المسألة التاسعة عشرة : اعلم أن الأظهر أنهما أعني الشاهدين لم تقبل شهادتهما بقذف المرأة ; لأنهما لما ادعيا عليه أنه قذفهما صارا له عدوين ; لأن القذف يستوجب العداوة . قال إن شهدا عليه بأنه قذف امرأته وقذفهما في " المغني " : فإن شهد شاهدان أنه قذف فلانة ، وقذفنا لم تقبل شهادتهما لاعترافهما بعداوته لهما ، ابن قدامة ، فإن أبرآه وزالت العداوة ثم شهدا عليه بذلك القذف لم تقبل لأنها ردت للتهمة ، فلم تقبل بعد كالفاسق إذا شهد فردت شهادته لفسقه ، ثم تاب وأعادها ، ولو أنهما ادعيا عليه أنه قذفهما ، ثم أبرآه وزالت العداوة ، ثم شهدا عليه بقذف زوجته قبلت شهادتهما ; لأنهما لم يردا في هذه الشهادة ، ولو شهدا أنه قذف امرأته ، ثم ادعيا بعد ذلك أنه قذفهما فإن أضافا دعواهما إلى ما قبل شهادتهما ، بطلت شهادتهما لاعترافهما أنه كان عدوا لهما حين شهدا عليه ، وإن لم يضيفاها إلى ذلك الوقت ، وكان ذلك قبل الحكم بشهادتهما لم يحكم بها ; لأنه لا يحكم عليه بشهادة عدوين ، وإن كانت بعد الحكم لم يبطل ; لأن الحكم تم قبل [ ص: 481 ] وجود المانع كظهور الفسق ، وإن شهدا أنه قذف امرأته وأمنا لم تقبل شهادتهما ، لأنها ردت في البعض للتهمة ، فوجب أن ترد للكل ، وإن شهدا على أبيهما أنه قذف ضرة أمهما قبلت شهادتهما ، وبهذا قال وشهادة العدو لا تقبل على عدوه مالك وأبو حنيفة في الجديد ، وقال في القديم : لا تقبل ; لأنهما يجران إلى أمهما نفعا ، وهو أنه يلاعنها فتبين ويتوفر على أمهما وليس بشيء ; لأن لعانه لها ينبني على معرفته بزناها لا على الشهادة عليه بما لا يعترف به ، وإن شهدا بطلاق الضرة ، ففيه وجهان : أحدهما : لا تقبل ؛ لأنهما يجران إلى أمهما نفعا وهو توفيره على أمهما . والشافعي
والثاني : تقبل ؛ لأنهما لا يجران إلى نفسهما نفعا ، اهـ من " المغني " ، وكله لا نص فيه ولا يخلو بعضه من خلاف ، والأظهر عدم قبول شهادتهما بطلاق ضرة أمهما ; لأنهما متهمان بجر النفع لأمهما ، لأن طلاق الضرة فيه نفع لضرتها كما لا يخفى وشهادة الإنسان بما ينفع أمه لا تخلو من تهمة كما ترى ، والعلم عند الله تعالى .