قوله تعالى : ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون     . ظاهر هذه الآية الكريمة خصوص الحشر بهذه الأفواج المكذبة بآيات الله ، ولكنه قد دلت آيات كثيرة على عموم الحشر لجميع الخلائق    ; كقوله تعالى بعد هذا بقليل : وكل أتوه داخرين    [ 27 \ 87 ] ، وقوله تعالى : وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا    [ 18 \ 47 ] ، وقوله تعالى : ويوم نحشرهم جميعا    [ 6 \ 22 ] ، وقوله تعالى : وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون    [ 6 \ 38 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . 
وقد أوضحنا في كتابنا " دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب " ، في آية " النمل " هذه ، في الكلام على وجه الجمع بين قوله تعالى فيها : ويوم نحشر من كل أمة فوجا  الآية ، وبين قوله تعالى : وكل أتوه داخرين    [ 27 \ 87 ] ، ونحوها من الآيات ، وذكرنا قول الألوسي  في تفسيره أن قوله : وكل أتوه داخرين  في الحشر العام لجميع الناس للحساب والجزاء . وقوله تعالى : ويوم نحشر من كل أمة فوجا  في الحشر الخاص بهذه الأفواج المكذبة ; لأجل التوبيخ المنصوص عليه في قوله هنا : حتى إذا جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما  الآية [ 27 \ 84 ] ، وهذا يدل عليه القرآن ، كما ترى . 
وقال بعضهم : هذه الأفواج التي تحشر حشرا خاصا هي رؤساء أهل الضلال وقادتهم ، وعليه فالآية كقوله تعالى : فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا  ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا    [ 19 \ 68 - 69 ] ، والفوج : الجماعة من الناس . ومنه قوله تعالى : يدخلون في دين الله أفواجا    [ 110 \ 2 ] ، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة : فهم يوزعون  ، أي : يرد أولهم على   [ ص: 143 ] آخرهم حتى يجتمعوا ، ثم يدفعون جميعا ، كما قاله غير واحد . 
				
						
						
