الفرع الثالث : بأن خرج من البلد كله ، ولا يقصر في بيته إذا نوى السفر ، ولا في وسط البلد ، وهذا قول جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة ، وأكثر فقهاء الأمصار ، وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قصر يبتدئ المسافر القصر ، إذا جاوز بيوت بلده بذي الحليفة ، وعن مالك أنه إذا كان في البلد بساتين مسكونة أن حكمها حكم البلد ، فلا يقصر حتى يجاوزها ، واستدل الجمهور ; على أنه لا يقصر إلا إذا خرج من البلد ، بأن القصر مشروط بالضرب في الأرض ، ومن لم يخرج من البلد لم يضرب في الأرض ، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه إن أراد السفر قصر وهو في منزله ، وذكر ابن المنذر ، عن أنه أراد سفرا فصلى بهم ركعتين في منزله وفيهم الحارث بن أبي ربيعة ، وغير واحد من أصحاب الأسود بن يزيد قال : وروينا معناه عن ابن مسعود عطاء ، قال : وقال وسليمان بن موسى مجاهد : لا يقصر المسافر نهارا حتى يدخل الليل ، وإن خرج بالليل لم يقصر حتى يدخل النهار ، وعن عطاء ، أنه قال : إذا جاوز حيطان داره فله القصر .
قال النووي : فهذان المذهبان فاسدان فمذهب مجاهد منابذ للأحاديث الصحيحة في قصر النبي - صلى الله عليه وسلم - بذي الحليفة ، حين خرج من المدينة ، ومذهب عطاء ، وموافقيه منابذ للسفر . اهـ . منه ، وهو ظاهر كما ترى .