[ ص: 39 ] قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29013_29747_33076_20015تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض .
قرأ هذا الحرف عامة السبعة غير
نافع nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( تكاد ) بالتاء الفوقية ; لأن السماوات مؤنثة ، وقرأه
نافع nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ( يكاد ) بالياء التحتية لأن تأنيث السماوات غير حقيقي .
وقرأه عامة السبعة غير
أبي عمرو ،
وشعبة عن
عاصم ( يتفطرن ) بتاء مثناة فوقية مفتوحة بعد الياء وفتح الطاء المشددة ، مضارع تفطر ، أي تشقق .
وقرأه
أبو عمرو وشعبة عن
عاصم ( ينفطرن ) بنون ساكنة بعد الياء وكسر الطاء المخففة ، مضارع انفطرت ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=1إذا السماء انفطرت [ 82 \ 1 ] أي انشقت .
وقوله : تكاد ، مضارع كاد ، التي هي فعل مقاربة ، ومعلوم أنها تعمل في المبتدإ والخبر ، ومعنى كونها فعل مقاربة ، أنها تدل على قرب اتصاف المبتدإ بالخبر .
وإذا ، فمعنى الآية أن السماوات قاربت أن تتصف بالتفطر على القراءة الأولى ، والانفطار على القراءة الثانية .
واعلم أن سبب مقاربة السماوات للتفطر في هذه الآية الكريمة - فيه للعلماء وجهان كلاهما يدل له قرآن : الوجه الأول : أن المعنى : تكاد السماوات يتفطرن خوفا من الله ، وهيبة وإجلالا ، ويدل لهذا الوجه قوله - تعالى - قبله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=4وهو العلي العظيم [ 42 \ 4 ] ; لأن علوه وعظمته سبب للسماوات ذلك الخوف والهيبة والإجلال ، حتى كادت تتفطر .
وعلى هذا الوجه ، فقوله بعده :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض مناسبته لما قبله واضحة; لأن المعنى : أن السماوات في غاية الخوف منه - تعالى - والهيبة والإجلال له ، وكذلك سكانها من الملائكة ، فهم (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5يسبحون بحمد ربهم ) أي ينزهونه عن كل ما لا يليق بكماله وجلاله مع إثباتهم له كل كمال وجلال ، خوفا منه وهيبة وإجلالا ، كما قال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=13ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته [ 13 \ 13 ] . وقال - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=49ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=50يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون [ 16 \ 49 - 50 ] .
[ ص: 40 ] فهم لشدة خوفهم من الله وإجلالهم له يسبحون بحمد ربهم ، ويخافون على أهل الأرض ، ولذا يستغفرون لهم خوفا عليهم من سخط الله وعقابه ، ويستأنس لهذا الوجه بقوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72وأشفقن منها [ 33 \ 72 ] ; لأن الإشفاق الخوف .
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5ويستغفرون لمن في الأرض يعني لخصوص الذين آمنوا منهم وتابوا إلى الله واتبعوا سبيله ، كما أوضحه - تعالى - بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا [ 40 \ 7 ] .
فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7للذين آمنوا - يوضح المراد من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5لمن في الأرض . \ 5 ويزيد ذلك إيضاحا قوله - تعالى - عنهم أنهم يقولون في استغفارهم للمؤمنين - :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك [ 40 \ 7 ] لأن ذلك يدل دلالة واضحة على عدم استغفارهم للكفار .
الوجه الثاني : أن المعنى تكاد السماوات يتفطرن من شدة عظم الفرية التي افتراها الكفار على خالق السماوات والأرض - جل وعلا - من كونه اتخذ ولدا - سبحانه وتعالى - عن ذلك علوا كبيرا ، وهذا الوجه جاء موضحا في سورة " مريم " في قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وقالوا اتخذ الرحمن ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لقد جئتم شيئا إدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أن دعوا للرحمن ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا [ 19 \ 88 - 93 ] . كما قدمنا إيضاحه .
وغاية ما في هذا الوجه أن آية " الشورى " هذه فيها إجمال في سبب تفطر السماوات ، وقد جاء ذلك موضحا في آية " مريم " المذكورة . وكلا الوجهين حق .
