قوله تعالى : مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن .
فيه بيان أن الخيرية التي يختارها الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - في النساء هي تلك الصفات من الإيمان والصلاح .
[ ص: 222 ] وجاء الحديث " " . فعليك بذات الدين تربت يمينك
وقوله تعالى : ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم [ 2 \ 221 ] .
وفي تقديم الثيبات على الأبكار هنا في معرض التخيير ما يشعر بأولويتهن ، مع أن الحديث : " " ، ونساء الجنة لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ، ففيه أولوية الأبكار ، وقد أجاب المفسرون بأن هذا للتنويع فقط ، وأن الثيبات في الدنيا والأبكار في الجنة هلا بكرا تداعبك وتداعبها كمريم ابنة عمران ، والذي يظهر والله تعالى أعلم ، أنه لما كان في مقام الانتصار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتنبيههن لما يليق بمقامه عندهن ذكر من الصفات العالية دينا وخلقا ، وقدم الثيبات ; ليبين أن الخيرية فيهن بحسب العشرة ومحاسن الأخلاق .
وقوله تعالى : عسى ربه إن طلقكن ، لم يبين هل طلقهن ، أم لا ؟ مع أن عسى من الله للتحقيق ، ولكنه لم يقع طلاقهن كما بينه تعالى في سورة " الأحزاب " ، بأنه تعالى خيرهن بين الله ورسوله ، وبين الحياة الدنيا وزينتها ، فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة فلم يطلقهن ، ولم يبدله أزواجا خيرا منهن .
وقد بين الشيخ - رحمة الله تعالى علينا وعليه - هذه المسألة وإخلال الزواج إليه وتحريم النساء بعدهن عليه عند قوله تعالى : ياأيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك الآية [ 33 \ 50 ] .
وقوله : ترجي من تشاء منهن [ 33 \ 51 ] .
وقوله : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن الآية [ 33 \ 52 ] .
وبين الناسخ من المنسوخ في ذلك في دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب .