أحدا ذهب إليه ، ولكنه هو الظاهر من الأدلة ، والعلم عند الله تعالى .