وقوله - تعالى - في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5يتفطرن من فوقهن فيه للعلماء أوجه .
قيل : ( يتفطرن ) ، أي السماوات . (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5من فوقهن ) أي الأرضين ، ولا يخفى بعد هذا القول كما ترى .
[ ص: 41 ] وقال بعضهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5من فوقهن ) ، أي كل سماء تتفطر فوق التي تليها .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في الكشاف : فإن قلت : لم قال : من فوقهن ؟ قلت : لأن أعظم الآيات وأدلها على الجلال والعظمة فوق السماوات ، وهي : العرش ، والكرسي ، وصفوف الملائكة المرتجة بالتسبيح والتقديس حول العرش ، وما لا يعلم كنهه إلا الله - تعالى - من آثار ملكوته العظمى ، فلذلك قال : يتفطرن من فوقهن أي يبتدئ الانفطار من جهتهن الفوقانية .
أو لأن كلمة الكفر جاءت من الذي تحت السماوات ، فكان القياس أن يقال : يتفطرن من تحتهن من الجهة التي جاءت منها الكلمة ، ولكنه بولغ في ذلك ، فجعلت مؤثرة في وجهة الفوق ، كأنه قيل : يكدن يتفطرن من الجهة التي فوقهن ، دع الجهة التي تحتهن .
ونظيره في المبالغة قوله - عز وجل - :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=19يصب من فوق رءوسهم الحميم nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=20يصهر به ما في بطونهم فجعل الحميم مؤثرا في أجزائهم الباطنة . ا هـ محل الغرض منه .
وهذا إنما يتمشى على القول بأن سبب التفطر المذكور هو افتراؤهم على الله في قولهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88اتخذ الرحمن ولدا [ 19 \ 88 ] .
وقد قدمنا آنفا أنه دلت عليه سورة " مريم " المذكورة ، وعليه فمناسبة قوله : والملائكة يسبحون بحمد ربهم لما قبله - أن الكفار وإن قالوا أعظم الكفر وأشنعه ، فإن الملائكة بخلافهم ، فإنهم يداومون ذكر الله وطاعته .
ويوضح ذلك قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=38فإن استكبروا فالذين عند ربك يسبحون له بالليل والنهار وهم لا يسأمون [ 41 \ 38 ] . وقوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=89فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين [ 6 \ 89 ] . كما قدمنا إيضاحه في آخر سورة " فصلت " .
[ ص: 39 ] قَوْلُهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5nindex.php?page=treesubj&link=29013_29747_33076_20015تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ .
قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ عَامَّةُ السَّبْعَةِ غَيْرَ
نَافِعٍ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيِّ ( تَكَادُ ) بِالتَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ ; لِأَنَّ السَّمَاوَاتِ مُؤَنَّثَةٌ ، وَقَرَأَهُ
نَافِعٌ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ( يَكَادُ ) بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ لِأَنَّ تَأْنِيثَ السَّمَاوَاتِ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ .
وَقَرَأَهُ عَامَّةُ السَّبْعَةِ غَيْرَ
أَبِي عَمْرٍو ،
وَشُعْبَةَ عَنْ
عَاصِمٍ ( يَتَفَطَّرْنَ ) بِتَاءٍ مُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَ الْيَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ ، مُضَارِعُ تَفَطَّرَ ، أَيْ تَشَقَّقُ .
وَقَرَأَهُ
أَبُو عَمْرٍو وَشُعْبَةُ عَنْ
عَاصِمٍ ( يَنْفَطِرْنَ ) بِنُونٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْيَاءِ وَكَسْرِ الطَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ ، مُضَارِعُ انْفَطَرَتْ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=82&ayano=1إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ [ 82 \ 1 ] أَيِ انْشَقَّتْ .
وَقَوْلُهُ : تَكَادُ ، مُضَارِعُ كَادَ ، الَّتِي هِيَ فِعْلُ مُقَارَبَةٍ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا تَعْمَلُ فِي الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ ، وَمَعْنَى كَوْنِهَا فِعْلَ مُقَارَبَةٍ ، أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى قُرْبِ اتِّصَافِ الْمُبْتَدَإِ بِالْخَبَرِ .
وإذًا ، فَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّ السَّمَاوَاتِ قَارَبَتْ أَنْ تَتَّصِفَ بِالتَّفَطُّرِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى ، وَالِانْفِطَارِ عَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ .
وَاعْلَمْ أَنَّ سَبَبَ مُقَارَبَةِ السَّمَاوَاتِ لِلتَّفَطُّرِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ - فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ وَجْهَانِ كِلَاهُمَا يَدُلُّ لَهُ قُرْآنٌ : الْوَجْهُ الْأَوَّلُ : أَنَّ الْمَعْنَى : تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرُنَّ خَوْفًا مِنَ اللَّهِ ، وَهِيبَةً وَإِجْلَالًا ، وَيَدُلُّ لِهَذَا الْوَجْهِ قَوْلُهُ - تَعَالَى - قَبْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=4وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [ 42 \ 4 ] ; لِأَنَّ عُلُوَّهُ وَعَظَمَتَهُ سَبَّبَ لِلسَّمَاوَاتِ ذَلِكَ الْخَوْفَ وَالْهَيْبَةَ وَالْإِجْلَالَ ، حَتَّى كَادَتْ تَتَفَطَّرُ .
وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ ، فَقَوْلُهُ بَعْدَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ مُنَاسَبَتُهُ لِمَا قَبْلَهُ وَاضِحَةٌ; لِأَنَّ الْمَعْنَى : أَنَّ السَّمَاوَاتِ فِي غَايَةِ الْخَوْفِ مِنْهُ - تَعَالَى - وَالْهَيْبَةِ وَالْإِجْلَالِ لَهُ ، وَكَذَلِكَ سُكَّانُهَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، فَهُمْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ) أَيْ يُنَزِّهُونَهُ عَنْ كُلِّ مَا لَا يَلِيقُ بِكَمَالِهِ وَجَلَالِهِ مَعَ إِثْبَاتِهِمْ لَهُ كُلَّ كَمَالٍ وَجَلَالٍ ، خَوْفًا مِنْهُ وَهِيبَةً وَإِجْلَالًا ، كَمَا قَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=13وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ [ 13 \ 13 ] . وَقَالَ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=49وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=50يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [ 16 \ 49 - 50 ] .
[ ص: 40 ] فَهُمْ لِشِدَّةِ خَوْفِهِمْ مِنَ اللَّهِ وَإِجْلَالِهِمْ لَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ، وَيَخَافُونَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَلِذَا يَسْتَغْفِرُونَ لَهُمْ خَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ ، وَيُسْتَأْنَسُ لِهَذَا الْوَجْهِ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=72وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا [ 33 \ 72 ] ; لِأَنَّ الْإِشْفَاقَ الْخَوْفُ .
وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ يَعْنِي لِخُصُوصِ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ وَتَابُوا إِلَى اللَّهِ وَاتَّبَعُوا سَبِيلَهُ ، كَمَا أَوْضَحَهُ - تَعَالَى - بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا [ 40 \ 7 ] .
فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7لِلَّذِينَ آمَنُوا - يُوَضِّحُ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5لِمَنْ فِي الْأَرْضِ . \ 5 وَيَزِيدُ ذَلِكَ إِيضَاحًا قَوْلُهُ - تَعَالَى - عَنْهُمْ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي اسْتِغْفَارِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=7فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ [ 40 \ 7 ] لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى عَدَمِ اسْتِغْفَارِهِمْ لِلْكُفَّارِ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ الْمَعْنَى تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ شِدَّةِ عِظَمِ الْفِرْيَةِ الَّتِي افْتَرَاهَا الْكُفَّارُ عَلَى خَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ - جَلَّ وَعَلَا - مِنْ كَوْنِهِ اتَّخَذَ وَلَدًا - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا ، وَهَذَا الْوَجْهُ جَاءَ مُوَضَّحًا فِي سُورَةِ " مَرْيَمَ " فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=89لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=90تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=91أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=92وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=93إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا [ 19 \ 88 - 93 ] . كَمَا قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ .
