قوله تعالى : فلا يغررك تقلبهم في البلاد     . 
نهى الله جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة ، ليشرع لأمته عن أن يغره تقلب الذين كفروا في بلاد الله ، بالتجارات والأرباح ، والعافية وسعة الرزق ، كما كانت قريش  تفيض عليها الأموال من أرباح التجارات ، وغيرها من رحلة الشتاء والصيف المذكورة في قوله تعالى : إيلافهم رحلة الشتاء والصيف    [ 106 \ 2 ] أي : إلى اليمن  والشام  وهم مع ذلك كفرة فجرة ، يكذبون نبي الله ويعادونه . 
والمعنى : لا تغتر بإنعام الله عليهم تقلبهم في بلاده في إنعام وعافية ; فإن الله جل وعلا يستدرجهم بذلك الإنعام ، فيمتعهم به قليلا ، ثم يهلكهم  فيجعل مصيرهم إلى النار . 
وقد أوضح هذا المعنى في آيات من كتابه كقوله تعالى : لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل  ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد    [ 3 \ 196 - 197 ] . وقوله تعالى : ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور  نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ    [ 31 \ 23 - 24 ] وقوله تعالى : قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير    [ 2 \ 26 ] وقوله تعالى : قل إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون    [ 10 \ 69 - 70 ] إلى غير ذلك من الآيات . 
والفاء في قوله : فلا يغررك ، سببية أي : لا يمكن تقلبهم في بلاد الله . متنعمين   [ ص: 374 ] بالأموال والأرزاق ، سببا لاغترارك بهم ، فتظن بهم ظنا حسنا ; لأن ذلك التنعم ، تنعم استدراج ، وهو زائل عن قريب ، وهم صائرون إلى الهلاك والعذاب الدائم . 
				
						
						
