قوله تعالى : يوم يجمعكم ليوم الجمع     . 
يوم الجمع هو يوم القيامة ، وقال الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - : ظرف منصوب باذكر مقدرة أو بقوله : خبير    [ 64 \ 8 ] . 
فيكون المعنى : أنه يوم القيامة خبير بأعمالكم في الدنيا لم يخف عليه منها شيء فيجازيكم عليها ، سمي يوم الجمع ; لأنه يجمع فيه الأولون والآخرون في صعيد واحد ، يسمعهم الداعي وينفذهم البصر ، كما قال تعالى : قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم    [ 56 \ 49 - 50 ] . 
وتقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - الكلام عليه في عدة مواضع منها في الجزء الثالث عند قوله تعالى : ذلك يوم مجموع له الناس    [ 11 \ 103 ] . 
ومنها في الجزء السابع عند الآية المتقدمة : قل إن الأولين والآخرين لمجموعون    [ 56 \ 49 - 50 ] . 
ومن أصرح الأدلة فيه : آية " الشورى " : وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه  ، ثم قال : فريق في الجنة وفريق في السعير    [ 42 \ 7 ] . 
قوله تعالى : ذلك يوم التغابن     . 
الغبن : الشعور بالنقص ومثله الخبن لاشتراكهما في حرفين من ثلاثة ، كما في فقه اللغة : فبينهما تقارب في المعنى كتقاربهم في الحرف المختلف ، وهو الغين والخاء ولخفاء الغين في الحلق وظهور الخاء عنها كان الغبن لما خفي ، والخبن لما ظهر . 
وقد بين تعالى موجب الغبن للغابن والمغبون فقال : ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يكفر عنه سيئاته ويدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم    [ 64 \ 9 ] ، وبين حال المغبون بقوله : والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار خالدين فيها وبئس المصير    [ 64 \ 10 ] . 
وقد بين العلماء حقيقة الغبن في هذا المقام بأن كل إنسان له مكان في الجنة ومكان في النار ، فإذا دخل أهل النار النار بقيت أماكنهم في الجنة ، وإذا دخل أهل الجنة الجنة   [ ص: 202 ] بقيت أماكنهم في النار . 
وهناك تكون منازل أهل الجنة في النار لأهل النار ، ومنازل أهل النار في الجنة لأهل الجنة يتوارثونها عنهم ، فيكون الغبن الأليم ، وهو استبدال مكان في النار بمكان في الجنة ورثوا أماكن الآخرين الذين ذهبوا إلى النار . 
				
						
						