وَغَايَةُ مَا فِي هَذَا الْوَجْهِ أَنَّ آيَةَ " الشُّورَى " هَذِهِ فِيهَا إِجْمَالٌ فِي سَبَبِ تَفَطُّرِ السَّمَاوَاتِ ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُوَضَّحًا فِي آيَةِ " مَرْيَمَ " الْمَذْكُورَةِ . وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ حَقٌّ .
وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ فِيهِ لِلْعُلَمَاءِ أَوْجُهٌ .
قِيلَ : ( يَتَفَطَّرْنَ ) ، أَيِ السَّمَاوَاتُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5مِنْ فَوْقِهِنَّ ) أَيِ الْأَرَضِينَ ، وَلَا يَخْفَى بُعْدُ هَذَا الْقَوْلِ كَمَا تَرَى .
[ ص: 41 ] وَقَالَ بَعْضُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=5مِنْ فَوْقِهِنَّ ) ، أَيْ كُلُّ سَمَاءٍ تَتَفَطَّرُ فَوْقَ الَّتِي تَلِيهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْكَشَّافِ : فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ قَالَ : مِنْ فَوْقِهِنَّ ؟ قُلْتُ : لِأَنَّ أَعْظَمَ الْآيَاتِ وَأَدُلَّهَا عَلَى الْجَلَالِ وَالْعَظَمَةِ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ ، وَهِيَ : الْعَرْشُ ، وَالْكُرْسِيُّ ، وَصُفُوفُ الْمَلَائِكَةِ الْمُرْتَجَّةُ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّقْدِيسِ حَوْلَ الْعَرْشِ ، وَمَا لَا يَعْلَمُ كُنْهَهُ إِلَّا اللَّهُ - تَعَالَى - مِنْ آثَارِ مَلَكُوتِهِ الْعُظْمَى ، فَلِذَلِكَ قَالَ : يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ أَيْ يَبْتَدِئُ الِانْفِطَارُ مِنْ جِهَتِهِنَّ الْفَوْقَانِيَّةِ .
أَوْ لِأَنَّ كَلِمَةَ الْكُفْرِ جَاءَتْ مِنَ الَّذِي تَحْتَ السَّمَاوَاتِ ، فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ يُقَالَ : يَتَفَطَّرْنَ مِنْ تَحْتِهِنَّ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي جَاءَتْ مِنْهَا الْكَلِمَةُ ، وَلَكِنَّهُ بُولِغَ فِي ذَلِكَ ، فَجُعِلَتْ مُؤَثِّرَةً فِي وِجْهَةِ الْفَوْقِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : يَكَدْنَ يَتَفَطَّرْنَ مِنَ الْجِهَةِ الَّتِي فَوْقَهُنَّ ، دَعِ الْجِهَةَ الَّتِي تَحْتَهُنَّ .
وَنَظِيرُهُ فِي الْمُبَالَغَةِ قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=19يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=20يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ فَجَعَلَ الْحَمِيمَ مُؤَثِّرًا فِي أَجْزَائِهِمُ الْبَاطِنَةِ . ا هـ مَحَلُّ الْغَرَضِ مِنْهُ .
وَهَذَا إِنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ سَبَبَ التَّفَطُّرِ الْمَذْكُورِ هُوَ افْتِرَاؤُهُمْ عَلَى اللَّهِ فِي قَوْلِهِمُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=88اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا [ 19 \ 88 ] .
وَقَدْ قَدَّمْنَا آنِفًا أَنَّهُ دَلَّتْ عَلَيْهِ سُورَةُ " مَرْيَمَ " الْمَذْكُورَةُ ، وَعَلَيْهِ فَمُنَاسِبَةُ قَوْلِهِ : وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ لِمَا قَبْلَهُ - أَنَّ الْكُفَّارَ وَإِنْ قَالُوا أَعْظَمَ الْكُفْرِ وَأَشْنَعَهُ ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ بِخِلَافِهِمْ ، فَإِنَّهُمْ يُدَاوِمُونَ ذِكْرَ اللَّهِ وَطَاعَتَهُ .
وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ قَوْلُهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=38فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ [ 41 \ 38 ] . وَقَوْلُهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=89فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ [ 6 \ 89 ] . كَمَا قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ فِي آخِرِ سُورَةِ " فُصِّلَتْ " .