إنا مرسلو الناقة فتنة لهم . قوله تعالى :
قوله : مرسلو الناقة ، أي : مخرجوها من الهضبة ، فتنة لهم أي ابتلاء واختبارا ، وهو مفعول من أجله ، لأنهم ، وأنها إن خرجت لهم منها آمنوا به واتبعوه ، فأخرج الله الناقة من تلك الصخرة معجزة اقترحوا على صالح إخراج ناقة من صخرة لصالح ، وفتنة لهم أي ابتلاء واختبارا ، وذلك أن تلك الناقة معجزة عاينوها ، وأن الله حذرهم على لسان نبيه صالح من أن يمسوها بسوء وأنهم إن تعرضوا لها بأذى أخذهم الله بعذابه .
والمفسرون يقولون : إنهم قالوا له : إن أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقة وبراء عشراء اتبعناك .
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن الله أرسل لهم هذه الناقة امتحانا واختبارا ، وأنهم إن تعرضوا لآية الله هذه ، التي هي الناقة بسوء أهلكهم - جاء موضحا في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى في سورة الأعراف : [ ص: 480 ] قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم [ 7 \ 73 ] ، وقوله تعالى في سورة هود عن صالح : ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب [ 11 \ 64 - 65 ] ، وقوله تعالى في الشعراء : قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم [ 26 \ 155 - 156 ] .
وقد المستأصل في آيات من كتابه كقوله تعالى في الأعراف : بين تعالى أنهم عقروا الناقة فجاءهم العذاب فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم إلى قوله : فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين [ 7 \ 77 - 78 ] ، وقوله تعالى : فعقروها فأصبحوا نادمين فأخذهم العذاب [ 26 \ 157 - 158 ] ، وقوله : فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم الآية [ 91 \ 14 ] .
وقد أوضحنا هذا غاية الإيضاح في سورة فصلت في الكلام على قوله تعالى : فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون الآية [ 41 \ 17 ] .