قوله - تعالى - : وويل للمشركين  الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون     . 
قد استدل بعض علماء الأصول بهذه الآية الكريمة على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة    ; لأنه - تعالى - صرح في هذه الآية الكريمة بأنهم مشركون ، وأنهم كافرون بالآخرة ، وقد توعدهم بالويل على شركهم وكفرهم بالآخرة ، وعدم إيتائهم الزكاة ، سواء قلنا : إن الزكاة في الآية هي زكاة المال المعروفة ، أو زكاة الأبدان بفعل الطاعات واجتناب المعاصي . 
ورجح بعضهم القول الأخير ; لأن سورة فصلت هذه من القرآن النازل بمكة  قبل الهجرة ، وزكاة المال المعروفة إنما فرضت بعد الهجرة سنة اثنتين ، كما قدمناه في سورة الأنعام ، في الكلام على قوله - تعالى - : وآتوا حقه يوم حصاده    [ 6 \ 141 ] . 
وعلى كل حال ، فالآية تدل على خطاب الكفار بفروع الإسلام . 
أعني امتثال أوامره واجتناب نواهيه . وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من كونهم مخاطبين بذلك ، وأنهم يعذبون على الكفر ، ويعذبون على المعاصي - جاء موضحا في آيات أخر ، كقوله - تعالى - عنهم مقررا له : ما سلككم في سقر  قالوا لم نك من المصلين  ولم نك نطعم المسكين  وكنا نخوض مع الخائضين  وكنا نكذب بيوم الدين  حتى أتانا اليقين    [ 74 \ 42 - 47 ] . 
 [ ص: 11 ] فصرح - تعالى - عنهم مقررا له أن من الأسباب التي سلكتهم في سقر - أي أدخلتهم النار - عدم الصلاة ، وعدم إطعام المسكين ، وعد ذلك مع الكفر بسبب التكذيب بيوم الدين . 
ونظير ذلك قوله - تعالى - : خذوه فغلوه  ثم الجحيم صلوه  ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا فاسلكوه    [ 69 \ - 32 ] ثم بين سبب ذلك فقال : إنه كان لا يؤمن بالله العظيم  ولا يحض على طعام المسكين  فليس له اليوم هاهنا حميم ولا  ولا طعام إلا من غسلين    [ 69 \ 33 - 36 ] إلى غير ذلك من الآيات . 
				
						
						
