[ ص: 217 ] قوله تعالى : الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن .
جاء في بيان السماوات أنها سبع طباق ، كما في قوله تعالى : الذي خلق سبع سماوات طباقا [ 67 \ 3 ] .
وبين الحديث في الإسراء أن ما بين كل سماء وسماء مسيرة خمسمائة عام ، وجاء لفظ السماء مفردا وجمعا ، فالمفرد كما في قوله : والسماء وما بناها [ 91 \ 5 ] . وقوله : الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء [ 2 \ 22 ] .
أما الأرض فلم يأت لفظها إلا مفردا ، ولم يأت تفصيلها كتفصيل السماء سبعا طباقا ، فاختلف في المثلية فجاء عن أنها مثلية تامة عددا وطباقا وخلقا ، وقيل : عددا وأقاليم يفصلها البحار ، وقيل : عددا طباقا متراكمة كطبقات البصلة مثلا ، ولقد تقدم للشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - في المقدمة أن من أوجه البيان إذا لم يوجد في الكتاب ووجد في السنة فإنه يبين بها ; لأنها وحي ، وقد جاء في السنة أن الأرض سبع أرضين كما في حديث : " ابن عباس " متفق عليه . من اغتصب أرضا أو من أخذ شبرا من الأرض طوقه من سبع أرضين
وفي حديث موسى لما قال : " يا رب علمني شيئا أدعوك به فقال : قل لا إله إلا الله ، فقال : يا رب كل الناس يقولون ذلك ، قال : يا موسى ، لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة لمالت بهن لا إله إلا الله " . رواه . النسائي
فهذه أحاديث صحيحة أثبتت أن الأرضين سبع ، ولم يأت تفصيل للكيفية ولا للهيئة فثبت عندنا العدد ولم يثبت غيره ، فنثبته ونكل غيره لعلم الله تعالى .
ومما يؤيد ثبوت العدد على سبيل الإجمال أن مثلية الأرض للسماء لم تذكر إلا عند ذكر السماء مجملة مع ذكر العدد ولم يذكر عند تفصيلها بطباق مما يشعر أن المراد من المثلية العدد ، وقيل : إن هذا لا يتنافى مع أفراد اللفظ ; لأن جمعه شاذ .
كما قال ابن مالك :
وأرضون شذ والسنون
[ ص: 218 ] وقد أشار تعالى إلى أن هناك من حالات الأرض والسماء ما لم يعلمه الخلق في قوله تعالى : ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم [ 18 \ 51 ] ، وهم لا يزالون عاجزين عن كيفية خلق أنفسهم إلا تفصيلات جزئية ، والمهم من السياق والغرض الأساسي ، تنبيه الخلق على عظم قدرة الله تعالى في قوله تعالى : لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما [ 65 \ 12 ] .